التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٤
على أن جميع ما حرره المتكلمون في ذا الباب فإنما أخذوا أصوله من كلام الله وكلام أهل البيت (ع) خصوصا أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله الذي هو آية الله الكبرى وفي كلماته من العلوم الإلهية والمعارف الربانية ما تتقاصر دونه علوم الأولين والآخرين وإنما وقعوا فيما وقعوا في الزيادات التي أردفوها من تلقاء أنفسهم والمقتصر على لباب الحق في غنية عنها فالراشد للبصير لا يكدر قلبه السليم برين ولا ولا يعدو التشبث بأذيال الثقلين ويقتصر على محكمات الكتاب والسنة غير متصرف بعقله الجزئي في شئ منها لاعتصامها عن الهوى والمسترشد المستبصر إذا حفظ ترجمة العقايد التي لقنها في مبدأ نشوه فلا يزال ينكشف له معانيها ويتكامل بتكامل تميزه حتى يبلغ حد الاعتقاد إلا أنه اعتقاد ضعيف يقبل الزوال بالقاء نقيضه إليه فلا بد من تقويته واثباته في نفسه حتى يترسخ به ولا يتزلزل لا بأن يعلم صنعة الجدل والكلام فإن ما يفسده الجدل أكثر مما يصلحه وما يشوشه أكثر مما يمهده كما تقدم ومن المشاهدات أن عقايد العوام أرسى وأرسخ من عقايد المتكلمين بل بأن يشغل بتلاوة القرآن وتفسيره وقراءة الحديث ومعانيه ويشتغل بوظائف العبادات فلا يزال يقوى اعتقاده ويزداد رسوخا بما يقرع سمعه من أدلة القرآن وحججه وما يرد عليه شواهد الأحاديث وفوائدها وبما يسطع عليه من أنوار العبادات وما يسري إليه من مشاهدة الصالحين ومجالستهم وروية سيماهم وسيرتهم و هيئاتهم في الخضوع لله والاستكانة له واستماع مواعظهم اللينة وأمثالهم فيكون أول التلقين كالقاء بذر في الصدور وهذه الأسباب كالسقي والتربية له حتى ينمو ذلك البذر ويقوى ويرتفع شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وليس تأييد الاعتقاد بالعمل بمقتضاه وصحبة الصالحين واصغاء الوعظ اللين مما يختص به المسترشدون ويندب إليه المبتدؤون فقط بل انتفاع العلماء الكاملين بملازمة هذه الآداب عظيم كما يقضي به المشاهدة وكذا ترك مجادلة المتكلمين سواء اعتبر المصدران مضافين إلى المفعول أو الأول إلى مفعوله النوعي والثاني إلى الفاعل هذا كله في الأصول الاعتقادية وفي الفروع العملية يتمسك بالمجمع عليه لأنه لا ريب فيه كما تقدم وروى صاحب الإحتجاج عنهم (ع) إذا اختلف أحاديثنا فخذوا عليكم بما اجتمعت عليه شيعتنا فإنه لا ريب فيه ثم الأحوط عند فقد الاجماع ووجود الخلاف إن أمكن ثم عند فقده يختار الأوثق دليله إما لموافقته لشواهد الكتاب والسنة كذا دون دليل الخلاف أو لمخالفته للمشهور بين القوم وموافقته له أو لكونه أشهر بين الرواة ثم عند تعذر هذه الوجوه يأخذ بقول من ظن أنه أعلم وأورع وإن اختلفا في الوصفين عول على أعلم الورعين وأورع العالمين فهذه هي الوجوه المأثورة في باب الترجيح عند التعارض في مقبولة عمر بن حنظلة ومرفوعة زرارة اللتين هما الأصل في الباب إلا أن الترتيب المذكور غير منطبق على شئ منهما وما اعتبره في الوافي وسفينة النجاة من أنه يؤخذ بخبر الأوثق وما للقرآن أوفق وعن رأي المخالفين أبعد وأسحق ثم التخيير على وجه التسليم المطلق فإنها كلها حق مع مخالفته لما هنا مخالف أيضا للروايتين وهما أيضا متخالفتان في الترتيب وتنفرد الأولى باشتمالها على الترجيح بموافقة الكتاب والارجاء أخيرا والثانية بالاحتياط والتخيير وقد ورد في روايات أخر الاكتفاء ببعض هذه روى الصدوق في عيون الأخبار أنه سئل الرضا عليه السلام وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا تنازعوا في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى الله عليه وآله في الشئ الواحد فقال (ع) إن الله عز وجل حرم حراما وأحل حلالا وفرض فرائض إلى أن قال فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله إلى أن قال وما لم تجدوه في شئ من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا وفي كتاب الإحتجاج للشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي (ره) عن الحسن بن الجهم قال قلت للرضا (ع) تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا فإن كان يشبهها فهو منا وإن كان لم يشبهها فليس منا قلت يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق قال إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت وعن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله (ع) قلت يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه قال لا تعمل بواحد منهما حتى تلقي صاحبك فتسأله عنه قال قلت لا بد من أن يعمل بأحدهما قال خذ بما فيه خلاف العامة وفي كتاب الأصول الأصلية ووسائل الشيعة والفوائد المدنية نقلا عن رسالة الفقهاء للشيخ قطب الدين الراوندي طاب ثراه في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه و وفي الموفق عن الحسن بن الجهم قال قلت للعبد الصالح يسعنا فيما يرد علينا منكم إلا التسليم لكم فقال لا والله لا يسعكم إلا التسليم لنا قلت فيروي عن أبي عبد الله (ع) ومروي عنه خلافه فبأيهما نأخذ قال خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتنبه وعن أبي عبد الله (ع) قال إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم وعن محمد بن عبيد الله قال قلت لأبي الحسن الرضا (ع) كيف نصنع بالخبرين المختلفين فقال إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه والمتقيد بالأخبار لا محيص له عن إهمال الترتيب بوجوهه والاقتصار على القدر الجامع بين جميعها وهو جواز الترجيح بكل منها في الجملة والزيادة على ذلك موكولة إلى بصيرة الناظر في الحلال والحرام فيبحث بقوته القدسية في كل مورد مورد من موارد التعارض عن القرائن والخصوصيات التي لا تندرج تحت قاعدة كلية فإنها من أقوى البينات على تعيين الوجه الراجح وفي الحديث النبوي أن على كل حق
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360