التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣١٩
والزيارة بالوقت ويجوز التوفير عليه قليلا كما مر وينبغي أن لا يقص الرؤيا وهي ما يراه في المنام إلا على عالم يحسن التطبيق بين العوالم فإن الصور المرئية إنما هي من عالم المثال الذي أثبته المصنف وغيره من حكماء الاشراق تتفرع النفس لادراكها في المنام بسبب ما يسنح لها حينئذ من شوب تجرد وضعف تعلق بالمادة البدنية التي هي من عالم الأجسام الصرفة فتطلع على ما يناسب جوهرها وتكثر فيه همتها من الصور المنبثة في ذلك العالم ثم تتصرف فيها المتخيلة وتخترع صورا تناسبها ولو بالتضاد وتنتقل من الصورة المرئية إلى الصور المخترعة كما هو شأنها في عالم اليقظة وربما تزول الصورة الأصلية عن النفس وتنسى عند الانتباه ولا تبقى في الحافظة إلا بعض الصور المحكية فيحتاج المعبر إلى النظر في الصورة المحفوظة ومناسباتها والانتقال من كل منها إلى الأخرى متصاعدا إلى أن يقف على الصورة الأصلية إن لم يخطئها فالتعبير هو تطبيق المثال المحفوظ على الممثل وهو من المعلوم الحدسية التي يقل الحذق فيها إلا لمن وفقه الله وللخائضين في أسرار الشريعة المقدسة الناظرين في بطون الكتاب المجيد الذي فيه تبيان كل شئ منه حظ عظيم وربما تبقى الصورة الأصلية مخزونة في الحافظة سليمة من تصرفات المتخيلة وهي الرؤيا الصادقة المستغنية عن التعبير وورد أنها جزء من أجزاء النبوة أو يقل تصرفات المتخيلة فيها كما إذا كانت عند قرب الانتباه بحيث لا يكون في وقتها متسع لكثرة الانتقال والخروج عن تمام المناسبة فيسهل التعبير حينئذ وربما تتشوش الحافظة فتأخذ من كل صورة ضغثا وتخلط بينها على وجه لا ينتزع منها شئ محصل وهذا هو أضغاث الأحلام وتكثر أوائل النوم ولا سيما عند امتلاء المعدة بسبب ما يتصاعد إلى الدماغ من الأبخرة المشوشة للقوى الادراكية ومن ثم ورد أن أكذب الرؤيا ما كان أول الليل و أصدقها ما كان آخره كما مر في رواية أبي بصير وغيره ويقوى ذلك في مثل الشاعر والقصاص و الكذوب لاعتيادهم كثرة التخيل وسرعة الانتقال في الصور المخترعة التي لا حقيقة لها كما سبق من المصنف التنبيه عليه ثم إن المعبر إن أصاب في تعبيره فذاك وإلا فمهما عبر به من خير أو شر فلا يخلو عن تأثير ما في نفس الرائي من باب الفال وانخداع القوة الواهمة ولا سيما في النفوس العامية الضعيفة ومن ثم ورد النهي عن عرض الرؤيا إلا على ناصح سليم الصدر فعن النبي صلى الله عليه وآله لا تقص الرؤيا إلا على مؤمن خلا من الحسد والبغي ولا ينبغي للرائي أن يقص بكل ما رأى ولا سيما ما فيه إيذاء للناس وعزر أمير المؤمنين (ع) من قال لآخر احتلمت بأمك فإن رأى مكروها يتفل عن يساره ثلاثا وذلك بعد أن يتعوذ بقوله عذت بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبيائه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت في ليلتي هذه أن يصيبني منه سوء أو شئ أكرهه وفي رواية أخرى من شر ما رأيت ومن شر الشيطان الرجيم ويتحول عن جنبه الذي كان نائما عليه ويذكر الله بالمأثور وهو إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ويعيد الاستعاذة ويرد المعبر إلى أحسن التأويل فورد أن رؤيا المؤمن ترف بين السماء والأرض على رأس صاحبها حتى يعبرها لنفسه أو يعبرها له مثله فإذا عبرت لزمت الأرض فلا تقصوا رؤياكم إلا على من يعقل وفي أخرى الرؤيا طاير إذا قص وقع باب التحية وما يناسبها وهي تفعلة من الحياة وأصلها قول أحد المتلاقيين للآخر حياك الله ثم استعملت في كل دعاء أول اللقاء ثم غلبت في الشرع في التسليم وورد أنه كانت تحية عن قبلكم السجود وتسليم اليهود الإشارة بالأصابع والنصارى بالأكف فأعطى الله عز وجل هذه الأمة السلام وهي تحية أهل الجنة وحقها أن يسلم على كل مسلم فإن الله يحب افشاء السلام ومن التواضع أن تسلم على من لقيت حتى الصبيان وهو من السنة ولا يختص بأول اللقاء بل يندب أول كل لقاء وإن لقيه مرارا سواء تخللتها غيبة أو حالت شجرة أو جدار أو أسطوانة بينهما وينبغي البداءة به قبل الكلام وعن النبي صلى الله عليه وآله من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه وأن يكون المسلم ناويا به تجديد عهد الاسلام فإنه من شعاره واستمالة القلوب وتطييب النفوس لئلا يؤذى في عرضه وماله وربما وجب على هذا الوجه وورد أن أولى الناس بالله وبرسوله من بدأ بالسلام وأن في السلام سبعين حسنة تسع وستون منها لمن كان مبتدئا به وواحدة للراد والأولى بالبدأة الداخل يسلم على من في المجلس والماشي على القاعد والراكب مطلقا على الماشي وراكب الفرس على راكب البغل وراكب البغل على راكب الحمار والصغير على الكبير والقليل على الكثير وورد عن النبي صلى الله عليه وآله إذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم وكذا عن أبي عبد الله (ع) وورد عنه مثل ذلك في الرد أيضا قال وإذا رد واحد أجزأ عنهم ويجب الرد فعن النبي صلى الله عليه وآله السلام تطوع والرد فريضة والمأثور في الابتداء تقديم المبتدأ معرفا ومنكرا واختلف في الأفضل والثاني أوجه والأول هو الأصل وفي الرد تأخيره معرفا مع العاطف وبدونه والأول أولى وقد قيل في وجه الترتيب فيهما رعاية الافتتاح والاختتام بذكر الله فيطابق قوله عز وجل هو الأول والآخر وورد الاكتفاء بالظرف مع العاطف والرد إما بالأحسن أو المثل مخيرا بينهما كما في ظاهر آية التحية وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها فورد أن أوفى القرآن للتخيير كما مر والأحسن أن يزيد الراد ما أمكن فإن اقتصر المسلم على قوله السلام عليك قال المجيب عليك السلام ورحمة الله فإن قاله المسلم زاد المجيب وبركاته فإن زاد المسلم لم يترك للمجيب فضلا فله الاكتفاء بقوله وعليك أو عليكم ولو كان المسلم ذميا ففي وجوب الرد عليه وجهان فإن رد اقتصر على ذلك مطلقا سواء زاد المسلم أم لا كذا جرت السنة المروية بالطريقين وعن أمير المؤمنين (ع) أنه يرد على أهل الكباير كما يرد على الذمي هذا كله في غير المصلي وأما المصلي فلا يبدأ بالسلام وفي كراهة التسليم عليه قولان
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360