التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٠٦
فالأورع كما تقدم هذا إن علم الترجيح بينهما وإن جهل ذلك ولم يكن له طريق إليه أو تساووا تخير في الرجوع إلى أيهما شاء ويجوز له الرجوع في بعض مسائله إلى أحدهما وفي غيرها إلى الآخر وهل يجوز له الرجوع فيها بعينها إليه تارة أخرى قولان وإن لم يجد في البلد من يرجع إليه سافر إليه بنفسه وجوبا أينما كان وإن بعد ما لم ينته إلى الحرج والعسر أو استناب من يصل إليه فيسأله عن مسئلته أو كتب بها إليه وعول على ما يأتيه من الجواب مع الوثوق كما هو المعلوم من حال أصحاب الأئمة (ع) من دون نكير وينبغي للمستفتى أن يغتنم صحبة المفتي ويتأدب معه ويبجله في خطابه وجوابه كما مضى في المقدمة في حقوق العلم باب القضاء ممدودا وهو الحكم بين الناس وإنما يسوغ لمن له الفتيا من الإمام ونائبه الخاص والعام لا غيرهم وأمره أجل منها فإنه أدخل في النظام وأشد خطرا فورد عن أمير المؤمنين (ع) في كلامه لشريح بن عبد الله الذي استقضاه عمر على الكوفة وعاش قاضيا فيها إلى زمن الحجاج لم يعطل إلا سنتين عاف فيهما القضاء في فتنة ابن الزبير قد جلست مجلسا لا يجلس فيه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي وعن أبي عبد الله (ع) اتقوا الحكومة فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل بين المسلمين للنبي أو وصي نبي فإن قلت النائب الخاص أو العام من أي هذه الأقسام قلت من القسم الثاني لأن العلماء ورثة الأنبياء وقد تقدم دعاؤه صلى الله عليه لخلفائه وهم الذين يروون حديثه ويستنون بسنته وأما القسم الثالث فهم قضاة السوء الذين يحكمون بآرائهم مثل قضاة العامة أو بفتاوي غيرهم تقليدا مثل أكثر قضاة هذا الزمان من الجهلة الذين لا يحسنون التقليد فضلا عن الاجتهاد وجميع ما ورد في النهي عن القضاء و مذمة القضاء مصروف إليهم وإذا وجد بالوصف المعتبر وجب على الناس الترافع إليه ووجب عليه النظر في أمورهم فإن انحصر في واحد تعين وإن تعدد فالوجوب كفائي وإن روفع إليهما في قضية واحدة فإن اتفقا في الحكم فذاك وإلا فالحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر كما سبق في المقبولة ويجب عليه التسوية بين الخصمين في العدل في الحكم بلا خلاف وهل تجب في السلم والمجلس والنظر والانصات والكلام وطلاقة الوجه وسائر أنواع الاكرام إذا كانا متساويين في الدين أم تستحب قولان أشهرهما وأحوطهما الأول فورد في الحديث النبوي من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده ولا يرفعن صوته على أحدهما إلا ويرفع على الآخر أما التسوية في الميل القلبي فلا تجب قطعا ويحرم على القاضي أخذ الرشوة وعلى المستفتي بذلها إلا إذا توقف حقه عليه وبها فسر السحت كما مضى وهي الجعالة على الحكم من أحد المتخاصمين على التعيين أما لو شرط عليهما أو على أحدهما كالمحكوم له أو من يتوجه عليه اليمين أو تندفع عنه جعلا ليفصل الحكومة بينهما من غير اعتبار الحكم لأحدهما بخصوصه بل من اتفق له الحكم منهما على الوجه المعتبر جاز عند بعضهم إذ ليس فيه تهمة ولا ظهور غرض وفيه اشكال ويحرم عليه قبول الهدية في مواقع الريبة وفي حديث النبوي هدايا العمال سحت وفيه أن القوم سيفتنون بأموالهم فيستحلون الخمر بالنبيذ والربا بالبيع والسحت بالهدية وتلقين أحدهما حجته كأن يدعى عليه قرض فيقدم إليه أن يجيب بالانكار دون الايفاء لئلا يصير مقرا ويتعسر عليه الاثبات أو ما فيه ضرر على الآخر كان يعلمه دعوى صحيحة لم يكن من شأنه الاتيان بها وإنما حرم ذلك لأنه يفتح باب التنازع وقد نصب لسده ولقد كان يمكن الغنى بأحد المتعاطفين عن الآخر ويستحب له قبل الحكم ترغيبهما في الصلح لأنه خير فإن أبيا إلا النزاع وكان الحكم واضحا لزم القضاء وإن أشكل آخر حتى يتضح ويكره أن يشفع في اسقاط حق بعد ثبوته أو ابطاله قبله والمستحب من الترغيب في الصلح ما لا يستلزم شيئا منهما أو يقال باستثناء الصلح خاصة مما يحكم عليه بالكراهة وعلى هذا كان تأخيره أجود أو المستحب نصب من يتوسط الاصلاح والمكروه شفاعته بنفسه أو يتخذ حاجبا لا يدخل عليه إلا بإذنه وقت القضاء وقيل بتحريمه لما فيه من تعطيل الحقوق وتأخير الحوائج ولما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله قال من ولى شيئا من أموال الناس فاحتجب دون حاجتهم وفاقتهم احتجب الله دون حاجته وفاقته وفقره وفي دلالته على المطلوب نظرا ويقضي مع اشتغال القلب بنعاس أو هم وهو الحزن الذي لا يعرف سببه أو غم وهو ما يعرف سببه أو غضب أو جوع أو مرض أو مدافعة لخصيم أو الأخبثين أو نحو ذلك ولقد كان عطف الفعلين بالواو أجود وإذا حضر الخصم مجلس القضاء والتمس احضار خصمه فإن كان قريبا لا يشق احضاره أحضره سواء حرر دعواه أم لا وإن كان بعيدا أمره أولا بتحرير الدعوى فإن وجدها فاسدة كما لو كانت من ثمن خمرا وخنزيرا وربا أو مهر بغي لم يلتفت إليها وإن وجدها صحيحة أحضره فإذا حضرا فإن سكتا جاز أن يسكت عنهما لأن الحق لهما فلا يطالبان به والأولى أن يأمر المدعي بالكلام وبعد تحرير دعوى الصحيحة بمحضر المدعى عليه فإن بادر بالجواب فذاك وإن سكت فإن كان سكوته لدهش أو غباوة توصل إلى ايناسه برفق إلى أن يسكن ويفهم وإن كان لآفة من صمم أو خرس أو عجمة توصل إلى تفهيمه والاستفهام عنه ولو بالإشارة المفيدة وإن كان لعناد ومشاقة ففي إلزامه به أو توقف ذلك على التماس المدعي قولان اقتصر في المفاتيح على نقلهما ومتى ألزم المدعى عليه بالجواب فإن أصر واستمر قيل يجلس حتى يبين وقيل لا جلس بل يضرب ويبالغ في إهانته حتى يجيب وقيل يقول له الحاكم ثلاثا إن أجبت وإلا جعلتك ناكلا ورددت اليمين على خصمك ومتى أجاب فليصغ له حتى ينهى وليس له أن يداخله في كلامه أو يؤله ولا أن يوقف عزمه عن الاقرار إذا ظهرت منه مخايلة إلا في حقه (تع) لابتنائها على التخفيف كما مر فإن أقر بالدعوى وكان من أهله حكم عليه فورا أو بعد التماس المقر له وإن أنكر فعلى
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360