التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٧٤
في معاء واحد فاللذة الحاصلة له من الخبز الكفت تنوب مناب لذة الإدام لغيره بل ربما تربو عليها وأما البواقي فمعلومة مما تقدم وقد قرع سمعك فيما سبق أن المقصود من مدح الجوع والاطراء في بيان فوائده ليس دعوة النفوس إلى الافراط فيه فإن إثمه أكبر من نفعه بل الغرض التوقيف على حد الاعتدال والتوسط الذي هو قوام جميع الأمور فإن كانت النفس المسترشدة متعودة له فلتستقم على صراطها المستقيم وطريقتها المثلى وإن كانت مفرطة بالتقليل بحيث يتضرر البدن وتضعف البنية ويخبط الدماغ ويقل نور البصر فليخرج عن ذلك قليلا ولتتناول من الطيبات من الرزق إلى أن تقف على سواء السبيل وهذا أقل وجودا ومن ثم لم يلتفت إليه المصنف و إن كانت مفرطة بالاكثار كما هو الأكثر فليعلل كما تعلل الدابة البطرة لا بنقلها دفعة من الكثير إلى القليل فيجحف بها ذلك بل يمكن التقليل بالتدريج بحيث لا يحس بالبدن فمن كان مأكله كل يوم على حسب عادته مدا أمكنه أن ينقص منه أولا مثقالا يومين أو ثلاثة ثم مثقالين وهكذا إلى أن يبلغ ما يحصل به القوام المطلوب فيثبت عليه وإن لم يطق التقليل بسبب ضعف في البنية أو طعن في السن أو اشتغال بعمل رياضي أو نحو ذلك فأجود التدبيرات الاقتصار على الأكل بعد صدق الشهوة ومن علامته أن تشتهي النفس الخبر ولا تطلب الإدام وأن يبصق فلا يقع عليه الذباب إذ لا دسومة فيه لخلو المعدة والكف عنه قبل تمام الشبع وهو الدواء الذي لا داء فيه كما يحكى عن أطباء اجتمعوا عند الرشيد وكانوا أربعة فسألهم يوما عن الدواء الذي لا داء فيه فقال أحدهم حب الرشاد الأبيض وقال هو الماء الفاتر وقال الثالث الإهليلج الأسود فقال الرابع وكان أعلمهم حب الرشاد برق المعدة والماء الفاتر يرخي المعدة والاهليلج يعفص المعدة قالوا فما عندك أن لا تأكل الطعام إلا وأنت تشتهيه وترفع يدك عنه وأنت تشتهيه فقالوا صدقت وورد أنهما من الخصال التي من لزمها لا يعتل إلا علة الموت باب الاعتكاف وهو في اللغة الاحتباس وشرعا حبس النفس على العبادة لله صائما ثلاثة أيام فصاعدا متتابعة على الأصح في مسجد جامع فهنا قيود أ حبس النفس وهو لا يصدق إلا بالعزم على الإقامة فلو اتفق لبثه في المسجد المدة المشروطة من دون قصد لم يكن اعتكافا والمراد منه استدامة اللبث في المعتكف بحيث لا يخرج منه إلا لحاجة لا بد منها ضرورة أو شرعا كالغائط والجمعة المقامة في غيره و الجنازة والعيادة وقضاء حاجة المؤمن وسائر حقوقه وإنما خص المذكورات بالذكر لأنها منصوصة بالخصوص فلو خرج لغيرها بطل ثم إذا خرج حيث يجوز له الخروج لا يجوز له أن يجلس لغير ضرورة وتتقدر الرخصة بقدرها كما في غيره وخصوصا تحت الظلال كما في رواية داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع) في الاعتكاف لا تخرج عن المسجد إلا لحاجة لا بد منها ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك وبه قيد جماعة والأجود الاطلاق كما في صحيحة الحلبي ثم لا يجلس حتى يرجع ومنهم من ضم إليه المشي تحته وهو مطالب بدليله وفي الصعود إلى سطح المسجد من داخله والخروج ببعض بدنه قولان وكذا الخلاف فيما لو أخرج كرها أو خرج سهوا والمصنف نفى البأس عن الجميع إلا إذا طال المكث في الأخيرين والأكثر على اطلاق الصحة ولا تجوز الصلاة خارج المعتكف إلا بمكة كما في صحيحتي عبد الله بن سنان ومنصور بن حازم أو الجمعة كما ذكر ب أن يكون المقصود التفرغ للعبادة من تلاوة القرآن والتنفل والتهجد وغير ذلك فلو قصد التخلص من الغريم أو أذى الأهل ونحو ذلك لم يكن معتكفا ويترتب على اعتبار التفرغ للعبادة وجوب اجتناب المنافيات من اللذات و غيرها وإن رخص في بعضها تخفيفا من الله ورحمة فما يجب أن يجتنب مباشرة النساء لقوله عز وجل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد وهي تشمل الجماع ويبطل به اجماعا واللمس والتقبيل بالشهوة على خلاف في البطلان بهما وألحق بهما في التحريم الاستمناء والطيب وإن عد من السنن على وجه آخر ومنعه بعضهم والمماراة وهي محرمة في غير الاعتكاف أيضا وفيه آكد والبيع والشراء اجماعا وفي صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر (ع) المعتكف لا يشم الطيب ولا يلتذ بالريحان ولا يماري ولا يشتري ولا يبيع ولا بأس بالنظر في معاشه والخوض في المباح لكن الأولى الاقتصار من ذلك على قدر الضرورة كما في المفاتيح ليندرج فيما لا بد منه المستثنى في الروايات وقيل يحرم ما يحرم على المحرم ومنع العلامة كل ما يقتضي الاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعايش وزاد ابن إدريس جميع المباحات التي لا حاجة له إليها وصرح بأنها مبطلة له لمنافاتها جميعا لحقيقته والحكمة في شرعيته ج القربة واشتراطها ظاهر ويحتمل أن يكون الظرف لغوا صلة للعبادة بيانا للواقع إذ العبادة لا تكون إلا لله د الصوم فلا اعتكاف في زمان لا يصح فيه كالعيدين ولا ممن لا يصح منه كالحايض والنفساء ولا يعتبر ايقاعه لأجله بل يكفي وقوعه في أي صوم اتفق واجبا كان أو مندوبا بلا خلاف كما في المعتبر ه أن لا يكون أقل من ثلاثة أيام كما نقل عليه الاجماع ولا حد لأكثره وفي دخول الليالي أقوال ثالثها دخول الليلتين الأخيرتين دون الأولى واختاره في المفاتيح لأنه المتبادر من ثلاثة أيام وفي رواية عمر بن يزيد وغيرها لا يكون اعتكاف أقل من ثلاثة أيام هذا خلف وأما خروج الليلة الأولى فلأن الليل لا يدخل في مسمى اليوم إلا بقرينة أو دليل من خارج وهما مختصان بالأخيرتين وأما دخول الليلة المستقبلة في مسمى اليوم فلا تنتهي الأيام الثلاثة إلا بدخول اليوم الرابع كما زعمه بعضهم فلا يعرف له وجه وأن يكون ذلك في مسجد جامع كما في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) لا اعتكاف إلا بصوم في المسجد الجامع وفي حسنته لا يصلح الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول أو مسجد الكوفة أو مسجد جماعة وقيل لا يصح إلا في المساجد الثلاثة المذكورة ومسجد البصرة وبالجملة ما صلى فيه نبي أو وصي جماعة للاجماع وصحيحة
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360