التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٧
اعتناء بهما فانحصرت ذمائم القلب في الأخلاق السيئة كما يأتي بيانه ثم إن كانت عن قبيح يذم أو يعاقب صاحبه ففرض وإلا فنفل فانحلت الأقسام إلى ستة وأما طهارة الظاهر فبالحصر الاستقرائي لأنها إما عن الخبث بفتحتين فيه وفي قسيميه وهو النجس أو التفث وما هو يستهجن في البدن من فضلاته وغيرها أو الحدث وهو ما يوجب الوضوء أو الغسل ثم إن كانت مقدمة بواجب مشروط بها كطهارة الثوب واليد والوضوء للصلاة والطواف الواجبين أو جزء من واجب كالحلق والتقصير من الحج والعمرة ففرض وإلا فنفل فهذه أيضا ستة أقسام وورد عن النبي صلى الله عليه وآله الطهور نصف الايمان وهو بضم الطاء التطهر مصدر كالوضوء وبفتحها يرد مصدر أيضا كالقبول وآلة بمعنى ما يتطهر به كالسحور والوقود ومبالغة في الفاعل كالآكول وهو حث على الطهارة وتأكيد في أمرها من المبالغة المقبولة مجازا شايعا وكان النصف الآخر هو العمارة بالطاعة ظاهرا وباطنا أو إشارة إلى التخلية التي هي للقلب بمنزلة تنقية الأرض عن الأشواك والأعشاب الفاسدة والنصف الآخر هو التخلية التي هي بمنزلة غرس الأشجار المثمرة والقاء البذور الصالحة والايمان عبارة عنهما والباطن هو الأصل فإن الحركات الظاهرة إنما تنبعث منه كما ذكر ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رأى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة لو خشعت قلبه لخشعت جوارحه فهو الأولى والأهم بالتطهير وطهارته ملزومة لطهارة الظاهر ففي الحديث أن القلب في الجسد بمنزلة السلطان في الرعية فإذا صلح السلطان صلحت الرعية وإذا فسد فسدوا والسلف الصالح من قرن النبوة وهم من خير القرون ثم من بينهم الأقرب فالأقرب كانوا يبالغون فيه زيادة على مبالغتهم في غيره ويفحصون عن مقاماته ويتساءلون عن دقايق عيوبه وآفاته لمزيد اهتمامهم به كما سبق نقله ولكن لطهارة الظاهر أثر في تنوير الباطن كما يصادف عند إسباغ الوضوء وغسل الجمعة وسائر الأعمال الظاهرة فإنها مما يحس بتأثيراتها في النفوس ولو بعد التكرار ومن ثم يتمرن على الأعمال بكثرة المداومة عليها وهي مبدأ الملكات العادية كما يأتي لارتباط الملك وهو عالم الشهادة بالملكوت وهو عالم الغيب وانطباق كل منهما على الآخر وبسبب هذا الارتباط والانطباق والعلاقة الخفية بين العالمين ربما يسري حكم أحدهما إلى الآخر وتؤثر العلة المشهورة في المعلول الغيبي وبالعكس وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان قاعد مع أصحابه في المسجد فسمعوا هدة عظيمة فارتاعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أتعرفون ما هذه الهدة قالوا الله ورسوله أعلم قال حجر ألقي من أعلى جهنم منذ سبعين سنة وصل الآن إلى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة فما فرغ من كلامه صلى الله عليه وآله إلا والصراخ في دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وعلم الحاضرون أن الحجر هو ذلك المنافق الذي كان يهودي في جهنم مدة عمره فلما مات استقر في قعرها كما قال (تع) إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار والعارف تحقيقة العالمين وتفصيل المطابقة بينهما ينكشف له كثير من الأسرار ويصدق يقينا واعتقادا لا تقليدا بجميع ما ورد به الدين القيم من أحوال النشأة الآخرة ويحيط بتأويل كثير من الآيات المتشابهات قائلا آمنا به كل من عند ربنا ومن ثمة تصدق غالبا روية من اعتاد الصدق حتى عدت في الصديقين من أنواع الوحي وأجزاء النبوة فإن النفس إذا تمرنت بالصدق في حال اليقظة التي هي من عالم الشهادة سرى ذلك إليها في حال الرويا التي هي من عالم الغيب أو المراد أن الصدق يسري من اللسان إلى القلب والأول أقرب لفظا والثاني معنى ولأجل ذلك تكذب أيضا رؤيا الكذوب والشاعر وأمثالهما من المعتادين بالصور المتخيلة التي لا حقيقة لها كما يأتي في باب المنام ونبدأ ببيان طهارة الباطن وموجباتها بالترتيب المذكور لأنها الأهم كما ذكر باب جرائم الجوارح بالهمزة بعد الألف عوضا عن الياء الزائدة وهي ما يخالف حكمة (تع) من فعل ما حكم بتركه أو ترك ما حكم بفعله والفعل والترك حدثان فالجريمة هي نفس المخالفة دون ما يخالف أعني الهيئة المخالفة والحمل على معنى الهيئة لا يجري في الأخير إذ المعدوم لا هيئة له وكيف كان فهو من أجود التعاريف وتنقسم الجرايم مطلقا تارة إلى ما هو جريمة بأصل الشرع كشرب الخمر والزنا وما يصير جريمة بالنية والعزم كالأكل للتقوي على المعصية مثلا كما يأتي وأخرى إلى حقه (تع) محضا كافطار الصوم وترك الصلاة الواجبين وما يتركب من حقه (تع) وحق العبد كقتل النفس المحترمة وقطيعة الرحم ويضاف إلى العبد تغليبا إذ حق العبد أغلظ لأنه لا يغفر حتى يعفو عنه صاحبه كما يأتي وفي المتفق عليه ان الدواوين يوم القيمة ثلاثة ديوان يغفر وديوأن لا يغفر وديوأن لا يترك اما الذي لا يغفر فالاشراك بالله عز وجل وأما الذي يغفر فظلم الرجل نفسه فيما بينه وبين ربه وأما الذي لا يترك فمظالم العباد بعضهم لبعض والقسمتان على هذا الوجه حاصرتان للطاعات أيضا والضابط في الأخيرة أن ما تعلق به الخطاب الاقتضائي من الشارع إن كانت مصلحته مقصورة على المخاطب كالصلاة والحج فهو حق الله المحض وإن كانت غير مقصورة عليه بل لغيره فيه مصلحة فهو حق الآدمي أعني ذلك الغير سواء كان للمخاطب منها حظ كبذل العلم للمتعلم أو مقصورة عليه كانقاذ المتردي من البئر وسواء كان ذلك الغير محصورا بشخصه كأداء الأمانة إلى أهلها أو بوصفه كايتاء الزكاة إلى أصنافها أما لو لم يكن محصورا لا شخصا كان الحق معدودا من حقوق الله كالحدود والسياسات الشرعية التي يخاطب بها أولو الأمر لمصلحة عامة المكلفين وربما يوجد في كلام بعضهم الحاق المحصور بوصفه بغير المحصور إذ لا يجوز له المطالبة ولو كان الحق له لجازت له مطالبته فتندرج الزكاة وأمثالها في حقوق الله وفيه أن المستفاد من الروايات اندراج الزكاة في حقوق الآدميين على أن تخصيص ذي الحق بمن يجوز له المطالبة ممنوع إذ لا دليل عليه بل ربما يتفق الاستحقاق مع عدم جواز المطالبة كما في المحلوف له غموسا ومما ذكرناه يظهر أن اطلاق أكثرهم القول بأن الزنا من حقوق الله يحتاج إلى تفصيل وهو أن المزني بها إن كانت حرة مطاوعة خلية فكذلك وإن كانت أمة أو مكرهة أو ذات بعل أو ما تركب منها ثنائيا أو ثلاثيا غلب فيه حق الآدمي وفي الحديث يحكم البعل في حسنات الزاني وفيه دلالة على ما قلناه وإليه شيخنا البهائي زاد الله بهائه وأصرح منه ما رواه الصدوق في الفقيه مسندا عن أبي عبد الله (ع) في رجل فجر بجارية أخيه فما توبته قال يأتيه فيخيره فيسأله أن يجعله في حل ولا يعود قلت فإن لم يجعله من ذلك في حل قال يلقى الله زانيا خائنا
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360