التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٠١
تتميما للفائدة باب الطعام وهو بفتح الطاء ما يؤكل والمراد هنا ما يعم المشروب وجميعه بأنواعه كساير ما في الأرض مخلوق لمنافع العباد لتطيب نفوسهم بما يلائمهم ويحفظ عليهم الحياة و كمالاتها من صحة البدن والعقل الذي هو أشرف الخواص الانسانية فإن الله خلق ابن آدم أجوف لا بد له من الاغتذاء لولا ذلك لانتهك البدن بما فيه من القوة المحللة واختلت الحواس في أقرب وقت والهمة دون سائر الحيوان علاج الأغذية الصناعية وتركيب بعض الأعيان ببعض توسعة في النفع وتوفيرا في المصلحة قال الله سبحانه خلق لكم ما في الأرض جميعا وهو مما يستدل به على أصالة الإباحة فما طاب منه عرفا بحيث لا يستكرهه نفوس أوساط الناس في حال الاختيار وطهر شرعا فهو حلال بالأصل وإن عرضه التحريم أحيانا إلا ما ورد النص بحرمته سواء ورد النص بحله أم لا لعموم قوله تعالى أحل لكم الطيبات وقوله يحل لكم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وقول أبي عبد الله (ع) كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي خلافا لمن جعل الأصل التحريم أو التوقف وهو أيضا قول بالتحريم من حيث لا يشعر القائل وما خبث عرفا كالفضلات كالوسخ والمخاط ونحوهما أو أضر بشئ مما ذكر فهو حرام سواء كان ضرره بالحياة كالسموم القاتلة وهي الأعيان المشتملة على كيفية ردية من حرارة أو برودة مفرطتين أو صورة نوعية معاندة لجوهر الروح بحيث إذا خالطت البدن لا بد أن يستفرغ أحدهما سواء كانت نباتية كالأفيون والبيش أو حيوانية كالذراريح والأرنب البحري أو معدنية كالزاج والزرنيخ أو بالصحة كالطين فورد عن أبي جعفر (ع) أن أكله يورث السقم في الجسد ويهيج الداء وأنه يوقع الحكة ويورث البواسير ويذهب بالقوة من الساقين والقدمين وما نقص من علمه فيما بينه وبين صحته قبل أن يأكله حوسب عليه وعذب به وفي النبوي وغيره من أكل الطين فمات فقد أعان على نفسه وفي حكمه المدر وإن كان أقل غائلة منه وقد ورد النهي عنه في بعض الأخبار والتراب يشاركه في التأثير أو يربو عليه ومن ثم قطع بعضهم باشتراكه معه في الحكم فيلزم انسحابه إلى كثير من الأغذية التي تترتب عليها آثار غير محمودة من المفردات والمركبات كما دونه المجربون ولا سيما على مساق كلام المصنف حيث جعل مناط التحريم الاضرار بالصحة وذكر الطين بطريق التمثيل وهو مشكل جدا إلا أن يقال بعد تسليم ما دونوه أن ما عداه وإن اشتمل على بعض أنواع الضرر إلا أنها لا تخلو عن بعض أنواع النفع كما دونوه أيضا ولا أقل من اغتذاء البدن به حيث يصلح بدلا عما يتحلل منه بخلاف الطين فمن ثم حرم دونها ولا فرق بين كثيره وقليله حسما لمادة الفساد كما هو المعهود في مثله من محاسن الشرع إلا إلى قدر حمصة فما دون من طين قبر الحسين (ع) للاستشفاء من غير شهوة لأكل الطين فإنه شفاء من كل داء وأمان من كل خوف كما ورد والروايات في ذلك كلها واردة بلفظ الطين إلا مرسلة الشيخ في المصباح فبلفظ التربة وهي المتضمنة للتقدير بقدر الحمصة وهو قرينة أن المراد به الطين أيضا فتعدية الرخصة إلى التراب كما فعله بعضهم خروج عن اليقين والمراد بطين الحسين (ع) ما جاور قبره الشريف عرفا أو ما حوله إلى سبعين ذراعا وروي أربعة أميال وأربعة فراسخ وثمانية وورد في الطين الأرمني جواز الاستفاف به مقلبا للزحير وفي بعض الروايات أنه من طين قبر ذي القرنين وأن طين قبر الحسين (ع) خير منه وروي الاستشفاء بطين قبر رسول الله صلى الله عليه وآله والحسن والسجاد والباقر (ع) لكنها خالية عن رخصة الأكل محتملة لغيره من طرق الاستشفاء فليقتصر على مورد النص أو بالعقل الذي هو مناط التكليف كالمسكر وهو كل ما اشتمل على كيفية توجب السكر في غالب الأمزجة والسكر كيفية نفسانية موجبة لانبساط الروح تتبع استيلاء الأبخرة الحارة الرطبة المتصاعدة إلى الدماغ على بطونه بسبب عروض ما يوجبه وربما يتعطل معه لشدته الحس والحركة الإرادية أيضا وقد يخص الأخير باسم الاغماء والمعتبر في التحريم اسكار كثيره عادة فيحرم قليله ولو مستهلكا حسما للمادة وقد استفاضت النصوص بأن ما أسكر كثيره فقليله حرام مايعا كان كالخمر أو جامدا كالبنج وما ألحق به في الروايات كالفقاع فورد أنه خمر مجهول وأنه الخمر بعينها وأن حده حد شارب الخمر وهو كرمان الشراب المتخذ من الشعير حتى يوجد فيه الغليان بأن يتحرك فينقلب أسفله أعلاه ولا يحرم بدونه كما في صحيحة ابن أبي عمير عن مرازم قال كان يعمل لأبي الحسن (ع) الفقاع في منزله قال ابن أبي عمير ولم يعمل فقاع يغلي وذكر بعض المعتنين بهذا الشأن أنه شراب يتخذ من مياه الحبوب والأثمار الرطبة واليابسة إذا نقعت ويضاف عليها من الأبازير و العقاقير ما يصلحها ويعدل مزاجها ولا يختص بالشعير ولا بالزبيب كما ذكره آخرون وأنه إن قصد تسخينه كثيرا ترك حتى يغلي وربما زيد عليه العسل أو الأبلوج وإلا استعمل قبل ذلك ولا يكاد يسكر إلا إذا غلى كثيرا وتقادم به العهد وأبردها وأقلها غائلة فقاع الشعير وكذا العصير العنبي إذا غلى واشتد قبل أن يذهب ثلثاه فهو حرام إلا أن يستحيل خلا والعبارة باطلاقها شاملة للغليان بالنار والشمس وغيرهما وكذا النصوص إلا أنها خالية عن اشتراط الاشتداد ومن ثم اقتصر في المفاتيح على الأول ولا يبعد ادعاء التلازم بينهما فإن الحرارة المؤثرة فيه بالغليان لا بد أن تحلل شيئا من أجزائه الرقيقة المائية وتصعدها أبخرة هوائية كما هو ظاهر وعن التقييد بالعنبي بل موردها مطلق العصير كصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) كل عصير أصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وحسنة حماد بن عثمان عنه (ع) لا يحرم العصير حتى يغلي و نحوهما ومن ثم لم يقتصر بعض الأصحاب على العنبي بل أجرى الحكم في التمري والزبيبي أيضا وأما بقية أنواع العصير كالربوبات والمياه المعتصرة من الفواكه والبقول فقد نقل رهط من المحققين
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360