التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٦٥
أو أعم منهما فهو أبلغ منها أو أبلغها ومن ثم يوصف (تع) بالجود دون السخاوة لأنه المبتدئ بالنعم قبل السئول بالذات وقيل إنهما مترادفان وعليه يحمل ما في بعض الأدعية المأثورة من وصفه سبحانه بها والكرم بأنه أبلغ أما في الواجب العرفي ففي الكم والكيف جميعا وأما في الشرعي ففي الكيف فقط إذ لا يعقل المبالغة في مقداره وقد اعتبره المصنف ثمة ضدا للشح المطاع وقيل بالترادف أيضا والايثار بأنه بذل مع الاحتياج إلى المبذول فهو أخص أيضا لأنه مرتبتها العالية حيث إن المؤثر يبذل لغيره ما يحتاج إليه نفسه وبإزائها في مراتب البخل مرتبة من يبخل على نفسه مع الحاجة فكم من بخيل يمسك المال ويمرض فلا يتداوي ويشتهي الشهوة فلا يمنعه منها إلا البخل بالثمن ولو وجدها مجانا لأكلها لكنه خارج عن الرسم لأن بذل المحتاج إليه غير واجب شرعا ولا مروة فيتباينان أيضا وكيف كان فهو الأفضل فهو من ثلاث خصال يستكمل بها الايمان روى ذلك صاحب الاحياء مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يستكمل العبد الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الانفاق من الاقتار والانصاف من نفسه وبذل السلام وفي حديث الوصية ثلاث من حقايق الايمان الانفاق من الاقتار وانصافك الناس من نفسك وبذل العلم للمتعلم وورد في معرض المدح ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة والمروي في شأن النزول أنه جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فشكى إليه الجوع فبعث إلى بيوت أزواجه فقالوا ما عندنا إلا الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من لهذا الرجل الليلة فقال علي بن أبي طالب (ع) أنا له يا رسول الله وأتى فاطمة فقال لها ما عندك يا بنة رسول الله فقالت ما عندنا إلا قوت العشية لكنا نؤثر قوتنا ضيفنا فقال (ع) يا بنة محمد صلى الله عليه وآله نومي الصبية وأطفئ المصباح فلما أصبح علي (ع) غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبرح حتى أنزل الله ويؤثرون الآية والتبذير بأنه بذل حيث يجب الامساك فالنسبة بينهما عموم من وجه وهو حرام فورد ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ومثله الاسراف وإن كان دونه وكلاهما من الفواحش لكن البخل أفحش منهما كما تقدمت الإشارة إليه والتسخي بأنه بذل مع الكراهة والتكلف كما علمت فيتباينان والمروة بأنها تنزيه النفس عن الدناءات التي لا تليق بأمثاله في الماليات وغيرها مثل ترك المضايقة بالمحقرات التي ليس من شأنها المضايقة فيها والأكل في الأسواق أو لبس الفقيه لباس الجندي ونحوها والداخل في السخاء واجبات القسم الأول لا غيره وهي تابعة للعادات الغالبة الجارية بين أمثاله و أكفائه فتختلف باختلاف الأشخاص والأحوال في القابل والفاعل كالغني والفقير والقريب والأجنبي والجار والأهل والضيف والحي والميت والشريف والوضيع والعالم والجاهل والرخاء والشدة والخصب والجدب والحضر والسفر ونحوها فما يستقبح في أحدهم وفي بعض الأحوال ربما لا يستقبح في الآخر وفي الأحوال الأخر وللاعطاء أيضا آداب يأتي ذكرها في باب مفردة باب الرضا وهو غير المذكور في باب الفقر وفي باب ذمائم القلب والمراد هنا ترك الاعتراض باللسان والسخط بالقلب فيما يتعاور عليه من الأحوال المختلفة من قبل الله (تع) وهو من ملكات النفس المطمئنة ولا ينافيه تحصيل الأسباب المباحة الظاهرة التي ترتبط المسببات بها بتقدير الله ومشيته ارتباطا مطردا مثل السعي الجميل في طلب المطعوم والمشروب ومباشرة الأكل والشرب تخلصا من الجوع والعطش ولا الخفية مثل الدعاء والتوسل بالأرواح المقدسة لاستنزال الخيرات وكشف الشدائد ونحوها خلافا لبعضهم في الأخير استنادا إلى أن فيه رعاية لحظ النفس والراضي بمعزل عن ذلك وفيه أنه لا يعقل الفرق بين الدعاء وغيره من الأسباب فإن من جملة الأسباب في حصول المقاصد الطلب والتضرع كما في المشاهد فكما أن حمل الكوز وشرب الماء ليس مناقضا للرضا بقضاء الله في العطش بل مباشرة سبب رتبه مسبب الأسباب فكذلك الدعاء سبب شرعه الله وأمر به في قوله ادعوني ونحوه واستعمله من الأنبياء و الأولياء من يقطع بأن مرتبته فوق مقام الرضاء ومن فوايده خشوع القلب ورقة التضرع و صفاء الباطن وهو مفتاح الكشف وسبب تواتر مزايا اللطف وفي تركه رائحة من مقاومة القهر الإلهي كما تقدم نظيره وقد روي بعدة طرق معتبرة في تفسير قوله (تع) إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين إن العبادة هو الدعاء وأفضل العبادة الدعاء وأنه ما من شئ أفضل عند الله عز وجل من أن يسأل ويطلب ما عنده وما أحد أبغض إلى الله عز وجل ممن يستكبر عن عبادته ولا يسأل وعن أمير المؤمنين (ع) أحب الأعمال إلى الله عز وجل في الأرض الدعاء وعن أبي عبد الله (ع) عليكم بالدعاء فإنكم لا تتقربون بمثله ومن وظائف الداعي أن يهمل حظ النفس بل يقصد امتثال أمر ربه والتأسي بأنبيائه وأوليائه وأنه لولا أمره (تع) لما اجترئ على التعرض لمخالفة قضائه وهذا غير خارج عن الرضا ومن علامته أنه إذا لم يجب لم يتألم من ذلك من حيث عدم إجابته لجواز أن يكون المدعو به مشتملا على مفسدة لا يعلمها إلا الله ومن ثم كان من تمام الأدب أن يقرنه بشرط الصلاح الشرعي سواء تلفظ به باللسان أو اكتفى باشتراطه قلبا وبما ذكرناه ظهر الوجه في تخصيص الدعاء بالذكر مع أنه من جملة الأسباب وجدواه في الحال فراغ القلب للعبادة فإن المتسخط مشغول القلب والراحة من الهموم المتعبة بتجاذبها والموطن نفسه على الرضا بكل ما يسنح في أمن منها وعن التورية يا ابن آدم إن رضيت بما قسمت لك أرحت قلبك وبدنك وأنت محمود وإن لم ترض به سلطت عليك الدنيا حتى تركض فيها ركض الوحش في البرية ثم لا تنال إلا ما قدرت لك وأنت مذموم وفي المال رضوان الله (تع) كما قال سبحانه رضي الله عنهم ورضوا عنه وهو أحد الشرطين في النجاة من غضبه فقد قال سبحانه في الحديث القدسي من لم يرض بقضائي ولم يصبر على بلائي فليطلب ربا سواي وفيه قدرت المقادير ودبرت التدبير وأحكمت الصنع فمن رضي فله الرضا مني حتى يلقاني ومن سخط فله السخط مني حتى يلقاني وعن السجاد (ع) الصبر والرضا عن الله رأس
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360