التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٨٣
عليها وقال أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش اقلالا قال أبو حامد وليس الكوز والسفرة وما يحتاج إليه على الدوام في معنى ذلك فادخاره لا ينقص الدرجة وإنما ذلك في المأكول وكل مال زائد على قدر الضرورة وأما السبب الموهوم وهو ما يتوهم افضاؤه إلى المسبب من غير وثوق تام كالاستقصاء في التدبيرات الدقيقة في وجوه الاكتساب فمخرج بالكلية عنه وإن كان ظاهر الإباحة هذا تفصيل الحكم في مباشرة أسباب تجلب الرزق وفي معناه كل منفعة مطلوبة وكذا الكلام بعينه في مباشرة أسباب يدفع الضرر فلا ينافيه أن كان السبب مقطوعا به كالشرب لدفع العطش أو مظنونا كالحجامة لدفع الدم الفاسد والاسهال لدفع الأخلاط الفاسدة وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكتحل كل ليلة ويحتجم كل شهر ويشرب الدواء كل سنة وكالتحرز عن النوم في مكمن السباع وممر السيل وتحت الحايط المايل والسقف المنكسر فإن ذلك كله تغرير بالنفس وقد نهى الله عنه بقوله عز وجل ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فالاحتراز عنها لا ينافي التوكل وكأخذ السلاح للعدو كما قال سبحانه وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم وكالاستتار عنه كما أمر أمة موسى (ع) بقوله فاسر بعبادي ليلا فإن المسير بالليل اختفاء وكما استتر رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار عن عيون الأعداء وكعقل البعير كما أمر النبي صلى الله عليه وآله الأعرابي لما أهمل عقل ناقته وقال توكلت على الله فقال اعقلها وتوكل على الله وفي معناه غلق الباب واستيداع الأمين فكلها أسباب مظنونة لا يخرج مباشرتها عن التوكل بخلاف السبب الموهوم كالرقية بضم الراء وسكون القاف وهي ما يرقي به صاحب الآفة النازلة والمترقبة غير دعاء ولا قرآن وورد ما توكل من استرقى ويأتي فيه كلام في كتاب الجنائز وكذا الطيرة كعنبة وهي ما يتشاءم به من الفال الردي وقد كانت معمولة عند العرب في الجاهلية فأبطلها الاسلام و الأصل فيه أنهم كانوا إذا أرادوا غزو قوم عمدوا في طريقهم إلى ما يرون من أوكار الطيور فيزعجونها ويطيرونها عنها يتفألون بذلك لتفريق العدو والابعاد من المنزل أو أنها إن أخذت يمينا تيمنوا وذهبوا يمينا في الحاجة وإن أخذت شمالا تشأموا ورجعوا ثم استعمل هذا اللفظ في مطلق الفال سواء كان بإطارة الطيور عن أعشاشها أو بغير ذلك مما كانوا يتفألون به مثل نعب الغراب واقعاء الذئب واعتراض الصيد وغيرها ثم خص بالفأل الردي وقد تقدم أنها لا يسلم منه أحد وفي الحديث أن علاجها التوكل والمراد بها هنا الفال الجيد استدفاعا للآفة الواقعة أو المترقبة باب تطهير السر عما سوى الله من الأشغال الملوثة للباطن المعلومة مما سلف ومن ثم اقتصر على بيان التطهير عنها على الوجه الكلي وهو إنما يحصل بمحبة الله عز وجل وهي من ثمرات معرفته فورد عن أبي عبد الله (ع) حب الله إذا أضاء على سر عبد خلاه عن كل شاغل وكل ذكر سوى الله والمحب أخلص الناس سر الله وقال أمير المؤمنين (ع) حب الله نار لا يمر على شئ إلا احترق الحديث والمحبة أعظم المقامات الدينية إذ ما بعدها مقام إلا وهو ثمرة من ثمراتها كالشوق والأنس وأخواتهما ولا قبلها مقام إلا وهو مقدمة من مقدماتها كالزهد والصبر ونحوهما وألذ اللذات العقلية فإنها من مساوقات المعرفة التي لا يعرف فوقها لذة كما يأتي وأما لذتها في نفسها فمن الوجدانيات التي لا يؤمن بها إلا أهلها ويتعذر تعريفها بالبيان لغيرهم كما يتعذر تعريف لذة الوقاع للعنين بالوصف وأهم المهمات ففي الحديث النبوي بأسانيد متعددة وألفاظ متقاربة لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما والمحبة في الأصل هي ميل النفس إلى الشئ الموافق لها فإن النفس تميل إلى ما يوافقها كما يميل الصبي إلى الصبي والصالح إلى الصالح ولها في ادراكه لذة وكلما كان الشئ أوفق كان أحب والميل إليه أكثر والتذاذ النفس بادراكه أعظم ومن تتفاوت درجات المحبة والميل إلى الأشياء بحسب تفاوتها في مراتب الموافقة والالتذاذ الحاصل من ادراكها فالأدنى المطعم والملبس ونحوهما من المبتذلات وإن كانت أفرادها متفاوتة في ذلك تفاوتا فاحشا ثم المنكح ثم الجاه ثم العلم ويعرف هذا الترتيب المطابق لترتيبها في الوجود الخارجي بترك الأدنى واستحقاره عند وجدان إلا على فإن الصبي المشغوف بالمطاعم الطيبة إذا ظهرت فيه غريزة النكاح انصرف همه إليه وقيل التفاته إليها ثم إذا أدرك لذة الرياسة والسلطنة على القلوب أعرض عن الأولتين بحيث إنه ربما يذهل عن الأكل والاشتغال بالنساء أياما لاشتغال قلبه بتدبير أمور الرياسة واصلاح الجاه فإذا أدرك لذة العلم والمعرفة أعرض عن جميع ذلك واستطاب الجوع ومتاركة النساء ومقاساة الذل والخدمة والتملق في تحصيله وكلها ظفر بشئ منه ازداد شوقه إلى شئ آخر حتى يأتيه اليقين واستكراه البعض من الجهال العلم أنما هو للنقص المركوز فيهم المقصر بهم عن ادراك لذته لا لكونه مؤلما كريها في نفسه وهو كاستكراه المريض المطعم بسبب آفة مزاجه وانحرافه عن الاعتدال والصبي والعنين المنكح بسبب قصورهما عن ادراكه فلا يقدح ذلك فيما أطبق عليه العقلاء كافة من الحكم بكونهما موافقين لذيذين لأن المناط الطباع الكاملة السليمة وهي متوافقة على شرف العلم بقول مطلق فإنه من أخص صفات الربوبية وهي منتهى الكمال ومن ثمة يرتاح الطبع إذا أثنى عليه بالزكاء و غزارة العلم ويلتذ بذلك والذي ينسب إلى العلم ولو في شئ خسيس يفرح به والعالم بالشطرنج على خسته لا يطيق السكوت عنه إذا جرى ذكره ولو كان من علماء الدين الذين
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360