التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٢٨
برفق ولطف إذ المقصود من الإخاء اصلاح النفس برعاية الحق للأخ وتحمل الأذى والتقصير منه لا الاستعانة به والاسترفاق منه ويقبل المعذرة من المعتذر صادقا كان أم كاذبا فعلى من لم يقبلها ما ورد في النبوي من اعتذر إليه أخوه فلم يقبل فعليه مثل إثم صاحب المكس بفتح الميم و سكون الكاف يعني العشار لأنه يماكس كثيرا ويدعو له في حياته ومماته بالخير فيستجاب فيه ما لا يستجاب لنفسه وله مثل ذلك وفي رواية مثلاه وفي غيرهما مائة ألف ضعف كما سلف ويحفظ الوفاء بالثبات على المحبة والاحتراز عن القطيعة في حضوره وغيبته ولو بعد الموت معه ومع أهله وإخوانه فإن مراعاتهم أوقع في قلب الصديق من مراعاته نفسه فإن فرحه بتفقد من يتعلق به أعظم لدلالته على قوة الشفقة والحب حيث تعدى من المحبوب إلى من يتعلق به وورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنها كانت تأتينا أيام خديجة وأن كرم العهد من الايمان قال ذلك حين أكرم عجوزا أدخلت عليه فقال لها من أنت قالت قال إنا حيامة المزنية فقال بل أنت حسانة المزنية كيف حالكم كيف كنتم بعدنا قالت بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله فلما خرجت قالت عايشة يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الاقبال فقال ذلك والأصل في الوفاء تسوية الظاهر والباطن والغيبة و الحضور فلا يعطيه من لسانه ما لا يسخو به قلبه ولا يتودد في حضوره بما يقصر عنه في غيبته أما زيادة الباطن على الظاهر والغيبة على الحضور فمن كماله ولا يغير الحال في التواضع والتودد إلى الترفع والتعزز عند ارتفاع القدر واتساع الجاه فهو من اللوم بل من تمام الكرم الزيادة والاسهام من الحال المتجدد ولا ينفرد عنه في أكل الطعام اللذيذ وحضور النزهة والسرور بل يتنغص لذلك لو اتفق ويستوحش عند فراقه ويستبشر عند لقائه فإنها من مخايل صدق المودة ويساعده في مآربه جلب نفع أو دفع ضرر إلا فيما يخالف الحق فالوفاء فيه الخلاف بالنصيحة والانذار ثم الخذلان ثم الممانعة من باب النهي عن المنكر وسيأتي أنه من النصرة ويشاوره فيما يقصده من الأمر المتشابه كما أدب الله به نبيه صلى الله عليه وآله وهو أعقل الأولين والآخرين ويقبل إشارته ولا يحفظ السر عنه مهما وجده أهلا له فإنه من علامة الوثوق ولا يحب عدوه لئلا يكون شريكا في العداوة فعن بعض السلف إذا أحب صديقك عدوك فقد اشتركا في عداوتك وقال الشاعر تود عدوي ثم تزعم أنني صديقك إن الرأي عنك لعازب ويخفف بترك التكلف والتكليف في أداء الحقوق فعن أمير المؤمنين (ع) شر الأصدقاء من تكلف لك ومن أحوجك إلى مداراة وألجأك إلى اعتذار وعن أبي عبد الله (ع) أثقل إخواني علي من يتكلف لي وأتحفظ منه وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي ومن ترك التكليف أن لا يطلب منه ما يشق عليه بل يريحه من مهماته وحاجاته ولا يستمد منه من مال ولا جاه ولا يكون متقيدا بالتواضع له والتفقد والقيام بالحقوق بل لا يقصد بمحبته إلا الله وهذا التخفيف لا يختص بالحقوق بل يجري في غيرها كنوافل العبادة فلا يعترض فيها تركا ولا اتيانا كما عن طائفة من السابقين أنهم كانوا يتصاحبون على شرط المساواة بين أربعة معان إن أكل أحدهم النهار كله لم يقل له صاحبه صم وإن صام الدهر كله لم يقل له أفطر وإن أفطر وإن نام الليل كله لم يقل له قم وإن صلى كله لم يقل له نم ويستوي حالاه عنده بلا مزيد ونقصان فإن ذلك أن تفاوت حرك الطبع إلى الرياء والتحفظ لا محالة وكان تكلفا ينبغي التبري منه فورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنا وأتقياء أمتي برءاء من التكلف كما سبق ويرفع بعض الآداب الظاهرة المرسومة بين الأجانب كالقيام والتأخر والاعتذار والثناء عند تمام الاتحاد والخلوص فالمقصود من الصحبة صفاء القلب والأدب عنوانه الظاهرة ومهما عرف حصول المقصود استغنى عن عنوانه بما فيه من شوب التكلف ويزور غبا لا كل يوم فإنه مما يورث الملال وورد في النبوي زر غبا تزدد حبا والمشهور أن الغب يوم ويوم لا وقيل يوم بعد أيام وعن الحسن في كل أسبوع إلا أن يا من الملال فلا بأس كل يوم ويحمل الحديث على تحديد الأقل وورد عن أبي عبد الله (ع) ما زار أحد أخاه المسلم في الله ولله إلا ناداه الله عز وجل أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة وقد تقدم حديث أبي الحسن (ع) من لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي إخوانه يكتب له ثواب زيارتنا وينبغي أن ينوي فيها الاستيناس باللقاء فإنهما من طينة واحدة والاستعانة على أمور الدين فورد أن الأخوين كاليدين تغسل إحديهما الأخرى والتقرب إليه (تع) بإقامة الحق الواجب للأخ المؤمن وتحمل المؤنة في ذلك وورد في حديث أبي عبد الله (ع) ما عبد الله بشئ مثل أفضل من أداء حق المؤمن وفي الحديث النبوي برواية أهل البيت (ع) للمؤمن على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بأداء أو العفو يغفر زلته ويرحم غربته ويستر عورته ويقيل عثرته ويقبل معذرته ويرد غيبته ويديم نصيحته ويحفظ خلته ويرعي ذمته ويعود مرضته ويشهد ميتته ويجيب دعوته ويقبل هديته ويكافئ صلته ويشكر نعمته ويحسن نصرته ويحفظ حليلته ويقضي حاجته ويشفع مسئلته ويسمت عطسته ويرشد ضالته ويرد سلامه ويطيب كلامه ويبر انعامه ويصدق أقسامه ويواليه و لا يعاديه وينصره ظالما أو مظلوما فأما نصرته ظالما فيرده عن ظلمه وأما نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقه ولا يسلمه ولا يخذله ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ويكره له من الشر ما يكره لنفسه والمعدودات تنيف على الثلاثين باثنين ولا ضير لاتحاد كل من ترك المعاداة والخذلان بسابقة ويمكن فرض الاتحاد في غيرها أيضا وفي تتمة هذه الرواية أو رواية أخرى نبوية أيضا إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له عليه وفي حديث أمير المؤمنين (ع) لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه فإنه ليس لك بأخ من ضيعت حقه باب المعاشرة و هي من ضروريات الانسان أيضا والمراد بها ما يعم المعاشرة الخاصة التي مع العمودين والزوجة
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360