التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣
وتزويق المصاحف أو الإباحة فمباحة كالتوسع في اللذيذ من المآكل والملابس والمساكن وتوسيع الأكمام ونحوها وقيل إن اسم البدعة لا يطلق إلا على ما هو محرم من هذه الأقسام وهو الموافق للأصل وفي الحديث المستفيض كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار وقد كثر في الأدعية المأثورة الاستعاذة من البدع وسؤال التوفيق لمجانبتها والأهواء جمع هوى بالقصر وهي ميل النفس إلى ما تشتهيه من حق أو باطل ثم غلب استعماله في الثاني لأنه الغالب بحيث لا ينصرف الذهن عند الاطلاق إلا إليه وعليه قوله (تع) ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله وقوله سبحانه أرأيت من اتخذ إلهه هواه وقول أمير المؤمنين (ع) إن أخوف ما أخاف عليكم اثنان اتباع الهوى وطول الأمل ولأجل هذا التشديد العظيم الواقع في أمر البدع والأهواء حسن تشبيهها بالظلمات أو ذواتها لجامع السببية في الضلال عن السبيل المقيم والجار في قوله عن صراطه المستقيم متعلق بفعل الابلاج كما في الفقرة الأولى والصراط المستقيم هو حاق الحق والعدل المطلق وذلك أن النفس الانسانية واقعة في جميع أحوالها بين رذائل متخالفة متعاندة واقعة على طرفي الزيادة والنقصان وذمايم بينها كمال التنافي حاصلة على طرفي الافراط والتفريط كلما تباعد الانسان عن أحدهما تقارب إلى الآخر ولا مخلص منها إلا بالاقتصاد التام وملازمة الوسط الحقيقي الذي هو غاية البعد عن الطرفين ونهاية الانفكاك الممكن عنهما ففي اعمال القوة الشهوية يكون ملازما للعفة التي هي التوسط بين افراط الفجور وتفريط الخمود وفي القوة الغضبية للشجاعة المتوسطة بين التهور والجبن وفي القوة الفكرية للحكمة المتوسطة بين الجربزة والبلاهة والمراد بها هنا ما يقارب الفطنة وحسن الانتقال منا المبادي إلى الغايات وهذه هي أصول الفضائل المحصلة للعدالة الظاهرة فالعفيف لا فاجر ولا خامد والشجاع لا متهور ولا جبان والحكيم لا جربز ولا إبله وهكذا يختار التوسط والأمر بين الأمرين في سائر الأخلاق والأعمال المنشعبة عن الأصول المذكورة ففي المعاشرة التواضع المتوسط بين التكبر والتخاسس والبشاشة بين التزمت والدعابة والحلم بين الطيش والمهانة والمروة بين الآنفة والدنائة وفي الاكتساب السعي الجميل بين الحرص والكسل وفي المعيشة التقدير بين التبذير والتقتير وفي البذل السخاوة بين الاسراف والبخل وفي الأكل والشرب والنوم والكلام وغير ذلك لا يخرج عن الاعتدال والاقتصاد حتى في العبادة يكون ملازما للرفق خارجا عن مرتبة الإضاعة غير بالغ حد الايغال الذي هو الاكثار منها بحيث يعقب الملال وانتهاك البدن ومن ثم كره صوم الدهر بل وفي مودة ذي القربى يكون مقتصدا ومتقصرا على مرتبة الولاية متجاوزا عن تفريط النصب متقاصرا عن افراط الغلق والتفويض فهذه هي الطريقة المثلى الموصلة إلى الرفيق الأعلى وفي الحديث الصراط المستقيم في الدنيا ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام وفي الآخرة طريق المؤمنين إلى الجنة وفي حديث آخر الصراط أدق من الشعر واحد من السيف وذلك أن الوسط الحقيقي بين الأمور المتنافية كمال التنافي يكون في غاية الغموض والبعد عن الادراك لأنه أشبه شئ بالخط الهندسي الفاصل بين الظل والشمس الذي لا عرض له أصلا ولأجل ذلك لا تؤمن غائلته ولا يبعد أن يكون هذا الصراط في الدنيا هو الجسر المدود على متن جهنم الذي يمر عليه المؤمنون إلى الجنة في النشأة الآخرة وما ورد من أن منهم من يمر كالبرق الخاطف ومنهم مثل عدو الفرس ومنهم من يمشي حبوا ومنهم من يمر عليه متعلقا فتأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا إلى غير ذلك من الأحوال المختلفة مسببا عن اختلافهم الشديد في مراتب القرب من العدل الحقيقي والبعد عنه وتفاوتهم في قلة الالتفات إلى الميول الطبيعية و كثرته وهذا كله مبين في كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل البيت صلى الله عليه وآله ومن ثم ورد في تفسير البطون تفسير البطون الصراط المستقيم بالقرآن وبالإمام وعقب الحمد بانشاء الصلاة والسلام على محمد وآله قضى لحقوقهم وتبركا بذكرهم (ع) المعصومين من الذنوب بالاجماع والسهو والنسيان على المشهور ما دامت الصلاة والتسليم وهي أبد الأبدين كما في بعض الأدعية المأثورة صلاة يصعد أولها ولا ينفد أخرها وفعل الدوام تام لا يحتاج إلى الخبر كما في قوله (تع) خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض و بعد الحمد والصلاة السلام فيقول خادم العلوم الدينية وهي العلوم الثلاثة الأخروية التي يأتي بيانها وهي المسماة بالفقه في الصدر السالف وخدمتها عبارة عن الاشتغال بها ونشرها وترويجها وكثيرا ما يصف المصنف وهو محمد بن مرتضى الملقب بمحسن أحسن الله إليه نفسه بهذا الوصف يتمدح به و يتبجح ومن ثم قدمه على الاسم مع أنه بحسب المعنى نعت حقه التأخير اهتماما به وشوقا إليه وحق له ذلك فإنه لم يجتهد أحد من علماء المائة الحادية عشر اجتهاده في ذا الباب وقد بلغ في كثرة التصانيف المختصرة والمطولة وتلخيص المعاني وتقريبها إلى الأفهام والتوفيق بين العقل والشرع وتسهيل الأمر على الناظرين مبلغا لم يسبقه إليه سابق ولا يشق غباره لاحق وفي التسمية على الوجه المذكور إشارة إلى أن الاسم في هذه المركبات التي شاعت التسمية بها في هذه الأعصار المتأخرة إنما هو الجزء الأول لا غير فالتركيب تقييدي خلافا لمن جعله مجموع الجزئين واعتبر التركيب مزجيا وبيان مقالته إن الله (تع) خلق الانسان في أحسن تقويم وجعله في الأرض خليفة وخصه بالتكريم وآتاه الحكمة وفصل الخطاب ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب وقد ورد عن الصادقين صلى الله عليه وآله تفسير الحكمة بوجوه متقاربة يعمها جميعا ما قيل إنها خروج النفس إلى كمالها الممكن في قوتيها العلمية والعملية معا فهي مركبة من جزئين علم هو تصور حقايق الموجودات والتصديق بأحكامها وما يتبع ذلك وعمل هو ممارسة الحركات الإرادية ومزاولة الصناعات الاختيارية لاخراج ما في القوة إلى الفعل على وجه يؤدي إلى صلاح المعاش والمعاد وينقسم الجزء العلمي بحسب المعلومات إلى قسمين لأنها إما أن يتوقف وجودها على الحركات الإرادية الانسانية أو لا ويسمى الأول حكمة
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360