التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٠٠
المجاهدين فما لا ينقل من الغنيمة كالدور والأراضي والأشجار فهو لجميع المسلمين على العموم المجاهدين وغيرهم يليه الإمام ويصرف خراجه في مصالحهم وله اقطاعه لبعضهم حسب ما حسب ما يراه والمشهور ثبوت الخمس فيه كما هو ظاهر الآية وإن كان كلام المصنف هنا وفيما سبق مؤذنا بنفيه وأما المنقول منها كالنقود والدواب والأثاث فيختص بحاضري القتال بعد وضع موضوعاته وهي الجعايل التي يجعلها الإمام للمصالح كالدليل والعين وألحق بها ما يستتبعه الغنيمة من مؤنة الحراس ورعاة الدواب ونحو ذلك والخمس كما مضى والنفل بالتحريك وأصله الزيادة والمراد هنا زيادة الإمام لبعض الغانمين على نصيبه شيئا من الغنيمة لمصلحة كتهجم على قرن وافتتاح لحصن ونحوهما وما يصطفيه الإمام لنفسه من فرس فارة وجارية سرية وسيف ونحوها والجعائل قبل الخمس كما مر وكذا الصفايا كما في مرسلة حماد وتقسيم الباقي بين المقاتلة ومن حضر القتال ليقاتل وإن لم يقاتل حتى الابن المولود بعد الحيازة قبل القسمة من أولاد المقاتلين دون الحاضرين لغيره كالصناع والتجار وكذا المدد الآتي ليقاتل معهم الواصل إليهم حينئذ وإن لم يدركوا القتال وأما كيفية القسمة ففي رواية حفص بن غياث للفارس سهمان وللراجل سهم ولو لم يركبوا ولم يقاتلوا على أفراسهم أو قاتلوا في السفن وعليه الأكثر سهم له وسهم لفرسه وفي غيرها للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه وهو المشتهر بين القوم رواية عن أمير المؤمنين (ع) وأن أبا حنيفة رده عليه بأنه كيف يجعل سهم بهيمة أكثر من سهم مؤمن وهو فاسد لأن السهمين ليسا للبهيمة وإنما هو للمؤمن الذي هو صاحب البهيمة بما جاهد بماله وبنفسه على وجه انبل وأقوى وأدخل في شوكة الاسلام من جهاد الراجل فتثليث قسمته ليس خارجا عن مقتضى الرأي ومستند المشهور يحتمل التقية هذا في الفرس الواحد وأما ما زاد فعن أمير المؤمنين إذا كان مع رجل أفراس في الغزو لم يسهم إلا لفرسين منها فعلى المشهور يسهم لذي الأفراس ثلاثة أسهم وعلى الأخير خمسة وحق الجهاد أن ينوي بها نصرة الدين واعلاء كلمة الله وبذل النفس وهي أحب المحبوبات في رضاه (تع) دون الفوز بالغنيمة والظفر على العدو والمحمدة بالشجاعة والحمية ونحوها وإن كانت من اللوازم وأن لا يغتم بما يصيب في نفس أو طرف أو مال ثقة منه بأن ثواب الله خير وأن ما ناله أكثر مما فاته ويكثر ذكر الله تثبيتا لعزمه وتسكينا لقلبه إذ بذكر الله تطمئن القلوب وافحاما للشيطان المثبط عنه وينسي علايق الدنيا بترك تحديث النفس بها سيما النساء والأولاد و الأموال والمساكن فإن ذكرها يهيج الشوق إليها ويكره فراقها ويسأل الله الثبات عنده وهو من الصبر على الطاعة كما سبق ولا تيسر إلا بتوفيقه (تع) وامداده فإنه من أحمز الأعمال وأصعبها على النفس ومن ثم عظم فيه الأجر وفضل الله المجاهدين على القاعدين فورد في الحديث النبوي فوق كل ذي بربر حتى يقتل في سبيل الله فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر والبر الأول بكسر الباء والثاني بفتحه والثالث كالأول إن أعيد البارز قبله إلى الفعل والثاني إن أعيد إلى ما يعود إليه مستكنه والجهاد الأعظم جهاد النفس وورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية فلما رجعوا قال مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر قيل يا رسول الله وما الجهاد الأكبر قال جهاد النفس ثم قال (ع) أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه وعن أبي عبد الله (ع) في حديث وجوه الجهاد جهادان فرض فأما أحد الفرضين فمجاهدة الرجل نفسه عن معاصي الله (تع) وهو أعظم الجهاد ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض وإنما كان هذا أكبر وأفضل وأعظم لأن فتنة النفس على المكلف أشد من فتنة العدو الظاهر والاحتراز عنها أهم فإن مطاوعتها محبوبة بالطبع ومكايدها خفية جدا والبلوى بها أعم للأوقات والاستمرار على مشاقتها ومخالفتها عسر يضيق الذرع عنه ومضرتها أخروية باقية بخلافه وهذا يجب على الأعيان على ممر الأوقات وهو بالمراقبة والمحاسبة فإن حال الحازم في مرابطته مع نفسه ينبغي أن يكون كحاله مع عامله إذا سلم إليه مالا ليتجر به ويربح فالعقل هو التاجر وربحه المطلوب تزكية النفس إذ به فلاحها كما قال (تع) قد أفلح من زكيها وهو بالنفس إذ يستخرجها في الأعمال الصالحة كما يستعين التاجر بأجيره وكما أنه ربما يصير خصما منازعا يجاذبه في وجوه التصرف والاسترباح ويخرج عن صلاحه ورضاه فلا بد أن يشارطه أولا ويراقبه ثانيا ويحاسبه ثالثا ويشكره أو يعاقبه أخيرا كذلك لا بد مع نفسه المشارطة وقد كفاه الله سبحانه أقل ما يجب من ذلك بما وظف عليه من الأعمال والتكاليف ثم المراقبة بأن لا يغفل عنها ويتعاهدها ويتطلع عليها وقتا فوقتا عند خوضها في الأعمال فإن الانسان لو أهمل نفسه طرفة عين لوجد منها ما يجد من الوكيل الخائن من تضييع رأس المال وصرفه في شهواته إذا انفرد بالأمر وإلى مقام المراقبة وقعت الإشارة إليه بقوله عز وجل والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم بشهاداتهم قائمون والذين هم لفروجهم حافظون ثم المحاسبة كل يوم كما روي عن أبي الحسن (ع) ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنا استزاد الله وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه وعن أمير المؤمنين (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أكيس الكيسين من حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت فقيل يا أمير المؤمنين كيف يحاسب نفسه قال إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال يا نفس إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا والله يسألك عنه بما أفنيته فما الذي عملت فيه أذكرت الله أم حمدتيه أقضيت حوائج مؤمن فيه أنفست عنه كربة أحفظتيه بظهر الغيب في أهله وولده أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه أكففت عن غيبته أخ مؤمن
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360