التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٩
الله يقول فجزاؤه جهنم خالدا فيها إلى آخر الآية وقذف المحصنة لأن الله يقول لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم وأكل مال اليتيم لأن الله يقول إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا والفرار من الزحف لأن الله يقول ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله و ماويه جهنم وبئس المصير وأكل الربا لأن الله يقول الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس والسحر لأن الله يقول ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق والزنا لأن الله يقول ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا واليمين الغموس الفاجرة لأن الله يقول الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة والغلول لأن الله يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول ومن يكتمها فإنه إثم قلبه وشرب الخمر لأن الله نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا أو شيئا مما فرض الله لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله وذمة رسوله ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار قال فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول هلك من قال برأيه ونازعكم في العلم والفضل انتهى الحديث والوجه في كون الاشراك بالله أكبر الكبائر واضح ومن أمعن النظر رأى أنه ما من معصية صغيرة أو كبيرة إلا وفيها منه نصيب فهو بمنزلة الحقيقة الجنسية الموجودة في الأنواع كلها إلا أن مراتبه متفاوتة جدا وبعضها أجلى من بعض والأذهان العامية متسارعة إلى مرتبة واحدة منها هي أجلى المراتب وأعلاها أعني عبادة الأصنام المعمولة من الذهب والخشب أو غيرهما والسجود لها وهو الموسوم عندهم بالشرك الجلي غير ملتفتة إلى المراتب النازلة مع أن غائلتها أعظم والبلوى بها أشد واعم ولنكتف في بيانها بايراد بعض الروايات في ذلك فعن أبي عبد الله (ع) أمر الناس بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا وإن صاموا وصلوا وشهدوا أن لا إله إلا الله وجعلوا في أنفسهم أن لا يردوا إلينا كانوا بذلك من المشركين وعنه (ع) لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه النبي إلا صنع خلاف الذي صنع أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين الحديث وعنه (ع) في قول الله عز وجل وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون قال يطيع الشيطان من حيث لا يعلم فيشرك وعنه (ع) كل رياء شرك وعنه (ع) في قوله (تع) ولا يشرك بعبادة ربه أحدا قال الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربه الحديث وسئل عنه (ع) عن أدنى ما يكون به الانسان مشركا فقال من ابتدع رأيا فأحب عليه أو أبغض عليه وفي الصحيح عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفر (ع) عن أدنى ما يكون به العبد مشركا قال فقال من قال للنواة أنها حصاة وللحصاة أنها نواة ثم دان به وفي بعض الروايات أن الاستعانة في الوضوء اشراك وقوله عز وجل إنما المشركون نجس لا يبعد عمومه لجميع هذه المراتب المتباينة لاشتراكهم في الوصف المحكوم به عليهم أعني خبث الباطن ودرن القلب ورجاسة الغيب وإن كانت شهادتهم نقية مستطابة وصدقه عليها صدق المشكك على ما تحته وقد نطقت النصوص باثبات نظير هذه المراتب للكفر أيضا وبإزاء كل واحدة منها مرتبة من مراتب التوحيد والايمان والإياس من روح الله هو افراط الخوف وتفريط الرجاء كما أن الأمن من مكر الله افراط الرجاء وتفريط الخوف وكلاهما خروج عن الاعتدال ونكوب عن الصراط المستقيم كما يأتي والسحر في الأصل صرف الشئ عن وجهه وسحر كمنع خدع وكل ما لطف مأخذه ودق فهو سحر سواء كان من أعمال اليد أو خواص الجواهر أو الأعراض مفردة أو مركبة أو غير ذلك فيندرج فيه الشعوذة وقد يطلق على ما يباينها وربما يفسر بكل عمل يحدث بسببه ضرر على الغير من كلام أو كتابة أو رقية أو أقسام وعزايم أو نحوها ومنه عقد الرجل عن زوجته بحيث لا يقدر على وطيها والقاء البغضاء بينهما كما قال الله (تع) فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ومنه استخدام الملائكة والجن و استنزال الشياطين في كشف الغائبات وعلاج المصاب واستحضارهم وتلبيسهم ببدن صبي أو امرأة فتعلم ذلك وأشباهه وتعليمه والعمل به حرام إلا للتوقي أو دفع المتنبي وقيل بوجوب تعلمه لذلك كفاية وعن أمير المؤمنين (ع) من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر وكان آخر عهده بربه وحده أن يقتل إلا أن يتوب ويجوز حله بالقرآن والأقسام وهل يجوز بالسحر الذي حكم به العلامة في المنتهى المنع لأنه سحر وحديث عيسى بن سيفي صريح في الجواز وأما الطلسم وهو مزج القوى العالية بالقوى السافلة ليحدث منها أمر غريب في عالم الكون والفساد فما كان منها مشتملا على اضرار أو تمويه على المسلمين أو استهانة بشئ من حرمات الله كالقرآن وأبعاضه وأسماء الله الحسنى ونحو ذلك فلا ريب في تحريمه سواء عد من السحر أو لا وما عدا ذلك للأغراض المباحة كحضور الغائب وبقاء عمارة الدار والضيعة وفتح حصن الكفار على المسلمين ونحوه فمقتضى الأصل جوازه ويحكي عن بعض عظماء الأصحاب فعله وربما يستندون في بعضها إلى أمير المؤمنين (ع) وإن كان في السند كلام وأطلق في الدروس تحريم عمل الطلسمات الحاقا له بالسحر ووجهه غير ظاهر وأما تسخير رونيات الكواكب فالذي وقفت عليه من أعمالها يشتمل على مناكير كثيرة ومن جملتها أوراد وأذكار لا يجترئ المسلم على التلفظ بها وإن كانت الغاية المقصودة مباحة وما يحكى عن بعض المتأخرين من فعل ذلك فغير ثابت وبعد التسليم فلعله كان على نهج آخر وهذه أمور مباينة للمعهود من آداب الاسلام في التوصل إلى المقاصد بالدعاء والتضرع والابتهال إلى الله والاستشفاع والتوسل إليه بأرواح النبي والأئمة صلوات الله عليهم وإنما تناسب مذهب الصبوة والتنجيم والزنا هو ايقاب الحشفة بامرأة محرمة قبلا أو دبرا وهي الفاحشة وقد يقال إنه في الدبر لواط
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360