التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٢٦٢
الآفات كسب الحرام والاشتغال عن الله فمن لم يكن في أذية من الشهوة وكانت فائدته منحصرة في الولد وآفته المتصورة كسب الحرام فالراجح في حقه الترك لأن فائدة الولد موهومة والآفة المفروضة نقصان ناجز في الدين والولد ربح ورأس المال الدين فهو أولى بالاحتفاظ ولو فرضت الفائدة تسكين الشهوة والآفة الاشتغال عن الله كان الراجح الفعل لأن اقتضاء الشهوة من غير مدفع مما يشغل أيضا القلب عن الله ويزيد بالانجرار إلى معصية الله وطاعة الشيطان وعلى هذا القياس وهذا أيضا من الأمر بين الأمرين وبه تنفصل الاطلاقات من الطرفين وحيث كانت مصلحة الفعل أقوى غالبا وأظهر سيما في أمزجة العرب الذين نزل الدين القيم أولا عليهم وردت أكثر الاطلاقات حاثة عليه حتى صار استحبابه في الجملة من ضروريات الدين وينبغي أن يجتهد المتجرد في إماتة شهوته وتسكينها بتناول أغذية تضعف الباه وترك أغذية تقويه من المفردات والمركبات سيما المعاجين والحبوب المصنوعة لذلك واجتناب الاكثار من التزين والتطيب سيما بالأطياب المبهية ومسامرة البطالين الذين يخوضون في حديث النساء واستماع الأشعار والأقاصيص في ذلك ومطالعة الكتب المشتملة عليه ونحو ذلك حتى النظر حتى النظر إلى سفاد الحيوانات فإن ذلك كله مما يحرك الشهوة الساكنة وهو في ذلك أشبه شئ بمن ابتلي بسبع جايع نائم فيوقظه وهو أعزل لا سلاح معه به يطيق الدفع فما أشد خطره وأبعد سلامته ويستحب له قطعها بالصوم فعن النبي صلى الله عليه وآله من استطاع منكم الباه فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لا فليصم فإن الصوم له وجاء و هو من الضمايم الراجحة نظير قصد الحمية كما مر في باب الاخلاص ويتأكد فيه غض البصر وقد أمر الله (تع) به قبل الأمر بحفظ الفرج في قوله سبحانه قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم وأكمله ما كان بالاعتزال عن المتبرج سيما في مواقع الريب فإن النظر يهيج الوساوس الكامنة في النفس ومن ثم ورد في عدة أخبار أنه سهم من سهام إبليس مسموم وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة وذلك أنه ربما يتعلق القلب بالمنظور بغير اختيار ويتعذر الوصول وقضاء الوطر أو بتعسر لمانع في أحدهما أو كليهما فيفضي ذلك إلى التعب الشديد في مقاساة الشوق أو رفع المانع ولا إثم في النظر الأول إن فقد القصد بل وقع اتفاقا فورد في النبوي وغيره لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وعليك الثانية والثالثة فيها الهلاك وعن أبي عبد الله (ع) النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة وأما صحيحة ابن سويد عن أبي الحسن (ع) قلت إني مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها فقال لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق فيمكن حملها على النظرة الأولى الاتفاقية أو على أن المراد نفي المؤاخذة من أصل الغريزة والشرطية متجهة على الوجهين والنظرة الواحدة المستطيلة في حكم المتعددة والأمر في الأمرد الجميل أشد كما في رواية السكوني وذلك لتكشفه غالبا وسهولة الإحاطة بمحاسنه وتأملها بتكرار النظر واشباعه وقربانه بالمحادثة والمفاكهة ونحوها مما لا يتيسر غالبا في الأجنبية ويزيد رسوخ التعلق في القلب كل ذلك مع امتناع الوصول في الشرع بحيث لا مطمع فيه بوجه من الوجوه فهو الداء العضال بخلافها فإنها ولو فرضت متعذرة الوصول عادة فليست متعذرة عقلا فيمكن أن يرجى له الوصول بسبب غير محتسب وإن كان مستبعدا جدا كما يحكى في بعض النوادر ومقتضى أشدية الأمر في الأمرد تحريم النظرة الثانية فما زاد إليه بطريق أولى وقد صرح بذلك بعض المحققين ويؤيده ما رواه القوم عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تديموا النظر إلى المردان فإن فيهم لمحة من الحور العين وهو متجه فيما إذا كان على وجه الشهوة وخيف منه الانجرار إلى الفاحشة أو الابتلاء بالعشق البهيمي أما لو كان لمجرد الابتهاج والانتعاش كما يبتهج بالنظر إلى المياه الجارية والأراضي الخضرة والأشجار الموزونة النضرة ونحو ذلك مما لا يلتمس لوطي ولا للمس ولا تقبيل بل يقضي الوطر منها بمحض النظر و المشاهدة فإن ذلك من مقتضيات الطبع السليم ومن ادعى تحريمه فعليه البيان وأولى بالجواز ما لو كان على وجه النظر في لطائف صنع الله والتفكر في بدايع قدرته إلا أنه من مواضع الغرور والنفس الأمارة تتسلل إلى فتح باب الرخص بالخدايع والحازم يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه وحسنات الأبرار سيئات المقربين ويحكى عن بعض السالكين قال ترافقت مع الأدهم من خراسان إلى الحج وكنا تعاهدنا أن لا نمشي إلا لله ولا ننظر إلا لله ولا نقوم ولا نقعد ولا نفعل ولا نترك إلا لله قال فرأيت منه الوفاء بجميع ذلك وبينا نحن ذات يوم في الطواف إذ أقبل صبي جميل لم ير الراؤون مثله فوقف عند المقام وانقطع الناس عن طوافهم ينظرون إليه قال فلما بلغته رأيت الأدهم أيضا واقفا في زمرة الناظرين فقلت له خالفت شرطك فقال مهلا هذا ابني فقلت فلم لا تتعرف إليه قال أخاف أن أفتن به ولكن أدن إليه أنت وسله بمسمع مني ما شأنه قال فدنوت إليه وقلت يا هذا خف الله ولا تفتن الناس بجمالك في هذا الموقف فإن الله سائلك عن ذلك غدا قال كلا ما أحب أن أكون فتنة ولكن أبي فارقني وأنا رضيع فلما ترعرعت طلبته في كل سهل وجبل فلم ألحقه وبلغني أنه توجه إلى الحج فأتيت الموسم أتعرف أبي قلت من أبوك قال إبراهيم الأدهم قال فرجعت إليه وهو يبكي ويقول:
هجرت الخلق طرا في هواكا * وأيتمت العيال لكي أراكا.
وينبغي أن يراعي المتزوج والمتسري الاعتدال في الوقاع وذلك على وجهين آ تحري الأوقات الصالحة له فإنه على الامتلاء يضعف الهضم ويوقع في القولنج وغيره من الأمراض التي يوجبها الحركة على الامتلاء وعلى الخلاء يوجب الذوبان والجفاف وليكن بعد الهضم الثاني عند اعتدال البدن في حره وبرده ورطوبته ويبوسته لئلا يزيد الجماع تلك الكيفيات إن كانت مائلة عن اعتدال فربما يحدث مع الحرارة الحمى والدق ومع البرودة سيما مع اليبس دق الشيخوخة وربما أحدث الرعشة والرمد
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360