التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٦٨
كل ذلك تأكيد وتثبيتا لمعنى الائتلاف الذي به تتم مصالح الدنيا والدين وأهم الائتلافات وأولاها بالعناية ما كان بين الزوجين فإن الفوايد المترتبة عليه أعم وأقوى ومن ثم استعظم الله عز وجل من مضرات السحر التفريق بينهما في قوله فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وقد ورد في النهي عن الطلاق وكونه أبغض المباحات إلى الله (تع) كما يأتي ما ورد لكنه لما كان مما تمس الحاجة إليه أحيانا بسبب حصول تنافر بينهما غير مرجو الزوال بحيث لولاه لتنغص العيش على كل منهما إلى غير ذلك من المحاذير التي لا تخفى كما يمس الحاجة أحيانا إلى قطع العضو المؤف من البدن لا جرم اقتضت الحكمة الإلهية مشروعيته في الجملة ليكون سبيلا إلى الخلاص مما لا يؤمن شره ولا يرجى خيره وحيث إنه ربما يستعقب أسفا بسبب نسيان الأحقاد وتذكر الألف المعهود وما بينهما من الميثاق الغليظ وافضاء بعضهم إلى بعض شرعت العدة أجلا مضروبا لتدارك ذلك كالخيار المشروع في بيع الحيوان إلى ميعاد معين ارفاقا بمن له الخيار ونظرا لحاله فإن انقضت العدة ولم يراجع كان حكم الطلاق لازما عليه فيحتاج إلى تطييب نفسها واستمالتها إليه كما بدأها بذلك أول مرة فإن ارتجعها وتجدد التحاقد والتنافر فلير رأيه ولما كانت بعض النفوس المستولي عليها الطيش والعجلة ربما تتسرع إلى الطلاق وتقدم على هتك الحرمة بأدنى سبب اقتضت الحكمة ايجاب المحلل بالشرايط المذكورة في المرة الثالثة حتى إذا علم المطلق مرتين أنه إن طلقها أخرى لا يحل له مراجعتها إلا بعد أن ينهتك عرضه ويستباح حرمه ويتملك بضعه ويفرش حليلته غيره و يضاجعها ويؤالفها ويذوق عسيلتها وإن أعجبته أمسكها ولا سبيل عليه كان هذا المعنى مانعا له عن الاقدام على الطلاق إن كان ممن في طبعه غيرة وسروة إلا أن يكون له حاجة فيها بوجه من الوجوه فإن اتفق ذلك سومح به مرتين فإن لم ينزجر عن غيه ولم يبال بهتك حرمته وركوب الفحل حليلته مرتين وأصر على الطلاق المحرم ثالثة كان ذلك من أوضح الدلائل على خساسة نفسه وسقوط مروته وقلة حيائه ودنائة فطرته ونقص غيرته ومثل هذا لا يبالي بحاله ولا يهتم بمصلحته ولا يلتفت إلى تدارك أمره لو تندم أخيرا بل ينبغي الجامه بالتحريم المؤبد تغليبا للمصلحة الكلية المتحققة في ضمنه للرجال والنساء على العموم وعن الرضا (ع) في جواب مسائل محمد بن سنان علة الطلاق ثلاثا لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث لرغبة تحدث أو سكون غضب إن كان وليكون ذلك تخويفا و تأديبا للنساء وزحرا لهن عن معصية أزواجهن فاستحقت المرأة الفرقة والمباينة لدخولها فيما لا ينبغي من ترك طاعة زوجها وعلة تحريم المرأة بعد تسع تطليقات فلا تحل له عقوبة لئلا يستخف بالطلاق ولا يستضعف المرأة وليكون باظرا في أموره متيقظا معتبرا وليكون يأسا لهما من الاجتماع بعد تسع تطليقات والفطن إذا أيقن عنايته (تع) بأمر الايتلاف وما يلزمه من المحبة و التوافق انكشف له السر في تحريم جملة من المحارم المذكورة فإن القرابة النسبية مثلا لما كانت موجبة للمحبة الطبيعية كان ذلك مغنيا عن الحاصلة بالنكاح بل الواجب في الحكمة صرفها إلى غير الأقارب ليزداد خيرا إلى خير ومن ثم إذا ضعفت المحبة الطبيعية بسبب بعد القرابة كما في أولاد العمومة والخؤولة حسن جبرها بالنكاح ولما كانت المشاركة ملزومة للمزاحمة على مقصود واحد وهو مما ينجر إلى التباغض حرم الجمع بين الأختين لما فيه من حصول نقيض المطلوب وتنغض العيش عليهما وعلى الرجل واللبن مما يؤثر في الطباع كما هو المشاهد لا جرم كان حكم الرضاع في ذلك حكم النسب وأما محرمات الزنا واللواط فأظهر وجوهها العقوبة والتشديد والمحافظة على الناموس الإلهي إلى غير ذلك مما لا يخفى على الخبير وكذا تحرم عليه مؤبدا معقودته لنفسه إذا عقد عليها محرما بحج أو عمرة فرض أو نفل صحيح أو فاسد محرمة أو محلة دخل بها أم لا على المشهور بشرط كونه عالما بالتحريم لما في رواية زرارة وغيره عن أبي عبد الله (ع) والمحرم إذا تزوج وهو يعلم أنه حرام عليه لم تحل له أبدا ولو كان جاهلا فسد عقده ولم تحرم مطلقا للأصل وقيل تحرم أيضا إن دخل وحكى عليه في الخلاف الاجماع وقيل تحرم مطلقا كالعالم وله اطلاق موثقة أديم عنه (ع) أن المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق بينهما ولا يتعاودان أبدا ولو عقد على المحرمة محللا لم تحرم مطلقا وإن فسد العقد خلافا للشيخ للاجماع والأخبار ولم نتحققهما وكذا مدخولته قبل اكمال التسع سنين مطلقا كما في النهاية لرواية يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما ولم تحل له أبدا وقيده الأكثر بالافضاء وصرحوا بعدم خروجها عن حبالته وتحرم باستيفاء العدد الخامسة لمن كان تحته أربع دائمات سواء كان حرا أو عبدا وسواء كن حراير أو إماء حيث يجوز ذلك أو بالتلفيق وفي صحيحة محمد بن مسلم عنه (ع) لا يجمع الرجل مائه في خمس وكذا تحرم ثالثة الإماء بالعقد الدائم للحر عند من يجوز له الاثنتين منهن والمحتاط لا يتجاوز الواحدة وأكثر من حرتين أو حرة وأمتين دواما أيضا للعبد بالاجماع في الجميع ويجوز لهما الزيادة متعة في الصور الأربع على المشهور بل ادعى عليه الاجماع وفي صحيحة زرارة ما يحل من المتعة قال كم شئت وفي صحيحة أبي بصير أهي من الأربع فقال لا ولا من السبعين وفي حسنة ابن أذينة هن بمنزلة الإماء وتركه أحوط خروجا عن خلاف من جعلها من الأربع لصحيحة البزنطي اجعلوهن من الأربع فقال له صفوان بن يحيى على الاحتياط قال نعم ولعل المراد الاحتياط عن المخالفين المحرمين للمتعة وكذا يجوز لهما بملك اليمين ما شاءا اجماعا في ملك الرقبة وأما في التحليل فيبتنى على لحوقه بالعقد أو بالملك كما تقدم ويحرم على المسلم نكاح الكوافر مطلقا حتى الناصبية المعلنة بعداوة أهل البيت (ع) بالاجماع عدا الذمية مطلقا فإن للأصحاب فيها أقوالا منتشرة بسبب اختلاف الظواهر من الكتاب والسنة واختلاف الأنظار في الجمع بينها وأشهرها المنع في الدائم والجواز في المنقطع وكذا ملك اليمين ومنهم من أطلق المنع في المجوسية مدعيا عليه الاجماع والذي اختاره المصنف الكراهة في الجميع وإن كانت في المجوسية أشد وفي الدائم آكد وبالجملة فتركها مطلقا أولى
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360