التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١١
لا تعلمون ولما تعلموا بما علمتم فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفرا ولم يزدد من الله إلا بعدا وقلما ينتفع بذلك العلم غيره أيضا فإن الذي يتناول مطعوما بنهمة وينهى الحاضرين عنه معللا بأنه مسموم منهوم عند الناس بالكذب وسخافة الرأي بل هم لفعله أطوع منهم لقوله إذ لولا أنه أطيب الأطعمة لما استأثر به وفي الحديث أن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا ولو فرض أن واحدا من الأكياس أو ممن لا خبرة لهم بحاله اهتدوا بعلمه كان ذلك حسرة ووبالا عليه كما تقدم وعن النبي صلى الله عليه وآله العلماء رجلان رجل عالم أخذ بعلمه فهذا ناج وعالم تارك لعلمه فهذا هالك وأن أشد الناس ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله فاستجاب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الله الجنة وأدخل الداعي إلى النار بتركه علمه الحديث على أن العمل عقال العلم وهو بدونه في معرض الذهاب وفي الحديث العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل ومن عمل علم والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه والقول بما يعلم والوقوف عند ما لا يعلم فعن زرارة بن أعين قال سألت أبا عبد الله (ع) ما حق الله على العباد قال إن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عندما لا يعلمون وعن أبي عبد الله (ع) مثله وزاد فإن فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه وفي حديث آخر ما علمتم فقولوا وما لم تعلموا فقولوا الله أعلم وعن أبي عبد الله (ع) قال للعالم إذا سئل عن شئ وهو لا يعلمه أن يقول الله أعلم وليس لغير العالم أن يقول ذلك وعنه (ع) إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل لا أدري ولا يقل الله أعلم فيوقع في قلب صاحبه شكا وإذا قال المسؤول لا أدري فلا يتهمه السائل والاحتراز عن الفتوى بالرأي و التدين بما لا يعلم ففي الصحيح عن أبي عبد الله (ع) إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك إياك أن تفتي الناس برأيك وتدين بما لا تعلم والتفهم وهو أن يستوضح في كل مقام ما يليق به من تفهم المسألة إذا فهمها شيئا بعد شئ دون الاقتصار على مجرد حفظ الأقوال والألفاظ فيكون مثله كمثل الحمار يحمل أسفارا وعن أمير المؤمنين عليه السلام لا خير في علم ليس فيه تفهم والاستبصار في أنحاء الحق حتى لا ينفلح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة كما في حديث أمير المؤمنين (ع) في وصف حملة العلوم وبذله قال الله (تع) إن الذين يكتمون ما بينا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وعن أبي عبد الله (ع) قال قرأت في كتاب على أن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال وعن أبي جعفر (ع) من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص أولئك من أجورهم من شئ وفي حديث آخر وإن مات وأيضا يقوى بالبذل ويتكامل كما ورد عن أمير المؤمنين (ع) العلم يزكو بالانفاق وفي حديث زكاة العلم أن تعلمه عباد الله كما يراعى في زكاة المال استحقاق المبذول له وأهليته لها حتى يترتب على اعطائه ما وعد الله المزكين من المثوبات فيمنع غير المستحق الذي لا يليق العطاء وإن سأل الحافا كذلك يراعي في بذل العلم كونه لأهله المستوجبين له المنتفعين به ومنعه عن غير أهله حذرا عن الظلم وتعليق الدر على أعناق الخنازير كما تقدم وسئل بعض العلماء عن مسألة فلم يجب فقال السائل أما سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول من كتم علما نافعا جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار فقال له العالم اترك اللجام واذهب فإن جاءني من ينفعه فكتمته فليلجمني قال بعض المحققين ليس الظلم في اعطاء غير المستحق أقل منه من منع المستحق بل هو في الثاني أقل لأنه تأخير يمكن أن يتدارك بخلاف الأول لأنه تفويت ونعم ما قيل فمن منح الجهال علما أضاعه ومن منع المستوجبين فقد ظلم قال الشهيد الثاني ولا يمتنع المعلم من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية فربما عسر على كثير من المبتدئين بالاشتغال تصحيح النية لضعف نفوسهم وانحطاطها عن ادراك السعادة الآجلة وقلة أنسهم بموجبات تصحيحها فالامتناع من تعليمه يؤدي على تفويت كثير من العلم مع أنه يرجى ببركة العلم تصحيحها إذا أنس بالعلم لكن يجب على المعلم إذا أشعر من المتعلم فساد النية أن يستدرجه بالموعظة الحسنة وينبهه على خطر العلم الذي لا يراد به وجه الله ويتلو عليه من الأخبار الواردة في ذلك حالا فحالا حتى يقوده إلى القصد الصحيح فإن لم ينجع ذلك ويئس منه قيل يتركه حينئذ فإن العلم لا يزيده إلا شرا وفصل آخرون فقالوا إن كان فساد نيته من جهة الكبر و المراء ونحوهما فالأمر كذلك وإن كان من جهة حب الرياسة الدنيوية فينبغي مع اليأس من اصلاحه أن لا يمنعه لعدم ثوران المفسدة وتعديها ولأنها لا يكاد يخلص من هذه الرذيلة أحد في البداية فإذا وصل إلى أصل العلم عرف أن العلم أنما يطلب للسعادة الأبدية بالذات والرياسة لازمة له قصدت أم لم تقصد انتهى والشفقة في التعليم ففي رسالة علي بن الحسين (ع) إلى بعض أصحابه في تعداد الحقوق الواجبة ثم حق رعيتك في العلم فإن الجاهل رعية العالم إلى أن قال فإن تعلم أن الله إنما جعلك قيما لهم فيما أتاك من العلم و فتح لك من خزائنه فإن أحسنت في تعليم الناس ولا تخرق بهم ولا تضجر عليهم زادك الله من فضله و أنت منعت الناس من علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله أن يسلبك العلم وبهائه ويسقط من القلوب محلك الحديث وأيضا فإن المتعلم بالنسبة إلى المعلم ولد روحاني فينبغي أن ينظر إليه نظر الوالد الشفيق إلى الولد البار المسترشد ويؤدبه أحسن الأدب وأول ذلك أن يحرصه على الاخلاص لله في علمه وسعيه ومراقبته (تع) في جميع اللحظات ويعلمه أن بذلك تنفتح عليه أبواب المعارف وينشرح صدره وتتفجر من قلبه ينابيع الحكمة ويبارك له في حاله وعلمه ويوفق للإصابة ويتلو عليه الآثار الواردة في ذلك ويزهده في الدنيا ويصرفه عن التعلق بها والاغترار بزخارفها و يرغبه في العلم ويذكره بفضائله وفضائل العلماء وأنهم ورثة الأنبياء وأن مدادهم يرجح دماء الشهداء وأن الملائكة لتضع أجنحتها لهم وأنهم على منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء ونحو ذلك مما ورد في فضل العلم وأهله من الأخبار والاشعار والأمثال ففي الأقاويل الخطابية والكلمات الشعرية هز عظيم للنفوس الانسانية كما يرى ويتلطف في موعظته للاقتصار على الميسور وقدر الكفاية من الدنيا
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360