التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢١
والمراد بالميتة هنا الحيوان الزاهق روحه بغير التذكية المعتبرة شرعا سواء كان مما يقع عليه الذكاة في الشرع أم لا ويدخل فيها المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وفي حكمها أجزاؤها التي تحلها الحياة وإن أبينت من الحي وأما ما لا تحله الحياة منها فلا يصدق عليه الوصف المقتضي للتحريم وهو الموت وربما يترائى أن في كلامه صلوات الله عليه إيماء إلى أن المضاف المقدر في قوله (تع) في سورة المائدة حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به هو الأكل كما هو المتبادر كما أن المتبادر من تحريم الأمهات في قوله عز وجل حرمت عليكم أمهاتكم نكاحهن ويترتب على ذلك جواز الاستقاء بجلودها للزرع ونحوه خلافا لمن حرم استعمالها مطلقا لأنه أقرب المجازات إلى الحقيقة من إضافة التحريم إلى العين وفيه أن الآية مسوقة لبيان المحرمات مطلقا والحديث لبيان الكباير فحسب وإذا اختلف السياقان امتنع الاستشهاد بأحدهما للآخر فيحتمل تحريم الانتفاعات كلها وإن كان المعدود من الكباير هو الأكل لا غير والدم وإن كان مطلقا إلا أنه مقيد في آية الأنعام بالمسفوح فالمتخلف في تضاعيف اللحم بعد القذف المعتاد من غير مانع باق على أصل الإباحة كما صرحوا به من غير نقل خلاف ويندرج في لحم الخنزير جميع أجزائه من الشحوم والغضاريف والصفاقات وغيرها والمراد بما أهل لغير الله ما رفع الصوت عند ذبحه باسم اللات والعزى كما كانوا يفعلونه وهو أخص مما لم يذكر اسم الله عليه المنهي عنه في آية الأنعام وفي التقييد بغير ضرورة دلالة على اختصاص الحكم في المذكورات بحالة السعة وقد وقع التصريح بالإباحة عند الاضطرار في المخمصة في الآية الكريمة فتتقدر الرخصة بقدرها كما في نظايرها والسحت على وزن عنق وقفل الحرام من سحته إذا استأصله لأنه مسحوت البركة وفي الحديث النبوي إنه الرشوة في الحكم وعن أمير المؤمنين (ع) ثمن الميتة وثمن الكلب وثمن الخمر ومهر البغي والرشوة وأجر الكاهن وكسب الحجام وعسيب الفحل والاستجعال في المعصية وفي حديث آخر كل شئ غل من الإمام فهو سحت وأكل مال اليتيم وشبهه سحت وللسحت أنواع كثيرة أجور الفواجر وثمن الخمر و النبيذ المسكر والربا بعد البينة فأما الرشا في الحكم فإن ذلك هو الكفر بالله العظيم وبرسوله وعن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن قاض بين فريقين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق قال ذلك السحت و عن أمير المؤمنين (ع) في قوله (تع) أكالون للسحت قال هو الرجل يقضي لأخيه الحاجة ثم يقبل هديته والقمار بكسر القاف مصدر قامر إذا قالب والمراد اللعب بالآلات المعدة للمغالبة كالنرد والشطرنج والأربعة عشر وغيرها حتى الجوز والخاتم وعن الباقر والجواد (ع) في قوله (تع) وأن تستقسموا بالأزلام كانوا يعمدون إلى الجزور فيجزونه عشرة أجزاء ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام فيدفعونها إلى رجل وهو عشرة سبعة لها أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها وثمن الجزور على من لم يخرج له من الأنصباء شئ وهو القمار فحرمه الله والحديث مختصر والبخس في الكيل والوزن نقصهما وهو التطفيف وقد كرر الله النهي عنه والتوعيد الشديد عليه في القرآن وأهلك به أمة من الأولين وهو من أمهات المعاصي لاشتماله على الكذب والسرقة والخيانة وأضرها بالنظام وذلك لأن معايش الخلق لا تنتظم بينهم إلا بالمعاملة والمعاملة لا تنتظم إلا بالقسطاس المستقيم والباخس المخل بالقسطاس مخل بأمر المعاملة وذلك مستلزم لاختلال المصالح الدنيوية وهي أحد الشطرين اللذين بعث الأنبياء بأسرهم وأنزلت الكتب الإلهية بأسرها لتقريرهما وتثبيتهما في النفوس لأنهم إنما بعثوا لمصلحة الدين والدنيا ومن هذا شأنه يبالغ في موعظته ونهيه عن هذا المنكر الذي هو من أشد المناكير ضررا وجناية ويؤدب ويعزر ويهدد بالبأس الشديد والجهاد بالسيف كما يجاهد الكفار المخلون بالشطر الآخر أعني المصالح الدينية وآخر الدواء الكي وإليه الإشارة بقوله عز وجل لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد وفي الحديث أن جبرئيل (ع) نزل بالميزان على نوح (ع) وقال مر قومك يزنوا به ويندرج فيه البخس في الذراع لأنه من الميزان إذ المراد به الآلة التي بها يعرف مقادير الحقوق لتحفظ النسبة بينها ويستعمل فيها بالقسط والعدل بل البصير يلتفت من تحريم البخس في الميزان إلى تحريم المشاغبة في الكلام والمغالطة في الحجة وتلبيس الحق بالباطل فإن ذلك كله من أفراده على وجه أعم والقنوط من رحمة الله قيل هو اليأس من روح الله وهو ظاهر المصنف هنا وربما يفرق بينهما كما هو ظاهر العطف سيما مع الفصل ويأتي في باب الرجاء والخوف ومعونة الظالمين قد وقع في كلام كثير منهم كالمحقق والعلامة والشهيدين ومن وافقهم قدس الله أرواحهم مقيدا بما إذا كانت بما هو محرم في نفسه كالكتابة لهم واحضار المظلوم ونحوه دون معونتهم بالأعمال المحللة كالخياطة والبناء وإن كره التكسب بأموالهم وقال شيخنا البهائي طاب ثراه أن هذا التفصيل إن كان قد وقع عليه اجماع فلا كلام فيه وإلا فللمناقشة فيه مجال فإن النصوص متظافرة بالعموم في الإعانة بالمحرم و المباح بل المندوب روى محمد بن يعقوب بإسناده عن علي بن حمزة قال كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال استأذن لي على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) فاستأذنت له فأذن له فلما دخل وسلم جلس ثم قال جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من ديوانهم مالا كثير لو أغمضت في مطالبه فقال أبو عبد الله (ع) لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبي لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما جدوا شيئا إلا ما في أيديهم الحديث فإن قوله (ع) ويشهد جماعتهم يدل على عدم الاختصاص بما هو محرم في نفسه ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي يعفور قال كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه رجل من أصحابه فقال له أصلحك الله أنه ربما أصاب الرجل منا الضيق أو الشدة فيدعى إلى البناء فيبنيه أو للنهر يكريه أو
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360