التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٢٦
في الدارين وعن أبي عبد الله (ع) السكوت راحة العقل وعنه (ع) الصمت الصمت كنز وافر وزين الحليم و ستر الجاهل وعن الرضا (ع) إنه باب من أبواب الحكمة وأنه يكسب المحبة وأنه دليل على كل خير وقد سبق أنه من علامات الفقه وأنه يلقح العقل ويقوي التقوى وبالجملة قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صمت نجا فإن اللسان مفتاح الشرور العاجلة والآجلة وفي حديث آخر البلايا موكلة بالمنطق وفي آخر إن لسان ابن آدم يشرف على جوارحه كل صباح فيقول كيف أصبحتم فيقولون بخير إن تركتنا وأما آفات الصمت فالتقرير على المنكرات وكتمان العلم واهمال القوة الناطقة وفوات التعلم وغير ذلك مما لا ينبغي وإن كانت دون آفات الكلام وإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل كما سلف في حديث السجاد (ع) وقد سبق أن المستمع شريك القائل فله حظ من آفات كلامه إلا مستمع الغيبة للرد عند من أباحه كما يظهر من بعض الأخبار وأقل ما فيه هيجان الوساوس وبقاؤها كلا أو بعضا في النفس فإن الكلام لا ينفك عن تأثير ما فيها ومن ثم سمي كلاما من الكلم أي الجرح وورد في معرض المدح وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وأقل الاعراض الكف عن الاستماع وحكم الشعر وهو الكلام المنظوم مطلقا حكم غيره من أنواع الكلام فحسنه كالمشتمل على ذكر أو حكمة حسن انشاء وانشادا واستماعا بل هو أوقع في النفس وأقرب إلى الحفظ وقبيحه كالمشتمل على هجو أو تشبيب وتغزل قبيح كذلك بل أفحش وأشنع على تفاوت أصنافه وأفراده وما ورد من ذم الشعر وأهله في الكتاب والسنة فالمراد به الكلام التخييلي الذي لا حقيقة له منظوما أو منثورا كما جرى عليه اصطلاح المنطقيين وبينهما عموم من وجه وورد في صحيحة الحلبي علي بن يقطين كما تقدم ما لا بأس به فلا بأس به وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله قائلا ينشد وكل ذي غيبة يؤب وغايب الموت لا يؤب فقال إن من الشعر لحكمة وقد كانت تنشد الأشعار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) من دون نكير بل ربما أمروا بذلك باب الإخاء أي التحابب وهو مما جبل عليه الانسان لانتظام أحواله وحقه أن يكون في الله ولو اشتمل على بعض الحظوظ العاجلة للنفس ما لم تكن هي المقصودة فيحب عالما يستفاد من قوله أو حاله ما ينتفع به الدين أو صالحا يتبرك به ويتقرب إلى الله بزيارته والنظر إلى وجهه أو امرأة تفرغ قلبه للعبادة بتدبير أمر البيت وتحصن فرجه عن وساوس الشيطان وتلد له ولدا صالحا يستعين به في أمور دينه ويدعو له بعد وفاته أو غنيا يعطيه مالا يصون الوقت عن الضياع في الطلب والقلب عن التشويش والجوارح عن التعب أو متعبدا له (تع) من حيث إنه متعبد له (تع) لا لأمر آخر ولو لم يره ولم يعلم به وهو أغلى أنواع الحب في الله وأخلصها عن الشوب وما من مؤمن إلا وله من هذا الحب نصيب قل أو كثر ومن ثم إذا أخبر عن حال عالم صالح في أبعد البلاد يجد في نفسه ميلا إليه وإن كان مأيوسا من لقائه والعلم به ومن هذا الباب محبة الأنبياء الماضين والسلف الصالحين والسبب فيه محبة الله سبحانه فإنه (تع) يحبهم ويحبونه كما أخبر عنه التنزيل والمحب للشئ محب لمحبه ومحبوبه كما يوجد ذلك في أحوال العاشقين من استهتارهم بكل ما يعتلق بالمعشوق نوع اعتلاق كما قال رئيسهم أمر على الديار ديار ليلى أقبل ذا الجدار وذا الجدار أو ما هذى الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا وكذا البغض حقه أن يكون في الله وأصدقها بغض العصاة من حيث إنهم عصاة لا غير ويزدادان لقوة الطاعة والمعصية وينتقصان لضعفهما فإن قوة السبب سبب لقوة المسبب وضعفه لضعفه فيتصور في كل منهما أحوال مترتبة فالأدنى من مراتب الحب يخص باسم الأخوة وهو الارتباط بين المتحابين على وجه يمتازان به عن العامة ثم فوقها مرتبة المحبة من تخصيص اسم الجنس ببعض أنواعه كتسمية ما يقابل التصديق تصورا وهي ما تمكن في حبة القلب وهي سويداؤه التي تنشر منها الحرارة الغريزية إلى الأطراف وهي أول ما تحله الحياة وتتعلق بالروح من أعضاء الجنين ثم الخلة بضم الخاء وهي ما تخلل في سره أي دخل خلال باطنه فحشاها بحيث لم يبق فيه محل الغير و من ثم لا شركة فيها لامتناع مكنيين في مكان واحد وورد عن أبي عبد الله (ع) أن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور أضاء نور وجوههم ونور أجسادهم ونور منابرهم كل شئ حتى يعرفوا به فيقال هؤلاء المتحابون في الله وعن النبي صلى الله عليه وآله إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نور يغبطهم النبيون والشهداء فقالوا يا رسول الله صفهم لنا فقال هم المتحابون في الله والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله وعن أبي عبد الله (ع) أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأصحابه أي عرى الايمان أوثق فقالوا الله ورسوله أعلم وقال بعضهم الصلاة وقال بعضهم الزكاة وقال بعضهم الصيام وقال بعضهم الحج والعمرة وقال بعضهم الجهاد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لكل ما قلتم فضل وليس به و لكن أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله وتوالي أولياء الله والتبري من أعداء الله وينبغي أن يصاحب خيار الناس دون شرارهم فإن الأخلاق مسرية ودون الخلط لذهاب إثمه بنفعه بل إثمه أكبر من نفعه غالبا لأن النفس لدعوة الشر أطوع والمنصوص اختيار العاقل وهو الذي يفهم الأمور على ما هي عليه بنفسه أو إذا فهم علم وهو الأصل الأول لسعادة الدارين والكريم فإنه إن لم ينتفع منه بكرم لم يتضرر منه بلوم والحسن الخلق فرب عاقل يدرك الأمور ولكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو حقد أطاع هواه وخالف ما هو المعلوم عنده لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه والقانع والقانع فإنه يكسر سورة الحرص ويرضى بالحال والصالح فإنه لا يخون في الصداقة ولا يضيع الحقوق دون الفاجر فإنه يزين له فعله ويحب أن يكون مثله ولا يعينه على أمر دنياه ولا أمر معاده ومدخله إليه ومخرجه من عنده شين عليه وفي حديث آخر فإنه بايعك بأكلة وأقل من ذلك والأحمق فإنه لا يشير عليه بخير ولا يرجى لصرف السوء عنه ولو أجهد نفسه وربما أراد منفعته فضره فبعده خير من قربه والكذاب فإنه لا يهنئه معه عيش لينقل حديثه وينقل إليه الحديث كلما أفتى أحدوثة مطها بأخرى مثلها حتى أنه
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360