التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣١٣
رسول الله صلى الله عليه وآله وفي رواية أبي بصير وغيرها عن أبي عبد الله (ع) أن الرجل منكم يشرب الشربة من الماء فيوجب له بها الجنة ثم فسرها بما ذكر وفي رواية عمر بن يزيد أنه يسبح ذلك الماء له ما دام في بطنه إلى أن يخرج وورد في النبوي وغيره مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا فإن الكباد من العب والعب شرب الماء بغير مص والكباد كغراب داء الكبد وهذا مما حذر عنه الأطباء أيضا سيما في الشتاء ولا يشرب في آنية الذهب والفضة ولا المفضضة والمشهور أن حكمها في الشرب حكمها في الأكل وفي موثقة سماعة لا ينبغي الشرب في آنية الذهب والفضة وروى المحمدون الثلاثة وصاحب المحاسن في الموثق عن بريد العجلي عن أبي عبد الله (ع) أنه كره الشرب في الفضة وفي القدح المفضض وكره أن يدهن من مدهن مفضض والمشط كذلك وزاد الصدوق فإن لم يجد بدا من الشرب في القدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة وفي صحيحة عبد الله بن سنان لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضض واعزل فمك عن موضع الفضة وهكذا ذكره الأصحاب أيضا والمستفاد منها أن المراد بالمفضض ما أصله من خزف أو نحاس أو غيره ركب على حاشيته قطعات من فضة مصمتة أو مشبكة أوصالا مفصولة بعضها عن بعض أو نقشت كذلك بفضة محلولة أو سمرت بها وشموله لما علق عليه حلقة من فضة في غاية البعد وأما المموه سواء كانت طلاء يتعذر تخليصها بالنار أو صفايح ممكنة فلا يبعد اندراجه في الفضة ولا سيما الأخير والأحوط اجتناب الجميع واجتناب المذهب بطريق أولى وإن كان خارجا عن الروايات ويشرب من آنية الخشب والخزف ولا سيما الأقداح الشامية ففي النبوي أنها أنظف آنيتكم وورد عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اشربوا الماء بأيديكم فإنها من خير أوانيكم حيث مر بقوم يشربون الماء بأفواههم في غزوة تبوك ويشرب قائما بالنهار فإنه أقوى وأصح للبدن وأدر للعرق ويمرئ الطعام وجالسا بالليل فإن القيام فيه يورث الماء الأصفر وينظر فيه قبل الشرب ليميط ما به من أذى إلا ينفخ فيه ولا يتنفس فيه بل ينحيه عن فمه إذا أراد ذلك أو المراد النهي عن التنفس شاربا لأن الحجاب الموضوع على فم الحلقوم المنطبق عليه حين الأكل والشرب ينكشف حين التنفس فيخاف أن يدخله شئ من المشروب فتتعب الطبيعة في دفعه ومن ثم ورد النهي عنه حين ابتلاع اللقمة أيضا بل هي أعسر دفعا وكثيرا ما قتل صاحبه ولا يتجشأ في الكوز بل ينحيه ويصرف وجهه ويحفظ أسفله عن الترشح عليه وتلويث ثيابه ويشرب من ما يقابل العروة من شفته فإن كان له عروتان فمن إحدى شفتيه أو ثلاثة فمن شفته الوسطى ويجتنب الشرب من فم السقاء واختناثه أي أن يكسر فاه فيشرب منه للنهي عنهما في النبوي وأذن الكوز وهو عند عروته فإنه مجتمع الوسخ ومشرب الشيطان وموضع كسره فإنه مقعده وروي أيضا مشرب الشياطين ويدعو بعد الشرب بالمأثور وهو الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا ولم يسقنا ملحا أجاجا ولم يؤاخذ بذنوبنا وروي غيره ويذكر الحسين (ع) ويلعن قاتليه فعن أبي عبد الله (ع) ما من عبد شرب الماء فذكر الحسين (ع) وأهل بيته ولعن قاتله إلا كتب الله له مائة ألف حسنة وحط عنه مائة ألف سيئة ورفع له مائة ألف درجة وكأنما أعتق مائة ألف نسمة وحشره الله يوم القيامة ثلج الفؤاد ويتبرك بسؤر المؤمنين ويستشفى به ولا سيما الكبار فإنهم أبرك وورد في المستفيض سؤر المؤمن شفاء وزيد في بعضها من سبعين داء ولا يرد الماء إذا عرض عليه فإنه من رد الكرامة على وجه بل يشرب ولو قليلا ولا يعرض عنه وكأنه مستدرك وإذا كانوا جماعة فشرب أولهم يدار الكوز على الباقين بالأيمن فالأيمن وكذا كل ما يدار على قوم يدار يمته باب الضيافة قال رسول الله صلى الله عليه وآله الضيف يجئ برزقه ويذهب بذنوب أهله أما ذهابه بذنوب أهله فسبيله السمع وهو مناسب لقواعد الفضل و الرحمة فإن الحسنات يذهبن السيئات فينبغي تقييده بما إذا كانت الضيافة عن سخاوة منهم و طيب نفس لا كراهة أو رياء أو نحوهما وأما مجيئه برزقه فمما يعرف له سبب من جهة الطبيعة وذلك أن كل مولود يقدم إلى فضاء الدنيا فالجزء الواقع من الفلك الأعظم على الأفق الشرقي في بلاده حينئذ وهو الطالع هو الذي يلي تربية نفسه وبدنه والذي يليه عليه التوالي تربية رزقه ومعاشه وهكذا سائر أحواله في تدبير سائر أجزاء الفلك إلى تمام البروج الاثني عشر الذي يكمل بها الدورة كما أن مدبر النفس والبدن يلي ايصال مدد الحياة إليه على الدوام من غير انقطاع إلى أن يبلغ الكتاب أجله سواء كان في وطن أو سفر بر أو بحر كذلك مدبر المعاش وسياقه الرزق إليه مدة الحياة أينما كان في بيته أو بيت غيره وهذا هو الرزق الذي وردت الرواية أنه يطلبك وربما يكون مدبر الرزق في بعض الأشخاص مسعودا قوي التأثير فيسري فيضه إلى من يلابسه ويتصل به ضرب اتصال ومن ثم ورد الأمر بمشاركة من أقبل عليه الرزق فإنه أجلب للرزق وأمر من اشتكى الفقر بالتزويج رجاء لحصول السعة بمواصلة الزوجة كما قال (تع) أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وقد شاهدنا كثيرا نزول الأضياف على من لا يملك بلغة يومه فتسهلت عليه الأمور ما داموا على بساطه بأسباب غير محتسبة ثم لما ارتحلوا عنه انقطعت تلك الأسباب وعاد إلى ما كان عليه من سوء الحال والنكد وفي حديث آخر لا خير فيمن لا يضيف من باب الأفعال أو التفعيل وذلك لأن اطعام الطعام مما يقتضيه الطبع السليم ويستحسنه العقل الرزين وهو من السنن المحبوبة لله عز وجل فالتارك له منسلخ عن حكم الطبع والعقل والشرع وفي الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أكلة يأكلها أخي المسلم عندي أحب إلي من أن أعتق رقبة وحقها أن يبتدئ المضيف بوضع اليد في الطعام ويتأخر برفعها عنه وهما من السنة ولا يستخدم الضيف فعن أبي جعفر (ع) أنه من الجفاء ولا يمكنه أن يخدم ولو باصلاح الفتيلة ويبتدئ بالغسل قبل الأكل لأنه يدعو الناس إلى كرمه فحكمه أن يتقدم ليتبعوه وفي رواية ابن عجلان لئلا يحتشم أحد ثم من كان جالسا على يمينه إلى الباب
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360