التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٧٣
قال بعضهم ولا الترتيب بين الأيام الفايتة فلو نوى تقديم آخرها جاز وكذا لا ترتيب بين أفراد الواجب كالقضاء والكفارة فله تقديم ما شاء منهما خلافا لبعضهم إذ منع من صوم النذر والكفارة لمن عليه قضاء شهر رمضان لوجوبه بأصل المشرع فهو أولى بالتقديم وهو كما ترى وللعلامة في المختلف تفصيل حسن وهو أن النذر إن كان معينا وجب تقديمه في أيامه وإن كان مطلقا أو كان الصوم عن كفارة فإن تضيق القضاء قدم وإلا تخير ولا يتطوع بالصوم من عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان حتى يقضيه ومنهم من أطلق المنع وهو خروج عن مورد النص بإزاء من أطلق الجواز ولو لم يتمكن من الواجب جاز قطعا كصوم شعبان ندبا لمن عليه كفارة كبيرة كما نبه عليه في الدروس ويستحب قضاء الثلاثة الأيام السنة إن فاتت من غير عذر مطلقا كما هو الظاهر والمنصوص السفر والمرض فإن لم يفعل مطلقا تصدق عن كل يوم بمد من طعام كما في صحيحة عيص بن القاسم وفي أخرى من قوت أهله الذي يقوتهم به أو درهم كما في رواية عقبة وغيرها إلا أنها جميعا ظاهرة في العاجز باب فوايد الجوع المنطوي عليها الصائم أوردها تنبيها على حكمة الشارع في التكليف به وهي كثيرة والمذكور منها عدة مترتبة بعضها على بعض منها وهو الأصل الأول صفاء القلب ورقته بتقليل دمه وذوبان شحمه فيصير كالمرأة المجلوة يلوح فيه جمال الحق كما سبق وقد تقدم عن المسيح صلوات الله عليه عوجوا لعل قلوبكم ترى ربكم وهو أحد الوجهين في قوله صلى الله عليه وآله للصائم فرحتان فرحة عند الافطار وفرحة عند لقاء الملك الجبار ومنها الاستلذاذ بالطاعة والمناجاة فكم من عمل يعتني به الانسان وذكر يجريه على اللسان مع حضور القلب ولكن لا يلتذ به القلب ولا يتأثر عنه حتى كان بينه وبينه حجابا من قساوة القلب وقد يرق في بعض الأحوال فيعظم تأثره بالذكر وتلذذه بالمناجاة وخلو المعدة هو السبب الأظهر فيه ومن ثم قال بعض السلف يجعل أحدهم بينه وبين الله مخلاة من الطعام ويريد أن يجد حلاوة المناجاة ومنها الانكسار المانع عن المعصية والغفلة عن الله فإن أقوى الأسباب فيهما طغيان النفس الأمارة وهي لا تذل بشئ كما تذل بالجوع فإذا ضعفت منتها وضاقت حيلتها بلقمة طعام فاتتها واظلمت عليه الدنيا بشربة ماء تأخرت عنها عرفت ذلها وعجزها وما لم تعرف ذلك من نفسها لا تعرف عزة مولاها وقهره فالانكسار باب من أبواب الجنة إذا فتح على الانسان أغلق عنه الباب الذي بإزائه من أبواب النيران ومنها ذكر جوع الفقراء ليحركه ذلك إلى صلتهم بالبر والاطعام فإن الشبعان في غفلة من حال الجائع وعطش العرصات وجوع الذين ليس لهم طعام إلا من الزقوم والضريع ولا شراب إلا من الحميم فإن تذكر عذاب الآخرة من أظهر الدواعي إلى الخوف وهو من المقامات العالية كما مر ومنها كسر شهوة الفرج المستولية بالشبع فإن كثرة الغذاء مكثرة للمني فإذا امتلأت أوعيته اقتضت الطبيعة دفعه وتفريغها وقامت الشهوة ولا علاج لذلك أنفع من الجوع فإنها تشتغل بما يحسه من ألمه عن الحركة لاخراج المني ويتحلل ما اجتمع في أوعيته منه بالقوة المحللة فتسكن الشهوة وتضعف ومن ثم ورد في الحديث النبوي وجاء أمتي الصوم ومنها دفع فضول النوم الذي يلزمه الشبع غالبا بنفسه أو لما يلزمه من كثرة شرب الماء وهو يكل الطبع ويبلد الذهن ويضيع العمر ويفوت القيام للاعتبار والتهجد ومن ثم كان يقول بعض المشايخ لمن على سفرته لا تأكلوا كثيرا فترقدوا كثيرا فتخسروا كثيرا ومنها يسر المواظبة على الطاعة سيما ما يشمل منها على الحركات الجسمانية لخفة البدن والفراغ عن الاهتمام في أمر المأكول بالتحصيل والاعداد بالاصلاح والنضج وغيرهما فإن أكثر أغذية الانسان صناعية ليست طبيعية لا بد فيها من أنواع العلاجات والتعملات وفي الخبر أن آدم (ع) لما هبط إلى الأرض عمل ألف عمل حتى صلح له قرصة من خبز وزاد على الألف واحد وهو أنه صبر إلى أن تبرد فيأكلها هذا كله قبل الأكل ونفس الأكل وما يتبعه من التبعات والطاوي إذا دخل المسجد ربما يلبث فيه زمانا مديدا مشتغلا بالعبادة ولا يحتاج إلى الخروج لشرب الماء أو إراقته والملآن بخلاف ذلك ودفع الأمراض الشاغلة عنها المهروب عنها بالذات أيضا ولولا الوصف لأمكن رفع الدفع فائدة أخرى والأمراض إنما تتولد غالبا من التخمة والامتلاء وهي أكثر أسباب الموت كما يشهد به العقل والنقل فورد في الحديث النبوي صوموا تصحوا وفي حديث أمير المؤمنين (ع) المعدة بيت كل داء والحمية رأس كل دواء واعط كل بدن ما عودته ومنها خفة المؤنة وسهولة الأمر فإن من تعود قلة الأكل أمكنه الاكتفاء بالقليل من المال والذي تعود الامتلاء صار بطنه غريما متقاضيا له فيحتاج إلى أن يدخل المداخل ويرتكب المشاق والأخطار للزيادات فطلب الزيادة يورث التعب والمذلة بالطمع مما في أيدي الناس وربما يتعسر من حلال فينجر إلى تحصيل الحرام والشبهة وعن بعض الحكماء إذا أردت أن استقرض من غيري لشهوة أو زيادة استقرضت من نفسي فتركت الزيادة ومنها امكان ايثار الفاضل عما يقيم به صلبه من الأطعمة على المساكين ليكون في ظله يوم القيامة كما جاء في الخبر أن المتصدقين يكونون في ظلال صدقاتهم وورد عن أبي عبد الله (ع) ما من شئ أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل وهي مورثة شيئين قسوة القلب وهيجان الشهوة والجوع أدام للمؤمن وغذاء للروح وطعام للقلب وصحة للبدن الحديث وإنما كان الجوع أداما للمؤمن لأنه إنما يأكل
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360