التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٥٢
في الشريعة الصادقة وتعرف حقيقة وزن الأعمال ومعنى قوله عز وجل وإن جهنم لمحيطة بالكافرين فإنه يدل على إحاطتها بهم في الحال ولا حاجة إلى الصرف عن الظاهر فإن الأخلاق الرذيلة والعقايد الباطلة التي هي محيطة بهم في هذه النشأة هي بعينها جهنم التي ستظهر بالصورة الموعودة عليهم كما أنذرهم الشارع وقوله سبحانه الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وقوله صلى الله عليه وآله الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر أي يصب في بطنه نار جهنم وقوله عليه وآله السلام إن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله وبحمده وتعلم أن جميع ذلك على الحقيقة دون المجاز وكذلك قوله الدنيا مزرعة الآخرة فإنه كما أن البذر هو مادة بل هو الذي يظهر بعينه بعد انبساطه بصورة الشجرة بأغصانها وأوراقها وثمارها فكذا الأعمال والأخلاق المكتسبة في الدنيا هي مادة الجنة والنار وهي تظهر في ذلك الموطن بصورتهما وصورة ما فيها من اللذائذ والمكاره فإن قلت كيف يكون العرض بعينه هو الجوهر وكيف يكون المعنى واحدا والحال أن الحقايق مختلفة بذواتها قلت قد لوحنا إليك أن الحقيقة غير الصورة فإنها في حد ذاتها وصرافة سذاجتها عارية عن جميع الصور التي تتجلى بها لكنها تظهر في صورة تارة وفي غيرها أخرى والصورتان متغايرتان قطعا لكن الحقيقة المتجلية في الصورتين بحسب اختلاف الموطنين شئ واحد وما أشبه ذلك بما يقول أهل الحكمة النظرية أن الجواهر باعتبار وجودها في الذهن أعراض قائمة به محتاجة إليه ثم هي في الخارج قائمة بأنفسها مستغنية عن غيرها فإذا اعتقدت أن حقيقة تظهر في موطن بصورة عرضية محتاجة وفي آخر بصورة مستغنية مستقلة جوهرية فاجعل ذلك تأنيسا لك تكسر به صولة نبو طبعك عنه في بدو النظر حتى يأتيك اليقين وتصعد الأفق المبين وترى بعين العيان ما يعجز عنه البيان وتشرف على حقيقة قوله (ص ع) النوم أخو الموت وقول صاحب سره وباب مدينة علمه الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا إلى آخر ما قال ولقد خرجنا به إلى الاطناب وعن موضوع الكتاب ولا حول ولا قوة إلا بالله وأما الزكاة المستحبة فإنما تثبت في مواضع تسعة أيضا في الحصيد والصريم مطلقا وهي ما يخرج يوم الحصاد والجذاذ بالمعجمات مثلثة الفاء أي قطع الثمرة من الضغث وهو الخرمة بعد الضغث والحفنة وهي ملأ اليد بعد الحفنة وبها فسر قوله (تع) وآتوا حقه يوم حصاده في حسنة الفضلاء وغيرها وأوجبها الشيخ في الخلاف والوجه الاستحباب وإن كان للصبي وبه يجمع بين ما يدل على نفي الزكاة في أموال اليتيم وما يدل على ثبوت الصدقة في غلاته وفي كل ما سوى الغلات الأربع مما انبتت الأرض سيحا أو بعلا أو عذبا أو غيرها مما يكال أو يوزن كالأرز والذرة والعدس والحمص و غيرها مطلقا عدا الخضر من بقل وقثاء وبطيخ ونحوها مما يكون سريع الفساد على المشهور وأوجبها ابن الجنيد بشرط بلوغه النصاب ففي الحسن عن أبي عبد الله (ع) كل ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله الصدقة في كل شئ انبتت الأرض إلا ما كان من الخضر والبقول و كل شئ يفسد من يومه وروي استثناء الفواكه أيضا ومقتضاها ثبوتها في مثل القطن والكتان والقنب ونحوها وتقييد بعضهم بالحبوب لا دليل عليه وذكرها بالخصوص في بعض الأخبار لا يدل على الاختصاص وفي دخول البصل اليابس وبذور الخضر في المستثنى أو المستثنى منه وجهان وفي مال التجارة بشرط قيام رأس المال فصاعدا طول الحول فلو طلب المتاع بأنقص منه ولو قل في بعض الحول فلا زكاة ويشترط أيضا بلوغ قيمته نصاب أحد النقدين أيهما كان إن كان أصله عروضا وإلا فنصاب أصله وإن كان للصبي أو المجنون إذا اتجر لهما الولي وهو من إليه النظر في أمرهما وهو المخاطب بالاخراج والمحتاط لا يمنعها لظهور كثير من الروايات في الوجوب كما نقل عن بعض علمائنا وإن كانت محتملة للتقية وهي مسألة عثمان وأبي ذر وأكثرها صريحة في اشتراط التماس الفضل كما هو المشهور فإن كان على النقيصة أحوالا زكاه لسنة استحبابا وفيما قربه من الزكاة بتبديل الأعيان مطلقا على المشهور وقيل بالوجوب فيه كك ومنهم من فصل بالتبديل بالجنس وغيره والروايات لا تخلو عن معارضة في الجنس فليؤخذ فيه باليقين وكذا فيما شك في بلوغه النصاب استظهارا واحتياطا وفي ما غاب عنه سنتين فصاعدا كذا في المفاتيح أيضا والروايات إنما وردت بلفظ السنين بحيث لا يتمكن من التصرف فيه فيزكي بعد عوده لسنة وإن كان يدعه متعمدا وهو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل ما مر به من السنين كما في رواية زرارة وفي إناث الخيل السائمة عتاقا كانت أو برازين بشرط الحول واشترط بعضهم أن يخلص للواحد رأس كامل ولو بالشركة كنصف من اثنين والنصوص قاصرة عن اثباته وفي نماء العقار المتخذ له كالخان والحمام وشبههما على المشهور وفي اعتبار الحول والنصاب فيه قولان وفي الحلي المحرم كالخلخال للرجل والمنطقة للمرأة وكالأواني المتخذة من الذهب والفضة وآلات اللهو المعمولة منهما كما قاله الشيخ والمصنف لم يلتفت إليهما لعدم وقوفه فيهما على مستند كما ذكره في المفاتيح ولا ضير في متابعة الجماعة المقتبسين من أنوار أهل البيت (ع) فيهما إذ المقام مما يتسامح فيه وقد سبق التنبيه عليه وفي تضاعيف الكتاب من ذلك شئ كثير وزكاة الفطر إنما تجب على البالغ العاقل الحر الغني دون الصبي والمجنون والمملوك والفقير وإن كان لهم من يعولهم وجبت عليه إن كان من أهلها والكلام في المبعض كما تقدم والغني هو الذي يملك مؤنة سنته لنفسه ولعياله ومن جملتها الفطرة بالفعل أو بالقوة بأن يكون له عمل يفي دخله بها وبخرجه الضروري بحسب حاله ومروته كما يأتي ويجب أن يعطي عن نفسه وعن جميع من يعوله من ولد وزوجة وضيف وذي رحم وغير ذلك ولو تبرعا وفيه كجملة من الأخبار إشارة إلى أن المناط إنما هو صدق العيلولة عرفا وأن الوجوب تابع له لا لوجوب النفقة ولا لتكلف التصدق بها عليه ولا الضيافة المحضة من دون عيلولة ووقته من غروب الشمس ليلة الفطر وقيل
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360