التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٣٢
مما يظهرونه فإن مؤنة النطق خفيفة فيتساهلون فيها ويكلف عليهم العمل ولا بطمع رعاية الحقوق فإنه من الأطماع الكاذبة ولا مظفر بها وعن أبي عبد الله (ع) أنى لك بأخيك كله وأي الرجال المهذب وعنه (ع) ليس من الانصاف مطالبة الإخوان بالانصاف ولا ما في أيديهم فيستعجلون الذل ولا ينال الغرض وهما من التكليف ولا يعاتب من لم يقض حاجته وإلا لطال الأمر بكثرة العتاب لأنه الغالب في أكثر من ترفع إليهم الحاجات أو المراد أن المعاتب يصير عدوا فيطول الأمر في مقاساته أو استصلاحه ويحمد الله (تع) على تسخيرهم إن رأى منهم كرامة ولو كف أذية ويكلهم إلى الله (تع) وإن رأى منهم مكروها ولا يشتغل بمكافأتهم فيضيع وقته عبثا ويستعيذ بالله من شرهم ويتوقى عنه ما أمكن ويشارك في حقهم ويتغافل عن باطلهم ولا يصده الباطل عن الحق وفي حسنة زرارة أنه حضر أبو جعفر (ع) جنازة رجل من قريش وأنا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطاء لتسكتن أو لنرجعن فلم تسكت فرجع عطاء فقلت لأبي جعفر (ع) إن عطاء قد رجع فقال امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم ويحسب الكبير كالأب والصغير كالابن والمساوي كالأخ فيراعيهم مراعاتهم وهذه الجملة إما من تكرار النساخ أو الأولي لأولي الأرحام وهذه لمن عداهم ويبالغ في الاحتمال وإن كان مقتدرا على الانتقام ما لم يبلغ حد الانظلام المذموم وفي الاحسان إلى عموم الناس أهله وغير أهله ما لم يستلزم إساءة فإن لم يصب أهله فهو من أهله فورد اصنع المعروف إلى أهله وغير أهله فإن لم تصب أهله فأنت أهله والأصل في حقوق المعاشرة النصيحة وهي كما مضى أن يحب له ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه ولا يهجره فوق ثلاثة أيام فورد في النبوي أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرها الذي يبدأ بالسلم وفي آخر السابق يسبق إلى الجنة ويستأذن للدخول في بيوت الغير حتى الوالدين كما سبق ثلاثا مستأنسا كما في الآية الكريمة من أنس الشئ إذا أبصره فإن المستأذن مستعلم للحال مستكشف عن أن يراد دخوله أو من الاستيناس الذي هو خلاف الاستيحاش فإنه مستوحش خائف أن لا يؤذن له وفسر الاستيناس بوقع النعل والتسليم على أهل البيت كما في حديث أبي عبد الله (ع) أو التسبيح والتحميد والتكبير والتنحنح يبلغهم صوته كما في النبوي ويمكث بعد كل من الاستئذانات هنيئة قدر أن يفرغ من نحو الأكل وقضاء الحاجة فورد عن النبي صلى الله عليه وآله الاستيذان ثلاث فالأولى يستضيئون أي يستكشفون من هرو لما جاء والثانية يستصلحون أي يهيئون فراشهم وثيابهم والثالثة يأذنون أو يردون وقد سبق أن الاستيذان إنما هو في البيوت دون الدور ولا يطلع على البيت من الروازن أو فرج الباب لانتفاء فائدة الاستيذان حينئذ وبدقة دقا لينا لا يوحش أهل البيت فإذا سئل من هذا يسمي نفسه ولا يقول إنا فورد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله من قال ذلك فأنكر عليه وقال أنا أنا يردده مرارا وهل لمخلوق أن يقول إنا ولا يا غلام لما فيه من الاستحقار بل ينادى المدعو باسمه إن علمه وإلا قال يا عبد الله ولا يدخل على الظلمة في منازلهم تحاميا عن استعمال دارهم بالكون فيها ومظلتهم بالاستظلال بها وفراشهم بالجلوس عليه فكلها شبهات غالبا وعما يستلزمه لقاؤهم من التواضع معهم في الكلام و المجلس وغيرهما والسكوت تقية أو مداهنة عن منكر لعله يراه عندهم وهو يعود على التقرير على المناكير والدعاء لهم بالبقاء ومن أحب بقائهم ولو ساعة فهو منهم كما في رواية صفوان وإذا رأى منهم كرامة واحسانا أدى ذلك إلى مدحهم بالكذب أو بما يوجب رسوخهم في باطلهم واغترارهم بأنفسهم لا سيما إذا كان المادح من أهل الدين والمحبة بهم وهو من أعظم الركون المنهي عنه في الآية الكريمة ومن أحب حجرا حشره الله معه ومما يترتب على استطلاع أحوالهم بل أحوال الأغنياء عموما كما سبق استحقار نعمه (تع) على نفسه برؤية التوسع عليهم بما لم يوسع عليه ومن ثم ورد في النبوي الأمر بالنظر في أحوال الدنيا إلى من دون ونهى عن النظر إلى من فوق قال فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم إلا لرعاية إطاعة الرعية إذا كان الداخل مرموقا إليه بحيث يكون في دخوله على السلطان مدخل في انقياد الناس له و مصلحة في نظام الكل أو المراد أن من حق السلطان على الرعية إطاعتهم له فإذا كان في الدخول عليه إقامة لذلك الحق فلا ضير وإعانة مؤمن بقضاء حاجته أو دفع شر عنه أو عن غيره من المؤمنين ويندرج فيه النهي عن المنكر وليس يشترط ذلك في كل دخلة بل الشرط أن يكون هي العلة الغائية فيجوز الدخول عليهم في سائر الأوقات صيانة للحشمة والمنزلة عندهم مهما كان لذلك مدخل في قضاء حوائج المؤمنين ودفع الشرور عنهم إذا سخت إلا أنه من مواضع الغرور وكثيرا ما يلتبس فيه الحق بالباطل والأولى الاجتناب عنهم فإن إثمهم أكبر من نفعهم وكذا عن خواصهم فإنهم بمنزلتهم في أكثر ما ذكر من المفاسد ومن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه والتغافل عن أحوالهم فإن التحديث بها والاستطلاع عليها مما يحرك النفس إليهم وينبغي أن يضطر الذمي إذا لقيه في الطريق إلى أضيق الطريق كما أمر به في النبوي ولا يبدأ بالسلام عليه فإنه تحية الاسلام كما سلف وورد جوازه على الطبيب النصراني عند الحاجة ولا يزيد في جوابه شيئا بل يوجز عن المثل يقول وعليك كما مر في باب التحية ويجوز أن يدعو له في تسميته عند العطاس بالهداية دون الرحمة فعن أبي موسى الأشعري كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وآله رجاء أن يقول يرحمكم الله فيقول يهديكم الله لكن روى ثقة الاسلام عن أبي عبد الله (ع) أنه عطس عنده رجل نصراني فقال له القوم هداك الله فقال أبو عبد الله (ع) يرحمك الله فقالوا له أنه نصراني فقال لا يهديه الله حتى يرحمه ولا يرشده إلى معبده إذا استرشده إليه فإنه من التعاون على الإثم بل يشير به إلى طريق أبعد ولا يصافحه فإنها من حقوق الاسلام وورد النهي عنها بالخصوص وفي بعض الروايات مصافحته من وراء الثوب كما هو عادتهم ولا يستقبل جنازته بالوجه بل يأخذ عن يمينها أو شمالها كما
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360