التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٦٩
من لحومهم ويكف سمعه عن الاصغاء إلى الآفات المذكورات فإن المستمع شريك القائل ومن اصغي إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق يحكي عن الله فقد عبد الله وإن كان يحكي عن الشيطان فقد عبد الشيطان ويمسك يده عن الضرب والبطش بغير حق والظلم وأذى الخادم وغيره ممن تحت اليد وأخذ الحرام وفعله ولو إشارة ويشغلها بمناولة الفقراء وكتابة القرآن والعلوم ومعاونة الضعفاء ورجله عن المشي إلى ما يكره ويذم بل يسعى بها إلى المساجد ومدارس العلوم وزيارة الإخوان وقضاء الحقوق وكذلك سائر جوارحه يكفها عما يضره ويشغلها بما ينفعه وعن أبي عبد الله (ع) إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وعدد أشياء غير هذا وقال لا يكون يوم صومك كيوم فطرك وعنه (ع) إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ثم قال قالت مريم إني نذرت للرحمن صوما أي صمتا وإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا قال سمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تسب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بطعام فقال لها كلي فقالت إني صائمة فقال كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب فقط ثم قال أبو عبد الله (ع) إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ودع المراء وأذى الخادم وليكن عليك وقار الصيام ومن الآداب أيضا أن يتسحر الصائم مطلقا و لا سيما في الواجب المعين وفي شهر رمضان آكد فورد في الحديث النبوي تسحروا ولو بجرع الماء ألا صلوات الله على المتسحرين وعن سماعة قال سألته عن السحور لمن أراد الصوم فقال أما في شهر رمضان فإن الفضل في السحور ولو بشربة من ماء وأما في التطوع فمن أحب أن يتسحر فليفعل ومن لم يفعل فلا بأس ويستفاد منهما ومما في معناهما أن أقله الماء وأما أفضله ففي صحيحة حفص عن أبي عبد الله (ع) أفضل سحوركم السويق والتمر وكلما قرب من الفجر كان أفضل والغرض المقصود منه أكمل ولا يجب الامساك بمجرد الاحتمال والظن بل له أن يتسحر ويأتي بغيره من المفطرات إلى أن يستيقن طلوع الفجر روى سماعة قال سألته عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال أحدهما هو ذا وقال الآخر ما أرى شيئا فقال فليأكل الذي لم يتبين له الفجر وليشرب وقد حرم الله على الذي زعم أنه رأى الفجر لأن الله يقول وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وفي رواية إسحاق بن عمار قلت لأبي عبد الله (ع) أكل في شهر رمضان بالليل حتى أشك قال كل حتى لا تشك وأن يفطر على حلو وفي حديث أبي عبد الله (ع) الحلواء فإن لم يجد فسكرة أو تميرات فإن أعوز ذلك كله فالماء الفاتر فإنه يغسل درن القلب والذنوب غسلا وينقي المعدة والكبد ويطيب ريح النكهة والفم ويقوي الأضراس والأحداق ويجلو الناظر و يسكن العروق الهايجة والمرة الغالبة ويقطع البلغم ويطفئ الحرارة عن المعدة ويذهب بالصداع وأن يؤخره عن الصلاة ليؤديها صائما فيكون قد بدأ بأفضل الفرضين وتكتب صلاته وهو صائم إلا أن ينتظر افطاره فلا يخالف عليهم كما في موثقة الفاضلين أو تنازعه نفسه للافطار كما ذكره غيره لمرسلة المفيد قال وروي في ذلك أيضا أنك إن كنت ممن تنازعك نفسك للافطار وتشغلك شهوتك عن الصلاة فابدأ بالافطار ليذهب عنك وسواس النفس اللوامة وقد تقدم في كتاب الصلاة ما ينبه عليه أيضا واستدل في المفاتيح بمفهوم مرسلة ابن بكير يستحب للصائم إن قوي على ذلك أن يصلي قبل أن يفطر وبما ذكرناه يتبين حال ما قيل إن الأولى تقديم الصلاة في هذه الصورة لاطلاق النصوص ومخالفة النفس في الميل إلى خلافه فإن الخير عادة انتهى وكان الصلاة المقدمة هي المغرب خاصة كما قاله في الوافي لأنهم كانوا يفرقون بين الصلاتين وأن يفطر الصائمين باطعامهم ما يفطرون به ولو دون شبعهم ولو شق تمرة أو مذقة من لبن أو شربة من ماء فورد عن أبي الحسن (ع) فطرك وفيما عندنا من نسخ الكافي والفقيه تفطيرك أخاك الصائم خير من صيامك وأن يجتنب تناول الحرام البين والشبهة وقت الافطار لئلا يكون من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فإن مثل من يكف نفسه عن الحلال ويفطر على الحرام أو الشبهة مثل من يبني قصرا ويهدم مصرا فيكون إثمه أكبر من نفعه فإن الطعام الحلال يضر بكثرته لا بنوعه والصوم لتقليله وتارك الاستكثار من الدولة خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها وأن لا يستكثر فيه من الحلال بحيث يمتلئ فورد في النبوي ما من وعاء أبغض إلى الله من بطن ملئ من حلال وكيف يستفاد من الصوم كسر الشهوة وتضعيف النفس البهيمية وقهر عدو الله إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحاة نهاره وربما يزيد عليه في ألوان الطعام كما استمرت العادات بادخار الأطعمة الفاخرة لشهر رمضان فيؤكل فيه من الطيبات والمستلذات ما لا يؤكل في غيره وإذا مطلت المعدة ضحاة النهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أطعمت من اللذات وأشبعت وملأت زادت لذتها وتضاعفت قوتها وانبعث فيها من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها ومقتصر الهم طول نهاره على ترتيب المتناولات وتهيئتها وطرفي ليله على تناولها وقضاء الوطر منها وفي خلال ذلك بتهنئتها وهضمها واخراج أثقالها وتبعاتها فما أبعده عن ادراك معنى الصوم وسره وحقيقته والحكمة الباعثة على شرعيته والحث عليه وادراك ليلة القدر فإنها عبارة عن ليلتك التي ينكشف لك فيها شئ من الملكوت وعبيد البطون عن ذلك لمحجوبون وأن يكون مع ذلك كله غير متكل على عمله وإن بالغ في تخليصه وتمحيصه بل يكون قلبه عند الافطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء لا يدري أيقبل صومه فيكون من المقربين الفائزين بجوائز ليست كجوائز العباد أو يرد عليه فهو من الممقوتين الذين ليس لهم من صومهم إلا الجوع والظما كما ورد باب الخلل وتداركه ليس على الناسي شئ من قضاء وكفارة وإثم في شئ من أنواع الصيام المسنونة
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360