التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٧٥
عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في الاعتكاف ببغداد في بعض مسجدها قال لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة صلى فيه إمام عدل بصلاة جماعة ولا بأس بأن يعتكف في مسجد الكوفة والبصرة ومسجد المدينة ومسجد مكة وفي المفاتيح منع الاجماع ودلالة الحديث فإن الإمام العدل لا يختص بالمعصوم كالشاهد العدل إلا أن يجعل ذكر هذه المساجد قرينة على إرادة المعصوم فيحمل على نفي الفضيلة ومنهم من بدل البصرة بالمداين ومنهم من جمعهما فخمس المحل ومنهم من جعل الضابط ما صلى فيه المعصوم جمعة وتظهر ثمرة الخلاف في المداين فإن المنقول أن الحسن (ع) صلى فيه جماعة لا جمعة وينبغي للمعتكف إذا اعتكف أن يشترط كما يشترط الذي يحرم كذا في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) والمراد اشتراطه على ربه أولا وهو عند النية في المتبرع به والنذر في المنذور ومال في المفاتيح إلى جوازه فيه أيضا عند النية إذا كان مطلقا أن يخرج من الاعتكاف إن بدا له في ذلك بأن يقول اللهم حلني حيث حبستني فيخرج حينئذ متى شاء لعذر أو غيره وإن وجب مما سيأتي أو لم يكن ضرورة وفي اطلاق اشتراطه الخروج إن بدا له موافقة للشهيد في الدروس ومقتضى تشبيهه في الصحيحة وغيرها بشرط المحرم تقييده بالعارض كما في المفاتيح وهو أعم من الضرورة إذ معها يجوز الخروج مطلقا وإن لم يشترط وهو في الأصل مستحب ولا يجب إلا بالالتزام بالنذر وأخويه أو مضي يومين فيجب اليوم الثالث فيصير كالحج والعمرة لا يجوز قطعهما وإن كانا بالأصل مندوبين لصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له أن يفسخ اعتكافه حتى تمضي ثلاثة أيام وكذا صحيحة أبي عبيدة عنه (ع) من اعتكف ثلاثة أيام فهو اليوم الرابع بالخيار إن شاء زاد ثلاثة أيام أخر وإن شاء خرج من المسجد فإن أقام يومين بعد الثلاثة فلا يخرج من المسجد حتى يتم ثلاثة أخر ومقتضاها وجوب كل ثالث كالسادس والتاسع فصاعدا وإليه ذهب كثير من الأصحاب ومنهم من جعل الثوالث كالأولين في عدم الوجوب بل له الرجوع متى شاء لأنه عبادة مندوبة فلا يجب بالشروع كالصلاة المندوبة وأما الحج والعمرة فقد خرجا بدليل والجواب منع الكبرى لقيام الدليل هنا أيضا وبإزائه من أوجبه بالدخول فيه مطلقا كالحج والعمرة وهو غير معلوم المستند فإن أبطل اعتكافه مع الوجوب بشئ من المبطلات المذكورة لزم القضاء القضاء مطلقا فإن كان بالجماع لزمه مع ذلك الكفارة المذكورة ليلا كان أو نهارا والواجب كفارة واحدة في غير نهار رمضان فإن جامع في نهار رمضان فكفارتان كفارة للاعتكاف وأخرى لصوم رمضان كما في رواية عبد الأعلى بن أعين وربما يلحق بنهار رمضان في ذلك قضاؤه و المعين بالنذر وشبهه ولو ليلا ولا يخلو من وجه وأما ايجاب الكفارتين في الواجب مطلقا فغير ظاهر الوجه وقد سبق أن منهم من أوجب الكفارة على المبطل مطلقا ولو بغير الجماع وهو مطالب بدليله وبعضهم أوجبها مع الندب أيضا ويدل عليه عمومات الكفارة في الاعتكاف من غير استفصال مع أنه ليس الأفراد النادرة فليؤخذ فيه باليقين وإن استضعفه المصنف في المفاتيح ويتأكد الاعتكاف في شهر رمضان وقد مر أن أفضل أوقاته العشر الأواخر منه و ورد في رواية داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) لا اعتكاف إلا في العشر الأواخر من شهر رمضان وفي الحديث النبوي بطريق أهل البيت (ع) اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين و عمرتين وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يعتكف العشر الأواخر إلى أن قبض كتاب الحج بسم الله الرحمن الرحيم الحج في اللغة القصد وشرعا اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة ويندرج فيه العمرة على وجه وعن الرضا (ع) إنما أمروا بالحج لعلة الوفادة إلى الله وطلب الزيارة والخروج من كل ما اقترف العبد تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل مع ما فيه من اخراج الأموال وتعب الأبدان والاشتغال عن الأهل والولد وحظر النفس عن اللذات شاخصا في الحر والبرد ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع ممن حج وممن لم يحج من بين تاجر وجالب وبايع ومشتر وكاسب ومسكين ومكار وغير ذلك و عن أبي عبد الله (ع) جعل فيه الاجتماع من المشرق والمغرب ليتعارفوا ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد ولتعرف آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وأخباره فيذكر ولا ينسى باب التعداد وهو ثلاثة أنواع باجماع العلماء تمتع وقران وافراد والتمتع أفضلها كما في صحيحتي زرارة وعبد الله بن سنان وغيرهما عن أبي عبد الله (ع) مؤكدا بالحلف وتتقدم عمرته على حجته وإنما أظهر في موضع الاضمار تنبيها على أنها ترتبط بها حتى كأنهما كالشئ الواحد وكل واحد منهما جزء من مجموعه ومع ذلك يتخلل بينهما التحلل الموجب لجواز التمتع أي التلذذ بما حظره الاحرام ومن ثم سمي به وتسمى عمرته العمرة المتمتع بها إلى الحج وأما ما سواها فعمرة مفردة لانفرادها عن الحج وما سوى التمتع افراد لانفراده عن العمرة فإن قرنه سياق الهدي خص باسم القران والتمتع فرض من نأى عن مكة ثمانية وأربعين ميلا فصاعدا من أي جهة كان وفاقا للأكثر كما في صحيحة زرارة وغيرها وفي رواية ثمانية عشر ميلا من كل جانب وهي شاذة وربما يجمع بينهما بالتخيير بين التمتع وغيره لمن نأى ثمانية عشر فصاعدا إلى أن يبلغ ثمانية وأربعين فيتعين التمتع وقيل اثنى عشر واعترف جماعة من المحققين منهم المصنف بعدم الوقوف له على مستند إلا توزيع المشهور على الجهات الأربع وهو ضعيف وليس لهؤلاء غير التمتع إلا مع الاضطرار كضيق الوقت وحصول الحيض ونحو ذلك والآخر إن فرض غيره من أهل مكة ونواحيها دون المسافة المذكورة تخييرا بينهما ولا يجوز لهم العدول إلى التمتع على المشهور إلا مع الاضطرار كخوف الحيض المتأخر عن النفر مع عدم امكان تأخير العمرة إلى أن تطهر أو خوف عدو بعده أو فوت الرفقة فيجوز قولا واحدا ويتأخر عمرتهما عن الحج اجماعا كما قيل وفي رواية أمرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدأتم قال
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360