التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٢٩
غبن فالأولى أن يحتمله إن كان من ضعيف أو فقير سيما إذا كان يسيرا فورد في الحديث النبوي بألفاظ متقاربة رحم الله امرءا سهل البيع سهل الشراء ولا يحتمله إن كان من غنى ولو يسيرا إلا إذا كان اقتضاؤه منافيا لمروته لأنه تضييع للمال بما لا ينفع في الدنيا ولا في الآخرة إذ لا حمد ولا أجر كما ورد أن المغبون في بيعه وشرائه لا محمود ولا مأجور وبهذا التفصيل يجمع بين الاطلاقات وكان بعض الحكماء يكثر المماكسة في المعاملة فقيل له أنت تهب الأموال الجزيلة وتضايق في الشئ الدون فقال الكرم مسامحة بالمال والغبن مسامحة بالعقل ويسامح في قبض الثمن والمثمن والدين بنقص في العين أو في الصفة وانظار وترك طلب وقبول عوض وحوالة ونحو ذلك مما يلتمسه المعامل سيما إذا كان أهلا له فورد في تتمة الحديث المصدر بقوله رحم الله امرءا سهل القضا سهل الاقتضاء وعنه صلى الله عليه وآله من أنظر معسرا أو ترك له حاسبه الله حسابا يسيرا روى ذلك أبو حامد وعن أهل البيت (ع) ثلاثة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله أحدهم من أنظر معسرا أو ترك له من حقه ويبادر في الاستيجار إلى مقاطعة الأجرة قبل استعمال الأجير كما يأتي وإلى اعطاء الأجرة بعد الفراغ من العمل قبل أن يجف عرقه كما في حسنة هشام وغيرها وفي الاستدامة إلى قضاء الدين قبل حلول الأجل استباقا إلى الخير واغتناما للفرصة ويكون بأحسن ما شرط أو أحسن منه وينوي القضاء كذلك أن عجز فورد أن الملائكة يدعون له حتى يقضيه بل ورد أنهم يعينونه روى ذلك المحمدون الثلاثة عن أبي عبد الله (ع) قال من كان عليه دين ينوي قضاءه كان معه من الله عز وجل حافظان يعينانه على الأداء من أمانته فإن قصرت نيته عن الأداء قصرا عنه من المعونة بقدر ما قصر من نيته وأن يستدين متوكلا على الله تعالى في ضعف حاله ما يكتسب به قوة في سبيله تعالى كتكفين ميت مقل وتزويد ابن سبيل ونكاح يتعفف به عن الفاحشة فهو تعالى يقضيها بتسبيب أسباب غير محتسبة وأن يقيل المعاملة إن ندم المعامل يقال أقاله إذا وافقه على نقض البيع وأجابه إليه فوعد عليه تعالى بصيغة المصدر والضمير المجرور راجع إلى الله تعالى أو الماضي والضمير عايد إلى المذكور وإقالة عثرته مرفوع على الأول منصوب على الأخير روى المحمدون الثلاثة عن أبي عبد الله (ع) أيما عبد أقال مسلما في بيع أقال الله عز وجل عثرته يوم القيامة وأن يعامل الفقير نسية فإنه من حسن المعاملة والاقراض المأمور بهما فإن كان على عزم الترك والابراء كلا أو بعضا لم يظهر غناه فأكمل وأن يكيل الطعام أخذا واعطاء وصرفا في البيت ففيه البركة ففي النبوي كيلوا طعامكم فإن البركة في الطعام المكيل وفيه أنه شكا إليه قوم سرعة نفاذ طعامهم فقال تكيلون أو تهيلون قالوا نهيل يا رسول الله يعني الجزاف قال كيلوا فإنه أعظم للبركة وعن أبي عبد الله (ع) إذا أرادت الخادم أن تعمل الطعام فمرها فلتكله فإن البركة فيما كيل وإن أعطى الراجح كما هو المندوب أعطاه بعد القسط فإنه أطيب لنفس المشتري وأن لا يتعرض للكيل والوزن والحساب إذا لم يحسنه بايعا كان أو مشتريا أو غيرهما حذرا من الزيادة والنقصان وقيل بتحريمه في الأولين وفي مرسلة الحناط رجل من نيته الوفاء وهو إذا كال لم يحسن أن يكيل قال فما يقول الذين حوله قلت يقولون لا يوفي قال هذا لا ينبغي له أن يكيل وأن يسوي بين المبتاعين في الانصاف زيادة على الواجب فلا يفرق بين المماكس وغيره ولا بين الشريف والوضيع نعم لو فاوت بينهم بسبب فضيلة ودين فلا بأس لكن يكره للآخذ قبول ذلك ولقد كان السلف يوكلون في الشراء ممن لا يعرف هربا من ذلك وذهب بعضهم إلى بقال ليشتري منه طعاما فقال البقال لولده هذا فلان الزاهد يوصيه بحسن توفيته فاغتاظ وقال جئنا لنشتري بالأثمان دون الأديان وأن يتورع في كل أموره بمعنى استعماله الورع فيها فورد في الحديث القدسي أما الورعون فإني أستحي أن أحاسبهم وفي رواية أخرى أفتش الناس ولا أفتشهم وهو على مراتب أربع وأدنى رتبه الاحتراز عن الحرام على وجه يخرج عن حد الفسق ويصحح قبول الشهادة وهو المسمى في العرف العام الورع المطلق وقد يضاف إلى العدول والتائبين ثم الاحتراز عن الشبهة مخافة الوقوع في الحرام كتجنب طعام الظلمة وجوائزهم على بعض الوجوه مخافة الوقوع في الركون إليهم وهو أول مراتب التقوى فإن من أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم كما تقدم وورد في النبوي المستفيض دع ما يريبك إلى ما لا يريبك والشبهات حمى المحرمات ومن رتع حول الحمى أو شك أن يقع فيه وهذا ورع الصالحين ثم الاحتراز عن الحلال الذي يتخوف أن ينجر إلى الحرام كالتوقي عن التحدث بأحوال الناس مخافة الانجرار إلى الغيبة وامتناع القاضي عن قبول الهدايا حذرا عن الانجرار إلى الرشوة وفي الحديث النبوي لا يكون الرجل من المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة ما به بأس وهذا هو الصدق في التقوى ومن ثم يضاف إلى المتقين ثم الاحتراز عن جميع ما ليس له تعالى مخافة صرف لحظة من العمر فأيما لا يثمر زيادة القرب لديه عز وجل وإن كان معلوما أنه لا ينجر إلى حرام ولا شبهة البتة وهو الصدق المطلق ويضاف إلى الصديقين الصادقين في قولهم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين وعليه وقع الحث بما ورد أن من تساوى يوماه فهو مغبون كما مرت الإشارة إليه ولنذكر شروط المعاملات المكتسب بها وفقهها في اثنين وعشرين بابا باب البيع وهو في اللغة وضع اليد في يد الغير ومنه البيعة وخص عرفا بالعقد الخاص لأنهم كانوا يبايعون فيه وهو من أنفع المصالح العامة التي ترتبط بها عمارة الدنيا وإباحته في الجملة من المرتكزات في العقول وخصه الشرع الإلهي بشروط وأحكام إذا روعيت أفادت الفايدة المقصودة منه وانسدت أبواب المفاسد المترتبة على الاسترسال فيه وهي إما في طرفيه المتعاقدين أو المالين المعاوض بهما فما يشترط في كل من المتعاقدين أمور ستة أحدها البلوغ فلا يصح من الصبي مطلقا وقيل بصحة بيعه إذا بلغ عشرا عاقلا وفي المفاتيح أن
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360