التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٢٣
التشويق والتنفير والقبض والبسط فلا بأس به وورد أن من البيان لسحرا وعن المبالغة في المزاح بضم الميم مصدر مزح كمنع أو كقتال فإنها تولد كثيرا من الذنوب والعيوب في المازح أو الممزوح كحقد العاقل وجرأة السفيه وسقوط الوقار وفي حديث أمير المؤمنين (ع) إياك والمزاح فإنه يجر السخيمة و ويورث الضغينة وهو السب الأصغر وعن أبي عبد الله (ع) لا تمازح فيجترى عليك وعنه (ع) كثرة المزاح تذهب بماء الوجه وزوال حلاوة المحبة بما فيها من الابتذال والامتهان والغفلة عن الله (تع) وظلمة القلب بكثرة وورد في النبوي لا تمار أخاك ولا تمازحه وهو محمول على الاكثار منه كبعض ما تقدم أما أصل المزاح في بعض الأوقات لتنشيط الطبيعة حيث يكون مطلوبا وتطييب قلب الصاحب مع خلوه عن الرفث والكذب وسائر الآفات فمرغب فيه قولا وفعلا وورد عن الفضل بن قرة قال قال أبو عبد الله (ع) ما من مؤمن إلا وفيه دعابة قلت وما الدعابة قال المزاح وعن أبي جعفر (ع) إن الله يحب المداعب في الجماعة بلا رفث وعن يونس الشيباني قال قال أبو عبد الله (ع) كيف مداعبة بعضكم بعضا قلت قليل قال فلا تفعلوا فإن المداعبة من حسن الخلق وأنك لتدخل بها السرور على أخيك ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يداعب الرجل يريد أن يسره وسئل ابن عباس أكان رسول الله صلى الله عليه وآله يمزح قال نعم قيل فما كان مزاحه قال إنه كسى ذات يوم امرأة من نسائه ثوبا واسعا فقال لها ألبسيه وجري منه ذيلا كذيل العروس واتته عجوزة يدعو لها بالجنة فقال لها لا يدخل الجنة عجوز فبكت فقال لها لست يومئذ بعجوز وقرأ إنا أنشأناهن انشاءا فجعلناهن أبكارا وجاءته امرأة فحدثت عن زوجها فقال الذي بعينه بياض قالت لا ليس بعينه بياض قال بلى إن في عينه بياضا قالت لا والله ليس بعينه بياض قال ما من أحد إلا وبعينه بياض أراد البياض المحيطة بالحدقة وأكل ذات يوم التمر ومعه علي وكان يجمع النوى عند علي فلما فرغا قال يا علي إنك لأكول فقال يا رسول الله الأكول من أكل التمر ونواه وكان يتصابى مع الحسنين ويحملهما على ظهره ويقول نعم البعير بعيركما وكان أمير المؤمنين (ع) يداعب أصحابه حتى عيب بذلك لما لم يجدوا فيه مساغا للعيب سواه وعن الاستهزاء فإنه من فعل الجاهلين وهو السخرية كالاستحقار للغير والتنبيه على نقائصه على وجه يضحك منه والمعدود من آفات اللسان ما كان منه بالقول وربما يكون بالفعل وبالإشارة وبالضحك على كلامه مثلا إذا تخبط نظمه أو على خطه أو صنعته أو هيئته وجميعه محظور منهي عنه إذا كان مؤذيا فورد في التنزيل لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم وعن النبي صلى الله عليه وآله إن المستهزئين بالناس يفتح لأحدهم باب من الجنة فيقال هلم هلم فيجئ بكربه وغمه فإذا أتى أغلق دونه ثم يفتح له باب آخر فيقال هلم هلم فيجئ بكربه وغمه فإذا أتى أغلق دونه فما يزال كذلك حتى أن الرجل ليفتح له الباب فيقال هلم هلم فما يأتيه وعن افشاء السر حديثا كان أو غيره من العورات وهو مما يذم في حال الرضا والغضب بل قال ذو النون إن الافشاء عند الغضب من لوم الطبع وأما عند الرضا فالاخفاء مما تقتضيه الطباع السليمة كلها وورد عن النبي صلى الله عليه وآله المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس مجلس يسفك فيه دم حرام ومجلس يستحل فيه فرج حرام ومجلس يستحل فيه مال من غير حله إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة لا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره وعنه صلى الله عليه وآله إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهو أمانة وذلك أن التفاته علامة حذره عن اطلاع الغير وعن الوعد من غير وفاء سواء كان على عزم الخلف ابتداء أو طرء له بعد ذلك فهو من ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله ثلاث هن من علامات النفاق ولفظ الرواية من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان والواجب الوفاء للموعود له في كل وعد فهم منه الجزم وإن استثنى بذكر المشية فإنه إنما يذكر غالبا بقصد التبرك دون التعليق فلا ينافي انعقاد الوعد وورد في الكتاب المجيد أوفوا بالعقود وهو من الأوامر المحمولة على الوجوب عندهم و في السياق إشارة إلى أن وجوب الوفاء ليس لكون الخلف كذبا فإن قول القائل آتيك غدا ليس من باب الأخبار بل هو انشاء للوعد كساير العقود فلا يوصف بالصدق والكذب كما قرره بعض الفضلاء الذين عاصرناهم وكيف كان فلا ريب في رجحان الوفاء إلا أن المشهور فيه الاستحباب للأصل وهو مدفوع بكثير من الظواهر الموافقة للاحتياط غالبا ففي الحسن أو الصحيح عن أبي عبد الله (ع) عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة له فمن أخلف فيخلف الله بدأ ولمقته تعرض وذلك قوله (تع) يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وعنه (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليف إذا وعد وفي نهج البلاغة الخلف يوجب المقت عند الله وعند الناس ثم تلا الآية وفي أدعية سيد الساجدين اللهم إني أستغفرك لكل نذر نذرته ولكل وعد وعدته ولكل عهد عاهدته ثم لم أف به وعاب أمير المؤمنين (ع) في غير واحدة من خطبه بأنه يعد ولا يفي وحاله أقبح من أن يعاب على ترك السنن وليس المراد من ايجاب الوفاء اثبات حق للموعود له بحيث يجوز له المطالبة والمقاصة إذا كان الموعود ما لا كما قد يظن لعدم الملازمة بينهما كما أشرنا إليه فيما سلف ويعذر إن ترك الوفاء لعذر لا يمكنه دفعه بغير ضرر فورد فيه نفي الإثم إن كان في نيته الوفاء روى ذلك أبو حامد مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس الخلف أن يعد الرجل الرجل وفي نيته أن يفي وفي لفظ آخر إذا وعد الرجل أخاه وفي نيته أن يفي فلم يجد فلا إثم عليه وعن الكذب وهو الأخبار بما لا يطاق الواقع على المشهور وورد أنه ينقص الرزق وإن العبد ليكذب الكذبة فيتباعد الملك منه مسيرة ميل من نتن ما جاء به وهو من أمهات المعاصي وفواحش العيوب وفيه تضييع للقوة الناطقة التي بها يمتاز الانسان من البهائم العجم فإن كان في اليمين فأفحش وهو الغموس الذي سبق أنه من الكباير إلا إذا وقع في تركه أمر أفحش منه فيباح حينئذ وربما وجب لو كان فيه ابقاء على نفس معصومة تسفك بالصدق ونحوه والضابط أن المفسدة المترتبة على الكذب الموجبة لانخراطه في سلك المعاصي هو تصوير غير الواقع واقعا في نفس
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360