التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٢٥
الناس اغتابه ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته وهو أحوط ونحو ذلك من الغرض الصحيح المسوغة للغيبة التنبيه على الخطأ في المسائل العلمية لئلا يتبع وتكذيب النمام لاصلاح ذات البين وتسكين الفتنة فإن هذه كلها أسباب مبيحة لها فإن قلت فصارت الأنواع المباحة أكثر من المحظورة فلم لم يجعل الضابط في طرف الإباحة والاستثناء في طرف الخطر كما هو المطرد في نظايره قلت لأن الأفراد المحظورة أكثر وجودا في الخارج من الأفراد المباحة ومن ثم مال بعض المحققين إلى تفسيق من اغتاب مؤمنا بمجرد سماع الغيبة منه جريا على ما هو الغالب وأيضا النفوس مايلة إلى الرخص وجعل الضابط في جانب الرخصة تقوية لداعية السوء والاستثناء بعد ذلك مما لا يفي بتضعيفها فاقتضت الحكمة الابتداء بالمنع والتحذير والجام العوام حتى يكون هو المتقرر الراسخ في أذهانهم ثم بيان مواضع الرخصة بعد ذلك لوقوع الحاجة إليها أحيانا وهذا من رزانة الشريعة المقدسة صلوات الله على الصادع بها وعن القول بالظن الغير المستند إلى سبب شرعي سواء كان في الأصول أو الفروع الشرعية أو غيرها وقد ذم الله أقواما بمتابعتهم الظنون بل نفس الظن ربما يكون منهيا عنه كظن السوء بالمسلم وإن ظهر بعض مخائله فعن أمير المؤمنين (ع) ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك منه ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوء وأنت تجد لها في الخير مجملا وعن أبي عبد الله (ع) إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء ولا عبرة بالخواطر وتحديثات النفس ولا الشكوك بل المحذور هو ما تغير به القلب عما كان عليه من المودة له والمصافات فنفر منه نفورا لم يعهده واستثقله وفتر عن اكرامه وتفقده ومهما أحس المؤمن بذلك من نفسه بادر إلى مراغمتها بالتزام زيادة المراعاة والدعاء بالخير وذكر المحامد افحاما للشيطان فورد أنه المهيج لذلك وفي التنزيل يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن أي كونوا منه على جانب وتنكير الكثير لإفادة المعنى التبعيض المصرح به في قوله إن بعض الظن إثم أي ذنب يستحق به العقوبة وأما ما ورد من أن الحزم مساءة الظن وأن من خصال الأحمق الثقة بكل أحد وإذا رأيتم الرجل قد تخاضع في حركاته وتماوت في منطقه فرويدا لا يغرنكم ونحو ذلك فالظاهر أنها تحذيرات عن الافراط في حسن الظن مطلقا لا أمر بسوء الظن مطلقا كما سلف نظايره كثيرا وعن أمير المؤمنين (ع) إذ استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه جزية فقد ظلم وإذا استولى الفساد على الزمان وأهله ثم أحسن رجل الظن برجل فقد غرر ومن ثمرات سوء الظن التجسس وهو الفحص عن عورات المؤمنين فهو هاتك الستر الذي أسدله الله على عباده حيث جبل الانسان على اخفاء قبائحه وأمره به و نهى غيره من الطلع إليها فورد في تتمة الآية ولا تجسسوا فإنه ينكشف به ما لو كان مستورا لكان أسلم في الدين والدنيا وعن النميمة وهو أنها كلام يقال في حق الغير إليه سواء كان بالقول أو الكتابة أو الايماء وسببه إما إرادة السوء بالمنهى عنه أو إظهار الحب بالمنهى للمنهي إليه أو التفرج بالحديث والخوض في الفضول وهو من افشاء السر فيشمله نواهيه مضافا إلى ما ورد فيه بالخصوص لتفاحشه جدا وهو المقتضي لافراده بالذكر فورد في الكتاب ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم وعن النبي صلى الله عليه وآله ألا أخبركم بشراركم قالوا بلى قال المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون للبرعاء العيب و عن التكلم مع كل من المتعاديين بما يوافقه من ثناء أو تصويب أو إظهار موافقة ونحو ذلك فهو نفاق فإن نقل مع ذلك كلام أحدهما إلى الآخر فهو منافق نمام وورد في النبوي وغيره من كان له وجهان في الدنيا كان له لسانان من نار في الآخرة وفيه يجئ يوم القيامة ذو الوجهين والعا لسانه في قفاه وآخر من قدامه يلتهبان نارا حتى يلهبا جسده ثم يقال هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين و لسانين يعرف بذلك يوم القيامة وعن المدح وهو الثناء على النفوس الناقصة بالكمال فإنه يشتمل على الكذب وعلى إظهار الحب وقد لا يكون مضمرا له وهو النفاق وربما يكون الممدوح فاسقا وهو الأغلب وورد عن النبي صلى الله عليه وآله إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق وربما يحدث في الممدوح عجبا وينشأ منه الكبر والفتور عن الاستكال وورد أن رجلا مدح رجلا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ويحك قطعت غق صاحبك لو سمعها ما أفلح ومن ثم كان الأولى كراهة المدح واذلال المادح فورد عنه صلى الله عليه وآله احثوا في وجوه المداحين التراب وأما أصحاب النفوس الكاملة السليمة عن هذه الآفات فلا حرج في مدحهم بالصدق ولا في فرحهم بذلك كما كانت المدايح تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم ويصلون الشعراء ويمدحون بنعمة الله وعن الحلف بالبراءة من الله أو رسوله صلى الله عليه وآله أو الأئمة (ع) صادقا أم كاذبا كما مر في باب اليمين وورد في صحيحة الصفار أنه موجب للكفارة كما ذكرناه ثمة وعن السئول عن القدر وأسرار الربوبية وغوامض صفات الله ونحوه إذا لم يكن عن أهله فهو كسؤول ساسة الدواب عن أسرار الملوك سوء أدب يوجب العقوبة وكل كبيرة يرتكبها العامي فهو أسهل له وأقل ضررا عليه من أن يتكلم في العلم ولا سيما ما يتعلق بالله وصفاته وإنما شأن العوام الاشتغال بالعبادات والايمان المجمل بما ورد به القرآن والتسليم لما جاء به الرسل من غير بحث وكل من سأل عن علم غامض ولم يبلغ فهمه تلك المرتبة فهو بالإضافة إليه عامي تشمله هذه المذمة فهذه سبع عشر آفة من آفات اللسان ينبغي أن تحترز عنها وعن غير ذلك مما لا ينبغي وهي الكلمة الجامعة فيما لا يمكن حصره حتى قولك جاء رمضان وذهب رمضان ولعمرك ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى ونحو ذلك من دقائق الخطأ في الكلام مما لا يسلم منه إلا المتهذبون بالعلم والصمت وبالجملة قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه ففي الصمت خلوص عنها وفيه أي في حاله أو ملكته الوقار واجتماع الهمة والفراغ للعبادة من الفكر والذكر وغيرهما والسلامة من آفات الكلام وتبعاته
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360