التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٦
لأنه (ع) وسع في المسكوت عنه وضيق في الشبهات فدخوله فيها يوجب التناقض في الكلام والصحيحة إنما تضمنت الأمر بالاحتياط عن الفتوى في المسائل الشرعية للجاهل بأحكامها ولا دلالة فيها على أكثر من ذلك و هذا معنى متفق عليه لا ارتباط له بموضع البحث هذه خلاصة كلماتهم مع تتميم وفصل الخطاب في هذا الباب يتوقف على تحرير محل النزاع أولا فاعلم أنه إن أريد بالنص المنفي فيما لا نص فيه النص الخاص بالأمر المبحوث عنه فاطلاق الحكم باندراجه في الشبهات ممنوع كما أن اطلاق الحكم بخروجه عنها كذلك وذلك لانقسامه إلى قسمين أحدهما ما لا يمكن ادراجه تحت شئ من عمومات الكتاب والسنة وهذا من الشبهات والمشكلات الذي التي يرد علمها إلى الله ورسوله ويحتاط فيها في العمل والآخر ما يمكن ادراجه تحت شئ منها وهذا يشمله حكم ذلك العموم ويلتحق بأحد الأمرين البينين ما لم يتعارض فيه عمومان وحينئذ يندرج في الشبهات ويحتاط فيها علما وعملا وانحصار البيان في النص الخاص ممنوع كما يشهد بذلك مراجعة طريقة السلف الصالح رضوان الله عليهم وتبين من هذا البيان حال ما لو أريد بالنص ما يعم العمومات وحمل الكلام على المهملة مما يخل بفائدته على أن حديث تقسيم الأمور مشتمل على صريح الحصر ونقله (ع) بعد ذلك حديث التثليث في مقام الاستدلال كما هو الظاهر كالصريح في إرادة التقسيم الحاصر وإلا لاختل الاستدلال فظهر أن اخراج ما لا نص فيه عن مجرى التقسيم وتخصيصه بغير المسكوت عنه غير جيد واطلاق الحكم بأن المسكوت عنه وهو ما لا نص فيه مباح للعمومات الدالة على إباحة ما لا نص فيه غير مقبول بل الوجه التفصيل بأنه إن شملته عمومات الإباحة فهو مباح بين الحكم غير مسكوت عنه كما قدمنا وإن لم تشمله كما في مسألة عبد الرحمن فلا معنى للحكم بالإباحة والقول بأنها خارجة عن المبحث فكلام خال عن التحصيل لأن المسألة المجهولة الحكم لا شبهة أنها عند الجاهل بها مما لا نص فيه لأن المراد به ما لم يبلغنا فيه عن الشارع حكم معين لا ما ليس له حكم في الواقع لأنه لا وجود له في نفس الأمر إذ ما من شئ إلا ورد فيه كتاب أو سنة وإن لم يبلغنا كله كما تظافرت به الروايات وهذا من الأمر بين الأمرين فليكن منك على ذكر وأما المسكوت عنه في حديث أمير المؤمنين (ع) فيشبه أن يكون المراد به ما ليس له ذكر صريح في ظاهر القرآن مثل الكلام في حقيقة الروح والبحث عن ماهية كلام الله وحدوثه وقدمه وغير ذلك من الصفات مما يخوض فيه الفضوليون من القاصرين وقد وضعه الله عنهم رحمة لهم و يسرا بهم فإن تكلف ذلك منهي عنه ولا سيما للنفوس الناقصة بل الأصلح لهم الاكتفاء بالايمان المرسل والتصديق المجمل وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله مر بأصحابه وهم يخوضون فغضب حتى احمرت وجنتاه ثم قال أفبهذا أمرتم تضربون كتاب الله بعضه ببعض انظروا إلى ما أمركم الله به فافعلوا وما نهيكم عنه فانتهوا وعن أبي عبد الله (ع) في جواب من سأله أن يكتب إليه بالمذهب الصحيح في التوحيد اعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات فانف عن الله البطلان والتشبيه هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان وفيهما دلالة واضحة على ما قلناه وإذ لا سبيل لنا إلى القطع في الشبهات لابهام المأخذ واظلام المسلك فالأمور بحسب القسمة الحاصرة الأولى بالنسبة إلينا قسمان محكم ومتشابه وبحسب الثانية ثلاثة أقسام هذا في الحلال والحرام وكذلك في الفرض والنفل ففرض بين ونفل بين وشبهات يتردد أمرها بينهما من أتى بها نجا يقينا من ترك الفرايض احتمالا ومن تركها وقع فيه فهلك من حيث لا يعلم ومن هنا يعلم أنه كلما وقع الاشتباه بين فعلين وجوديين يعلم وقوع التكليف بأحدهما يقينا ولا يعلم يقينا فالأخذ باليقين يأتي بهما جميعا تحريا للنجاة وحذر من الوقوع في ترك الفرائض يقينا وما يقال في المنع من أن الاتيان بفرد من الأفراد المشكوكة ينفي اليقين ببقاء التكليف وينفي احتماله بالأصل فتشكيك شارح الدروس لا يلتفت إليه الحازم الورع وإذ قد بينا الأمر في الأحكام الشرعية على أساس التثليث واقتصرنا في مداركها على القرآن والحديث فارتفع الخلاف أو قل ونجونا عما نهينا عنه من القول بالرأي والجزاف إلا من زل فإن أكثر الاختلافات الواقعة في الفروع إنما نشأت من الخوض في المتشابهات التي يضطر الناظر فيها إلى الاستمداد بالرأي المتلون السيال الذي لا يقف على حد ولا على حال ومن ثم ترى اختلاف الفتوى عن عصابتنا الأخباريين أقل منه عن الأصوليين لابهامنا ما أبهم الله وسكوتنا عما سكت الله و اقتصارنا على البين المحكم وردنا ما سواه إلى الله والرسول وأولي الأمر فإنهم أعلم وفي الحديث من عمل بما علم كفى ما لا يعلم قال المصنف طاب ثراه في سفينة النجاة ولعلك تقول إن الحكم في كل مسألة واحدة في نفس الأمر كما هو مذهب أهل الحق والأحكام الشرعية إنما تراد معرفتها للعمل وحاجة المكلفين إليها جميعا سواء فما الوجه في اخفاء بعض المسائل وابهامه فتقول إن الحكمة في أكثر الأمور الشرعية غير معلومة لنا إلا أنه يمكننا أن نشير ههنا إلى ما يمكننا يكسر سورة استبعادك بأن نقول يحتمل أن يكون من الحكم في المتشابه المحتاط فيه أنه يتميز المتقي المتدين باحتياطه في الدين وعدم رتاعه حول الحمى خوفا عن الوقوع فيه ممن لا تقوى له ويجترئ في الرتاع حوله ولا يبالي بالوقوع فيه فتتفاضل بذلك درجات الناس ومراتبهم في الدين فكما أن تارك الشبهات في الحلال والحرام وفاعلها في الفرض والنفل ليس كالهالك من حيث لا يعلم فكذا الهالك من حيث لا يعلم ليس كالهالك من حيث يعلم فالناس ثلاث فرق مترتبين وأن يكون من الحكم في المتشابه المخير فيه أن يتوسع التكليف لجمهور الناس باثبات التخيير في كثير من الأحكام وهذه رحمة من الله عز وجل وبه تختلف مراتب التكليف باختلاف مراتب الناس في العقل والمعرفة ولعل أمير المؤمنين (ع) إلى هذا أشار بقوله فلا تكلفوها رحمة من الله لكم فاقبلوها وما لا نعلم من الحكم أكثر مما نعلم هذا كلامه زيد اكرامه ولا تعبؤ فيما لا يتسامح فيه بقول من لا نقف على برهان له به من الكتاب والسنة وإن كان ذلك القول في الأخيرين مشهورا لأن أكثر الأقوال المشهورة بين الآخرين إنما حدثت شهرتها من الشيخ الطوسي (ره) كما حققه العلامة والشهيد الثاني (رض) وذلك لأن الفقهاء الذين نشؤوا بعده كانوا يتبعونه ولا يجترؤون على مخالفته لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنهم به فكانوا يفتون ويعملون
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360