التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٠١
أأعنت مسلما ما الذي صنعت فيه فيذكر ما كان منه فإن ذكر أنه جرى منه خير حمد الله وكبر على توفيقه وإن ذكر معصية أو تقصيرا استغفر الله وعزم على ترك معاودته وقد سبق في باب التعقيب المحاسبة دبر كل صلاة وتدارك ما وقع من الخلل بما مر في محله كل ذلك لتمرينها على الخيرات الباقية الشريفة وضدها عن الحظوظ الفانية الدنية وإذا أحطت خبرا بما ذكر ظهر لك الجواب عما أورد هنا وهو أن في الجهاد الظاهر تعريضا للنفس لمفارقة الدنيا وزهوق الحياة وهي أعظم الحظوظ الدنيوية وتنفر النفس عنه أشد منه من غيره من التكاليف فمجاهدة النفس حاصلة في ضمنه بل لا يكاد يتحقق إلا بها فكيف يستقيم تفضيلها عليه وقد يجاب بأن جهاد النفس في حال الجهاد العدو ربما يكون أسهل وذلك أن القوة الغضبية تثور عند مناجزة العدو طلبا لدفعه وتصير النفس منقادة للمكلف فيما يريده من نصرة الدين خصوصا إذا خطر له بعض المقاصد الآخر من لذة الظفر والغنيمة وغيرهما وإن كان الباعث الأصلي هو الأول فلا يكون عليه كثير كلفة في صرف النفس إلى ما يخالف هويها بخلاف سائر العبادات فإن هذا المعنى مفقود فيها فمن ثم كان جهادها في سائر الحالات أصعب وأكبر من جهادها في حال وتلخص من ذلك أن التكاليف الشرعية كلها مجاهدات فكل ما كان القيام به منها أشق على النفس وأسخط لهواها كان أحق باطلاق اسم الجهاد عليه ومن ثم ورد أن جهاد المرأة حسن التبعل إذ قيامها بتوفية ما له عليها من الحقوق من أصعب الأمور وأشدها عليها وعن أمير المؤمنين (ع) جهاد المرأة أن تصبر على ما ترى من أذى زوجها وغيرته باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمراد بالمعروف هنا ما يعم الواجب والمندوب أو الأول خاصة ويضاده المنكر وبالأمر والنهي طلب الفعل والترك بلفظ أو غيره ويجبان شرعا في الواجب والحرام بالضرورة من الدين وأما وجوبهما العقلي فأثبته قوم ونفاه الآخرون وحجة المثبتين أثبت واشتراطهم انتفاء المفسدة كما يأتي على دليل النافين فإن بطلان التكليف من أعظم المفاسد ويستحبان في المندوب والمكروه والنشران على ترتيب اللف والضابط أن الأمر بالشئ يتبعه في الحكم مطلقا ويعاكسه النهي في المذكورات خاصة ويشترطان بشروط أربعة بعضها للوجوب وبعضها للجواز العلم الشرعي بالحكم ليأمن الغلط وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح كما ورد وتجويز التأثير بأن لا يكون التأثير عنده ممتنعا بل ممكنا بحسب ما يظهر له من أمارات حاله فلا يسقطان بظن عدم التأثير لأن التجويز قائم معه ومنهم من اكتفى في سقوطهما به ومنهم المصنف في المفاتيح وعن أبي عبد الله (ع) إنما يؤمر بالمعروف وينهي عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فليتعلم فإما صاحب سوط أو سيف فلا واصرار الفاعل أو التارك فلو ظهر منه أمارة الاقلاع سقط الوجوب ومنهم من اشترط العلم به وجعله من شروط كالأول والأمن من الضرر عليه وعلى أحد من المسلمين بسببه والمذكور في المفاتيح وغيره انتفاء المفسدة ومن أفرادها الضرر وهو أجود وأما ائتمار الأمر بما يأمر به وانزجار الناهي عما ينهي عنه فالوجه عدم اشتراطهما كما عليه المتأخرون لاطلاق الأدلة فالواجب على فاعل الحرام المشاهد فعله أمران تركه وانكاره ولا يسقط بالاخلال بأحدهما وجوب الآخر قالوا وأما الانكار في قوله عز وجل أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وقوله سبحانه لم تقولون ما لا تفعلون فإنما هو على عدم العمل بما يأمر به ويقوله لا على الأمر والقول وكذا ما في حديث الاسراء أنه صلى الله عليه وآله قال مررت بقوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقلت من أنتم قالوا كنا نأمر بالخير ولا نأتيه وننهي عن الشر ونأتيه كيف لا ولو شرط ذلك لاقتضى عدم وجوب ذلك إلا على المعصوم فينسد باب الحسبة بالكلية انتهى وهو ناظر إلى أن المشترط يشترطهما في الوجوب وظاهر أدلته لو تمت اشتراطهما في الجواز وأيضا اقتضاء ذلك عدم وجوب الحسبة على غير المعصوم إنما يتم لو اشترط في الأمر انتفاء المعصية رأسا وظاهر كلام المشترط انتفاء تلك المعصية المعينة التي تنهى عنها خاصة فلا مانع للابس الحرير عن النهي عن الغيبة مثلا ولا يلزم انسداد باب الحسبة بالكلية كما لا يخفى ثم إن اجتمعت الشرايط وكان المطلع على حال تارك المعروف أو فاعلي المنكر منفردا تعين عليه الأمر والنهي والوجوب عيني بلا كلام وأن لا يكن منفردا بل معه غيره ففي وجوب الانذار على كل واحد منهم عينا أو كفاية قولان واستدل للأول بالعمومات مثل قوله صلى الله عليه وآله إن الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا دين له قيل وما المؤمن الذي لا دين له يا رسول الله قال الذي لا ينهى عن المنكر وعن أمير المؤمنين (ع) من ترك انكار المنكر بقلبه ويده ولسانه فهو ميت في الأحياء ونحوهما للأخير بقوله عز وجل ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ورواية مسعدة عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أجب هو على الأمة جميعا فقال لا إنما هو على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر لا على الضعفة الذين لا يهتدون سبيلا وبأن الغرض من الانذار وقوع المعروف وارتفاع المنكر فإذا حصلا بفعل واحد كان الانذار من غيره عبثا وفي جميع هذه الأدلة من القصور ما لا يخفى فإن القدر المسلم من دلالة العمومات إنما هو الوجوب في الجملة والمطلوب أخص من ذلك والآية بعد تسليم كون الجار فيها للتبعيض وما يليها إنما يدلان على وجوبهما على كل واحد من آحاد الأمة وهو كذلك إذ ليس كل منهم مستجمعا لشرايط الوجوب لا على محل النزاع وهو السقوط عن بعض المستجمعين لها بقيام بعض منهم قبل ترتب الأثر والسقوط عن غير المستجمع لها لا يقتضي الوجوب الكفائي كالحج والزكاة وغيرهما من الواجبات المشروطة والانذار الأخير إنما يسلم كونه عبثا مطلقا
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360