التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٥
والتحفظ على ناموس الشريعة فلو تأخر قتله وتاب فالحق أن توبته مقبولة فيما بينه وبين الله على كل حال فطريا كان أو مليا حذرا من التكليف بما لا يطاق لو كان مكلفا بالاسلام أو خروجه من التكليف ما دام حيا كامل العقل وهو باطل بالاجماع والضرورة فتصح عباداته ومعاملاته وإن لم يعد إليه ماله ولا زوجته بذلك باب الجناية وهي الجريمة المستتبعة في الدنيا لتعلقها ببدن الغير أو ماله وربما تطلق على غير ذلك توسعا وإنما أفرد لها بابا لكثرة مباحثها وتنقسم إلى عمد وشبيه به وخطأ محض فالعمد هو فعل المكلف ما تحصل به الجناية غالبا قاصدا به إلى معين سواء قصد به الجناية أو لا كالذبح والخنق وسقي السم القاتل ونحو ذلك والشبيه به هو ما تحصل به الجناية نادرا أو احتمل الأمرين قاصد به إلى معين من دون قصد جناية كان يضرب للتأديب بما يؤدب به غالبا فيموت أو يخرج والخطأ المحض هو فعل أحد الأمور الثلاثة من دون قصد إليه ولا إلى الجناية مثل أن يرمي طايرا فيصيب انسانا أو تزلق رجله فيقع عليه وليس من الجرايم كما مر وإنما ذكرت أحكامه في هذا الباب استطرادا وأما فعل ما يجني نادرا كالحذف بالحصاة والضرب بالعود الخفيف أو احتمل الأمرين مع القصدين فالذي عليه المحققون ومنهم المصنف في المفاتيح أنه عمد و قيل بل هو عمد وإن لم يقصد به الجناية لروايات استضعفها الأولون وقيل خطأ وإن قصد به الجناية لاطلاق صحيحة أبي العباس عن أبي عبد الله (ع) أنه قال أرمي الرجل بالشئ الذي لا يقتل مثله قال هذا خطأ ثم أخذ حصاة صغيرة فرمى بها قلت أرمي الشاة فأصيب رجلا قال هذا الخطأ الذي لا شك فيه والعمد الذي يضرب بالشئ الذي يقتل مثله والوجه حمل الخطأ على شبيه العمد مع عدم القصد إلى الجناية فتكون مستوفية للأقسام كلها وجناية العمد على النفس أو الطرف المعصومين مع التكافي بين الجاني والمجني عليه بأن لا يكون الجاني حين الجناية أشرف من المجني عليه في الدين والعقل والحرية ومع امكان الاستيفاء من الجاني مثل ما اعتدى على المجني عليه بلا زيادة توجب بالأصالة القصاص لا غير على المشهور لقوله (تع) إن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص وقوله سبحانه فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقوله عز وجل وجزاء سيئة سيئة مثلها وقوله عز من قائل كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى وقيل تخيير الولي الجناية بينه وبين الدية لظاهر بعض الأخبار وقوله سبحانه ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا وهما ممنوعان ولأن الولي إذا رضي بالدية وأمكن الجاني دفعها وجب محافظة على النفس فلو هرب جاز للولي أن يأخذها من ماله ويقضي له بها كما يقضي على كل غايب في ماله وليس له الامتناع عنها مع القدرة والاقتصار على عرض القصاص لو كان حاضرا بل مقتضى التعليل وجوب بذل ما يرضى به الولي وإن زاد على الدية المقدرة أضعافا مضاعفة وحيث يثبت القصاص عينا أو تخييرا فلا مخلص عنه إلا أن يصطلحا على ما يتراضيان به من الدية المقدرة أو ما زاد أو نقص أو يعفو الولي عنه فيسقط حقه رأسا على المشهور وله المطالبة بالدية على الأخير إلا أن يعفو عنهما جميعا أو يكون الجاني أبا للمجني عليه فلا يقتص له منه كما لا يقطع لسرقة ماله ولا يحد لقذفه وربما يلحق به الجد دون الأم قولا واحدا ولو قتل الرجل زوجته ففي ثبوت القصاص لولدها منه قولان أو يكونا كافرين وأسلم الجاني فإنه لا يقتص منه حينئذ وتلزمه الدية إن كان المجني عليه ذا دية ولو قطع المسلم يد مثله فسرت مرتدا سقط القصاص في النفس وفي القصاص في الطرف قولان واختار المصنف الثبوت ولا قصاص مع عدم اجتماع الشروط المذكورة فلا يقتص من الصبي ولا المجنون ولا النائم وإنما توجب جنايتهم الدية لأن عمدهم بمنزلة الخطأ كما سيأتي والأخبار الدالة على الاقتصاص ممن بلغ عشرا أو ثماني سنين أو خمسة أشبار متروكة عند الأكثر لضعفها ومعارضتها بأقوى منها وفي ثبوته على السكران قولان كما تقدم نظيره والأشهر الثبوت ويقوى إذا كان السبب باختياره وروي في الأعمى أيضا أن عمده خطأ والمشهور أنه كالمبصر استضعافا للرواية ولا من المسلم لمن أباح الشارع قتله كالزاني و اللايط لانتفاء العصمة وأن إثم الجاني إن بادر إليه بدون إذن الحاكم بخلاف من وجب عليه القصاص إذا جنى عليه غير الولي لأنه معصوم بالنسبة إليه ولا للكافر ذميا أو حربيا أو مرتدا لانتفاء التكافؤ في الدين ويقتص من الذمي للمرتد لأنه إن كان مليا فاسلامه مقبول وهو محترم به وإلا فقتله للمسلمين دون غيرهم وفي العكس قولان مبنيان على أن أيهما أسوء حالا واختار المصنف الثبوت لأن الكفر كالملة الواحدة ولا من العاقل للمجنون بلا خلاف لما رواه المحمدون الثلاثة في الصحيح عن أبي بصير قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل قتل رجلا مجنونا قال إن كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه فقتله فلا شئ عليه من قود ولا دية وتعطى ورثته الدية من بيت مال المسلمين قال وإن كان قتله من غير أن يكون المجنون أراده فلا قود لمن لا يقاد منه وأدى أن على قاتله الدية في ماله يدفعها إلى ورثة المجنون ويستغفر الله ويتوب إليه وقريب منه رواية أبي الورد ولا من الحر للمملوك بالكتاب والسنة والاجماع وفي الاكتفاء بالتكافؤ في الدين والعقل والحرية دلالة على الاقتصاص من البالغ لغيره كما هو المشهور خلافا لمن ألحقه بالمجنون لاشتراكهما في نقصان العقل وله الصحيح المذكور فإن من من أدوات العموم فيصح جعله موضوعا للكبرى وأما الصغرى فثابتة بالاجماع كما تقدم ويأتي ولا مع تعذر الاستيفاء بالمثل سواء كان لفقدان المثل كما لو جنى الأكمه على عين أو الأجدع على أنف لكن إذا قطع يمين رجل ومثلها من آخر فالمروي أنه تقطع يمينه بالأول ويساره يساره بالثاني لصدق المماثلة في الجملة حيث تعذرت من كل وجه أما لو قطع يد ثالث فالذي اختاره في المفاتيح ثبوت الدية لفوات المحل وقال آخرون تقطع رجله كما صرح به في الرواية أو لتعذر استيفائه إلا بزيادة مرعية متيقنة كما في اقتصاص ذكر الفحل بذكر العنين واليد الصحيحة بالشلاء دون العين الصحيحة بالعماء والرجل المستقيم بالعرجاء أو محتمله كما في كسر العظام وكل ما فيه تعزير بالنفس كالجائفة والمأمومة وقيل يجوز الاقتصار على ما دون الجناية من الشجة التي لا تعزير فيها وأخذ التفاوت بينها وبين ما استوفاه فيقتص من الهاشمة
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360