التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٠
استقر بنا المجلس ورد هشام بن الحكم وهو أول ما اختطت لحيته فوسع له أبو عبد الله (ع) وقال ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ثم قال يا حمران كلم الرجل فكلمه فظهر عليه حمران ثم قال يا طاقي كلمه فكلمه فظهر عليه الأحول ثم قال يا هشام بن سالم كلمه فتعاوقا ثم قال لقيس الماصر كلمه فكلمه فأقبل أبو عبد الله (ع) يضحك من كلامهما مما قد أصاب الشامي فقال للشامي كلم هذا الغلام يعني هشام بن الحكم فكلمه وقطعه واستبصر الشامي ثم التفت أبو عبد الله (ع) إلى حمران فقال تجري الكلام على الأثر فتصيب والتفت إلى هشام بن سالم فقال تريد الأثر ولا تعرفه ثم التفت إلى الأحول فقال قياس رواع تكسر باطلا بباطل إلا أن باطلك أظهر ثم التفت إلى قيس الماصر فقال تتكلم وأقرب ما تكون من الخير عن رسول الله أبعد ما تكون منه تمزج الحق مع الباطل وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل أنت والأحول قفازان حاذقان ثم قال يا هشام لا تكاد تقع تلوي رجليك إذا هممت بالأرض طرت مثلك فليكلم الناس فاتق الزلة والشفاعة من ورائها انشاء الله والحديث مختصر وحيث يرخص فيه للضرورة فليقتصر منه على قدر الحاجة كما في سائر الاضطراريات و ربما وجب حينئذ نصرة للدين وحراسة للمذهب وحماية عن الحق كفاية أو عينا على الماهر بالصنعة الحاذق فيها مثل هشام بن الحكم والاطلاقات السابقة محمولة على الغالب من الأحوال وأفراد المتكلمين فهو كما قيل نظير منع الصبيان عن شاطئ الدجلة شفقة عليهم من الغرق ورخصة الماهر القوي تضاهي رخصة الكاملين في صنعة السباحة إلا أن ههنا موضع غرور ومزلة قدم وهو أن كل ضعيف في عقله يظن بنفسه أنه يقدر على ادراك الحقايق كلها وأنه من جملة الأقوياء فربما يخوضون ويغرقون في بحر الجهات لا من حيث لا يشعرون وهذا الوجه فيما قد ورد من التصريح بالتعميم فيما رواه محمد بن عيسى قال قرأت في كتاب علي بن هلال أنه سئل عن الرجل يعني أبا الحسن (ع) أنهم نهوا عن الكلام في الدين فتأول مواليك المتكلمون بأنه إنما نهى من لا يحسن أن يتكلم فلم ينهه فهل ذلك كما تأولوا أو لا فكتب (ع) المحسن وغير المحسن لا يتكلم فيه فإن إثمه أكبر من نفعه وربما أوردناه يتضح لك أمر المجادلة والتفصيل الذي أشرنا إليه ويتسهل عليك الإحاطة بقسميها ويزيد ذلك بيانا ما ورد أنه ذكر عند أبي عبد الله (ع) الجدال في الدين وأن رسول الله والأئمة صلى الله عليه وآله قد نهوا عنه فقال (ع) لم ينه عنه مطلقا وإنما لكنه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن قيل يا بن رسول الله فما الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن فقال أما الجدال بغير التي هي أحسن فإن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبه الله (تع) ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجة له على باطله وأما الضعفاء فتغتم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل وأما الجدال بالتي هي أحسن وهو ما أمر الله به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت واحياء الله له فقال الله له حاكيا عنه وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم فقال الله في الرد عليه قل يا محمد يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون إلى آخر السورة فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم فق الله قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ا فتعجز من ابتداه لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلي بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته ثم قال الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون أي إذا كن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم أنه على إعادة ما يلي أقدر ثم قال أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة الباقي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي قال فهذا الجدال بالتي هي أحسن لأن فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شبههم وأما الجدال بغير التي هي أحسن فإن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله وإنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر والحديث مختصر وحق العلم اخلاص النية في طلبه وبذله لله جل جلاله فإن مدار الأعمال على النيات وبسببها يكون العمل تارة خزفة لا قيمة لها وتارة جوهرة لا يعلم قيمتها لعظم قدرها وتارة وبالأعلى صاحبه مكتوبا في ديوان السيئات وإن كان بصورة الواجبات كما يأتي فيجب على كل من طالب العلم وباذله أن يقصد بعمله وجه الله سبحانه وامتثال أمره واستصلاح نفسه وغيره ولا يقصد بذلك شيئا من أغراض الدنيا من مال أو جاه أو شهوة أو امتياز عن أشباه وافتخار وترفع على الأقران أو غير ذلك من المقاصد الفاسدة التي ثمرتها الخذلان من الله عز وجل والبعد عن الدار الآخرة والثواب الدائم فيصير من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا وفي الحديث من طلب العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار وفيه من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة وعن أبي عبد الله (ع) من تعلم العلم وعمل به وعلم لله دعى في ملكوت السماوات عظيما فقيل تعلم لله وعمل لله وعلم لله واخلاص النية مما يحق في كل عمل وإن كان في العلم أحق والعمل به فيما يطلب للعمل إذ بدون ذلك لا ينفعه عمله في سلامة العاقبة وكان كمن به مرض شديد وهو يعلم كيفية العلاج وترتيب الأدوية فيظن أن ذلك يكفيه في خلاصه عن مرضه ويشفيه بدون العمل به فلا يزال يزداد مرضه حتى يهلكه وفي الحديث لا تطلبوا علم ما
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360