التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٠٣
والأوجه أنه حمل قول قابيل لأقتلك على مجرد التهديد والايعاد دون الحقيقة فقال ما قال على وجه الاستعطاف والاستمالة ودرء السيئة بالحسنة لا على وجه الاستسلام للقتل أو أنه إنما نفى عن نفسه إرادة القتل دون إرادة المدافعة ومن ثم قال ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ولم يقل لأدفعك على أن فعل هابيل لا يوجب حجة والتقرير غير ثابت وأما ما قيل من أنه إنما استسلم لأن الدفع لم يبح بعد أو تحريا لما هو الأفضل فقد مرت الإشارة إلى ما فيه أما المدافعة عن المال فلا يحكم فيها بالوجوب مطلقا كما في النفس والعرض إذ يتسامح فيه ما لا يتسامح فيهما بل بالتفصيل فإن كان مضطرا إليه أو كان لغيره أمانة في يده وإن قل وغلب على ظنه السلامة وجب لوجوب دفع الضرر وحفظ الأمانة وإلا فلا يجب وإن كثر وإن جاز مع ظنها بل يستفاد من بعض الأخبار رجحانه فورد في الحديث النبوي بعدة روايات من قتل دون ماله وفي بعضها مظلمته فهو شهيد لكن في حديث أبي عبد الله قيل أيقاتل أفضل أو لا يقاتل فقال إن لم يقاتل فلا بأس أما أنا لو كنت لم أقاتل وتركته وإنما يجب أو يجوز الدفع وتهدد الجناية ما دام اللص مقبلا لم يندفع فإذا ولى وضر به المدخول عليه كان ضامنا لما يجنيه لأنها إنما لمصلحة وقد زالت فلو قطع يده مقبلا ورجله مدبرا ضمن رجله وأهدرت يده ويجوز له بل ربما يجب زجر المطلع على داره بالنهي والتهديد فلو زجره وأصر فرماه بما جنى عليه كانت الجناية هدرا فعن أبي عبد الله (ع) أيما رجل اطلع على قوم في دارهم لينظر في عوراتهم فرموه ففقأوا عينه أو جرحوه فلا دية له وعنه (ع) اطلع رجل على النبي صلى الله عليه وآله من الجريد فقال له النبي صلى الله عليه وآله لو أعلم أنك تثبت لي لقمت إليك بالمشقص حتى أفقأ به عينك وفي رواية قلت نفعل نحن مثل هذا إن فعل مثله بنا قال إن خفي لك فافعله إلا أن يكون المطلع رحما لنسائه فيقتصر فيه على الزجر ويضمن لو رماه إلا أن يكون من النساء مجردة فإنه حينئذ كالأجنبي وورد في الحث على الأمر بالمعروف والتهديد على تركه ما ورد فعن أبي الحسن (ع) لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم وليستعملن أي يجعل عاملا حاكما وفي بعض نسخ الكافي والتهذيب ليستعلين وهو أوضح باب إقامة الحدود والتعزيرات وهي إما واجبة أو محرمة لا ثالث لهما وذلك بحسب حال المتصدي لها في الأهلية وعدمها وإنما تجب على الإمام المعصوم أو نايبه المنصوب بالنصب الخاص للحدود أو لما هو أعم منها وفي قصر الوجوب عليهما جواب عن شبهة من أوجب نصب الإمام على الرعية ركونا منه على أن إقامة الحدود واجبة على الناس وهي متوقفة على نصب الإمام فيجب عليهم من باب المقدمة وذلك أن وجوب إقامة الحدود على اجماله غير مقبول بل لا بد من بيان محله أعني من يجب عليه فإن كان هو الإمام فلا معنى لوجوب مقدمته على غيره وإن كان الرعية فلم يبق لهم حاجة إليه وأيضا كونها من الواجبات المطلقة التي يحكم بوجوب مقدماتها ممنوع لم لا يجوز أن تكون من الواجبات المقيدة كالحج والزكاة وأمثالهما فيكون وجوبها مختصا بالإمام أو نائبه اختصاص وجوب الحج بالمستطيع والزكاة بمالك النصاب وهذا هو الذي اعتمد عليه السيد في الشافي أما النايب العام وهو الناظر في الحلال والحرام العارف بالأحكام كما في حديث ابن حنظلة المتقدمة وهو المسمى في عرف الأخيرين بالفقيه والمجتهد والمراد به القادر على رد جميع الفروع أو أكثرها أو القدر المعتد به منها إلى الأصول الصحيحة كما سبق بعد تحصيله الايمان الخاص والرواية لحديثهم (ع) والعدالة ظاهرا وباطنا على خلاف في اشتراط الأخير ففيه قولان والذي اختاره المصنف (ره) مساواته للخاص في ذلك لأنه مأذون من قبلهم (ع) في أمثالها كالقضاء والافتاء وغيرهما ولاطلاق أدلة وجوبها وعدم دليل على توقفها على حضوره (ع) ويرد على الأول أن الإذن في أمثالها لا يقتضي الإذن فيها إلا بطريق القياس المردود وعلى الثاني ما مرت الإشارة إليه والأجود الاستدلال بحديث حفص بن غياث عن أبي عبد الله (ع) إقامة الحدود إلى من إليه الحكم وفيه أيضا ما فيه ويحتمل الفرق بين ما يبلغ النفس وما لا يبلغها وتخصيص الحظر بالأول والحق أنه أدرى بما له مما عليه فيحتاط هو لنفسه بالنظر إذا ابتلى بها في زمن الغيبة ويختار ما هو أدنى إلى اليقين ولو تعددوا وكفى واحد منهم سقط عن الباقين ويشترط في وجوبها عليهم قدرتهم عليها وأمنهم من الضرر على أنفسهم أو أحد من المسلمين كما في غيرها من الواجبات وليس يجوز لغير هؤلاء الثلاثة التعدي لها مطلقا ولبعض علمائنا رضوان الله عليهم قول في المسألة لا يعمل به إلا غير المحتاط وهو الجواز زمن الغيبة لغيرهم إذا كان زوجا للمحدود أي مستحق الحد دواما أو متعة مدخولا بها أو غيرها حرين أو عبدين أو بالتفريق أو والدا وإن علا أو مولى والظاهر أن مرادهم بالجواز الوجوب وسووا في ذلك بين الجلد والرجم والقطع مع العلم بموجبه بالمشاهدة أو الاقرار دون البينة فإنها من وظايف الحاكم وقيل يكفي كونها مما يثبت به ذلك عنده ومورد الروايات إنما هو الأخير لا غير ومن ثم اقتصر بعضهم عليه و أما الأولان فلم أقف على ما يدل عليه على مساواتهما له في ذلك والحكم به ليس بذلك المشهور وإن قال به القاضي والشهيد في اللمعة وشذاذ غيرهما وايراده في الكتاب خروج عن موضوعه وقد ذكرنا شرايط الحدود والتعزيرات وتقادير المقدرات منها في المقصد الأول من كتاب الطهارة فلا نعيدها ويجب على الحاكم والمراد من يتولي الإقامة الحدود أن يدرأها بالشبهات وهذا أيضا من المذكورات ثمة وإنما أعاده توطئة لما بعده فإذا أقر المكلف بنفسه بحد ولم يبينه أي حد هو
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360