التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٢٧
الناس وفي انطباقه على ما هو بصدده من تعسر الاحتياط فيه خفاء ولو مثل به لما يلوث الباطن كان أظهر أو لأنه يكره فيه قضاؤه (تع) كشراء الحيوان للبيع أو الاكراء فإنه معرض لآفات كثيرة زيادة على غيره من الأموال أو يكره فيه سلامة الناس كبيع الأدوية أو حياتهم كبيع الأكفان فإنه يسره الوباء أو لأنه يؤذن بالضعة ومهانة النفس كالنداء والسقاية والسمسرة واكراء الدواب وهذا مما يختلف الحكم في بعض أنواعه باختلاف الأشخاص والأحوال في درجات المروة وغيرها ولا ينافي الحكم بكراهة هذه المكاسب وجوبها كفاية من حيث توقف النظام عليها لأنها مختصة بحال تأدى الفرض بقيام الغير بها أو لأنه يستبدل معه الدنيا بالآخرة ويفوت الثواب الجزيل بالحطام القليل كأخذ الأجرة على تعليم القرآن فورد أنه حظه يوم القيامة ومثله الأذان والإمامة والقضاء والشهادة بل كل عبادة بدنية محضة كتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم وتعليم المعارف والشرايع وقراءة القرآن ونحو ذلك مطلقا و إنما خالف السياق تنصيصا على محل الكراهة عنده بالخصوص وهذا أحد الأقوال في المسألة وقيل بكراهة التكسب بها مطلقا وقيل بالتحريم كذلك وفصل بعضهم بالمنع في الواجب منها مطلقا أو العيني خاصة والجواز في غيره ومنهم من خص المنع بغير المحتاج وفصل آخرون بالشرط وعدمه إلى غير ذلك من الأقوال التي يقصر عنها الدليل والذي مال إليه في المفاتيح أن ما يعتبر فيه نية التقرب لا يجوز أخذ الأجرة عليه مطلقا لمنافاته الاخلاص نعم يجوز فيه الأخذ إن أعطى على وجه الاسترضاء أو الهدية أو الارتزاق من بيت المال ونحو ذلك من غير تشارط وأما ما لا يعتبر فيه ذلك بل يكون الغرض منه صدور الفعل على أي وجه اتفق فيجوز أخذ الأجرة عليه مع عدم الشرط فيما له صورة العبادة فيكون مسقطا للعقاب عمن وجب عليه وإن لم يكن موجبا للثواب له وأما جواز الاستيجار للحج مع كونه من القسم الأول فلأنه إنما يجب بعد الاستيجار وفيه تغليب لجهة المالية فإنه إنما يأخذ المال ليصرفه في الطريق حتى يتمكن من الحج ولا فرق في صرف المال في الطريق بين أن يصدر من صاحب المال أو نائبه ثم إن النائب إذا وصل مكة وتمكن من الحج أمكنه التقرب به كما لو لم يكن أخذ أجرة فهو كالمتطوع أو تقول إن ذلك أيضا على سبيل الاسترضاء للتبرع أما الصلاة والصوم فلم يثبت جواز الاستيجار لهما هذا كلامه زيد اكرامه وهو كما ترى ويأتي للأخير تتمة في كتاب الجنائز والكسب سنة الأنبياء والأولياء وكان داود وسليمان بما اتهما الله (تع) من الملك لا يأكلان إلا من كسب أيديهما وكذلك يحيى وزكريا (ع) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وهو صغير في نفقة عمه أبي طالب فلما ترعرع أنف عن ذلك وكسب لنفسه واتجر ببضاعة خديجة إلى أن تزوجها وكان أمير المؤمنين (ع) يعمل بالبيل ويصلح المسناة ويغرس العذق بيده وقد روي من الطريقين أنه أعتق ألف مملوك من كد يمينه وكذلك أولاده المعصومون صلوات الله عليهم والنهي عن العطلة والفراغ والكسل والاتكال على معونة الناس بالسؤل أو غيره والتوبيخ على ذلك مستفيض عنهم عليهم السلام فورد في حديث أبي عبد الله (ع) أيعجز أحدكم أن يكون مثل النملة فإن النملة تجر إلى حجرها وفيه لا تكسل عن معيشتك فتكون كلا على غيرك وعن النبي صلى الله عليه وآله ملعون من ألقى كله على الناس وذلك أن الله (تع) خلق الانسان مدني الطبع لا يستقيم معاشه إلا باجتماع جماعة من أبناء النوع يتعاونون على تقويم مصالحهم الضرورية من علاج المساكن واستنباط المياه وزرع الحبوب وغرس الأشجار والحصاد والطحن والخبز واصلاح سائر الأقوات الصناعية والحياكة و الخياطة وتهيئة الآلات وغير ذلك مما لا يخفى ومن المعلوم أنه لا يستقل كل واحد من الأفراد بجميع ذلك بل لا بد من أن يشتغل بكل منها طائفة من الناس لينتظم أمر الجميع بالجميع فيكون قد كفى بعضهم بعضا فالزارع يعين الحايك بزرعه والحايك يعينه بحياكته وهما يعينان الخياط وهو يعينهما وهكذا فكل واحد منهم معين مستعين وينجبر دخوله في ذل الاستعانة بتلافيه بعز الإعانة والبطال الملقي كله على غيره مستعين لا معين يطعم ولا يطعم ومن ثم كان من أذل الناس وأبعدهم عن الخير لانسلاخه عن الفطرة الانسانية و قد ورد في ذم السؤال ما تقدمت الإشارة إليه وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يبايع المؤمنين على أن لا يسألوا الناس شيئا فكان أحدهم إذا سقط سوطه ينزل لتناوله ولا يسأل من بحضرته من المشاة أن يناوله وعن أبي عبد الله (ع) الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله وعن النبي صلى الله عليه وآله من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم بطلب المعيشة وفي آخر أنه سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل فقيل أصابته الحاجة قال فما يصنع اليوم قيل في البيت يعبد ربه فقال من أين قوته قيل من عند بعض إخوانه فقال والله الذي يقوته أشد عبادة منه باب الآداب المهمة وهي أن ينوي به التعفف عن الناس والسعي على الأهل والتعطف على الجار ففي الصحيح عن أبي جعفر (ع) من طلب الرزق في الدنيا استعفافا عن الناس وسعيا على أهله وتعطفا على جاره لقي الله عز وجل يوم القيامة و وجهه مثل القمر ليلة البدر وإقامة فرض الكفاية في صناعات يتوقف عليها العيش كما مرت الإشارة إليه وأن يتفقه أولا فيما يريد أن يتوليه من العمل بتعلم مسائله وأحكامه ولو تقليدا ليعرف صحيحه من فاسده و في حديث أمير المؤمنين (ع) الفقه ثم المتجر وأن يجمل في الطلب ولا يحرص فيه كما سبق في النبوي المستفيض أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شئ من رزق الله أن تطلبوه بشئ من معصية الله وعن أبي عبد الله (ع) ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيع ودون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن إليها ولكن أنزل نفسك من ذلك منزلة المنصف المتعفف ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف وتكسب ما لا بد للمؤمن منه وأن يحترز الطلب على وجوه مخصوصة فلا يشتغل به فيما بين الطلوعين لأنه وقت دعاء ومسألة وروي أنه نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن النوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ولا كل الليل فعن أبي عبد الله (ع) من بات ساهرا في كسب ولم يعط العين حظها من النوم فكسبه ذلك حرام وعنه (ع) الصناع إذا سهر والليل كله فهو سحت ولا يركب له البحر وإن ظن السلامة وفي النبوي وغيره ما أجمل في الطلب من ركب البحر وعن أبي جعفر (ع) أنه يضر بدينك ولا يتجر إلى أرض لا يستطيع أن يصلي إلا على الثلج فإن فعل فلا يعود
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360