التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢
في البسملة ونحوها بدلا وما بعده نعت له لا لاسم الجلالة إذ لا يتقدم البدل على النعت وأما تسمية مسيلمة رحمن اليمامة وقول شاعرهم فيه وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا فمن باب التعنت في الكفر والخروج عن قانون اللغة كما قيل وفي الحديث الرحمن اسم خاص بصفة عامة والرحيم اسم عام بصفة خاصة وفي حديث آخر الرحمن رحمن الدنيا والرحيم رحيم الآخرة وفي الدعاء المأثور يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة وفيهما إيماء إلى معنى العموم والخصوص فيهما فإن الرحمة في الدنيا تعم الصالح والطالح بخلافها في الآخرة وبما تلوناه ظهر لك في الجواب عن السؤال بأنه لم قدم الرحمن مع أن تقديم غير الأبلغ فيقال عالم نحر يرد جواد فياض وجهان وقيل إن الرحمن لما دل على جلائل النعم وأصولها فتعقيبه بالرحيم من قبيل التتميم ليشمل ما خرج منها وفيه أنه غير مرتبط بالسؤال وإنما يصلح وجها للجمع بينهما ومن ثم لو عكس الترتيب لكان الشمول المطلوب حاصلا أيضا وربما يقرر بوجه آخر وهو أن الملحوظ أولا في باب التعظيم والثناء هو عظايم النعماء وجلائل الآلاء وما عداها يجري مجرى التتمة والرديف وهو أقرب إلى السداد وأسلم من الايراد وأما ما في بعض الأدعية يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما و يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا فمن باب التوسع أو لاختلاف الاعتبارات الحمد لله انشاء للحمد وهو الثناء على ذي علم بكماله بالجملة الاسمية الدالة على الاستمرار والدوام لأنه أبلغ في المرام و أليق بالمقام واللام الأولى جنسية أو استغراقية والثانية اختصاصية تفيد القصر على المشهور والموصول في قوله الذي أوضح بأئمة الهدى بصلته ومتعلقاتها نعت أتى به للمدح مع ما فيه من بسط الكلام حيث الاطناب مطلوب والتبرك بذكرهم (ع) والتنبيه من أول الأمر على أن موضوع الكتاب إنما هو من علوم أهل البيت صلوات الله عليهم ففي الحديث كل علم لم يخرج من هذا البيت فهو باطل والباء للآلة والإضافة لامية إما لملابسة الآلية كما في ثوب الزينة أو السببية كما في سفينة النجاة أو الفاعلية كما في ذباب العسل وطوى المضاف إليه للتعميم أو هو المذكور تجوزا ايذانا بأن الحق يدور معهم حيث داروا والجار في قوله من أهل بيت النبوة للنبيين أو للتبعيض متعلق بمحذوف وفي قوله عن دينه القويم بفعل الإيضاح لتضمنه رفع الإبهام عن الموضح ودين الله المعتدل هو الاسلام الذي ارتضاه الله دينا لهذه الأمة المرحومة بتبليغ النبي المختار صلى الله عليه وآله والناس يومئذ خابطون في الجهالة تائهون في العمة والضلالة فاليهود في نكدهم ومساويهم والنصارى في توسعهم ومخازيهم والمجوس في سرفهم وتعظيمهم النيران والهنود في حيرتهم وعبادتهم الثيران والعرب في جلافة طباعهم ورداءة أوضاعهم والعجم في ترفهم واتباعهم الشهوات وعكوفهم على الأباطيل واللهوات فندبهم جزاه الله خير ما جزى نبيا عن أمته إلى الصواب والسداد ونظم لهم أمور المعاش والمعاد ودعاهم عن الميول الباطلة والأهواء الزائغة إلى العدل والصلاح والرشاد بحيث إن كل عاقل لبيب رزق حظا من الانصاف إذا أمعن النظر في كليات قواعد الملل والنواميس التي يتدين بها يضطر من نفسه إلى الاذعان بأن أشرفها وأعدلها وأقربها إلى النجاة وأكملها وأحقها بالقبول وأمثلها حتى أن الملاحدة المنكرين للنبوات المعتقدين في الأنبياء أنهم حكماء راسخين معترفون بأن الصادع به كان أكمل الحكماء وأقومهم نفسا وأوسعهم نظرا وأدقهم فكرا وأصوبهم رأيا وأرسخهم حكمة وأحسنهم سياسة وأعلمهم بمصالح الخلق في دهره وفي الدهور المتطاولة الغابرة لما يرونه بالنظر الكلي من رزانة قوانين الاسلام واتقان الشرع الأقدس ونظامه الأكمل الأتم وصلاحه الأوفى الأعم وإحاطته بجميع ما لا بد منه مما له مدخل في سعادة الدين والدنيا بحيث لا يكاد يفرض أمر من الأمور الكلية والجزئية كائنا ما كان إلا وشملته أحكام الشريعة الواسعة البيضاء على الوجه اللائق وله فيها حد لا يسوغ التعدي عنه والتخطي إلى ما سواه بما فيها من السماحة والسهولة واليسر والخلوص عن الحرج والإصر والعسر ومن ثم من الله على عباده في غير موضع من كتابه بأن هداهم للاسلام وجعلهم أمة وسطا وحيث إن الشريعة المحمدية باقية مستمرة بامتداد زمان التكليف اقتضت الحكمة البالغة الإلهية والرحمة الواسعة السبحانية أن يقوم بالأمر بعد انقضاء عهد النبوة من يتم به الحجة في كل عصر على أهله يبين لهم من أحكام الدين ما أبهم عليهم ويفصل لهم من العلوم والمعارف التي ورثها عن النبي ما يحتاجون إليه مما لم يبلغهم عنه أو بلغهم اجمالا ولم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله وهو الخليفة الحق والإمام المطلق فصارت الأئمة (ع) وسائط في ايضاح الدين وهداية المهتدين كما أن الآلة واسطة بها يعالج الفاعل فعله ومن ثم يسند الفعل إلى الفاعل تارة ويدخل الباء على اسم الآلة إن ذكر فيقال رأيته بعيني وإلى الآلة أخرى فيقال رأته عيني ومساق الكلام على الوجهين على وجه وأبلج أي أوضح بأنوار آثارهم وهي الأخبار المتضمنة لحكاية أقوالهم أو أفعالهم أو تقريراتهم والإضافة الأولى إما بيانية كما في لجين الماء أو من الاستعارة المكنية المخيلة أو لامية كالثانية فالثاني لا غير وهو من أحسن التشبيهات ففي الحديث النبوي أن على كل صواب ويقرب منه القول في قوله في ظلمات البدع والأهواء والبدع جمع بدعة بكسر الباء وهي في اللغة اسم من ابتدع الأمر إذا ابتداه وأحدثه كالرفعة والخلفة من الارتفاع والاختلاف وفي الشرع قيل هي احداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أمير المؤمنين (ع) في معاني الأخبار أن السنة ما سن رسول الله والبدعة ما أحدث بعده وإليه نظر العلامة في نهاية الأصول من قسمها إلى الأقسام الخمسة قال العلامة في نهاية الأصول والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قول الشريعة فإن دخلت في قواعد الايجاب فهي واجبة كالاشتغال بعلوم العربية التي بها يفهم كلام الله وكلام رسوله وتدوين الحديث والكلام في الجرح والتعديل لأن حفظ الشريعة واجب ولا يتأتى إلا بذلك وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب أو في قواعد التحريم فمحرمة مثل مذاهب القدرية والمرجئة والمجسمة والرد على هؤلاء من البدع الواجبة أو الندب فمندوبة كاحداث الربط والمدارس وكل احسان لم يعهد في العصر الأول أو الكراهة فمكروهة كزخرفة المساجد
(٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360