ذكر أحكام القضاء وهو على ضربين: واجب وندب. فالواجب: أن يكون الحاكم عالما بالحكم في كل ما أسند إليه وأن يسوي بين الخصوم ولا يميل.
وما عدا ذلك ندب.
ومن الندب أدب القضاء وهو: أن ينجز حوائجه كلها التي تتعلق نفسه بها قبل الجلوس ويلبس ما يتجمل به ويتوضأ ويخرج إلى المسجد الأعظم في بلده فيصلي ركعتين ويجلس مستدبر القبلة ليكون وجهه إلى الخصوم وليكن عليه سكينة ووقار، ثم يتقدم إلى كل من حضر للتحاكم أن يكتب اسمه واسم أبيه وما يعرف به من غير الألقاب المكروهة، ثم يأخذها ويخلطها ويجعلها تحت شئ ويأخذ واحدة فمن خرج اسمه استدعاه. ولا يبدأ أحد الخصمين بالكلام إلا رد السلام، وليكن نظره إليهما متساويا ومجلسهما كذلك، فإن صمتا فلم يتكلما قال لهما: إن كنتما حضرتما لشئ فاذكراه.
فهذا كله ندب.
ومن الواجب سماع الدعوى وسؤال المدعى عليه عما عنده فيها فإن أقر ولم يرتب بعقله واختياره ألزمه الخروج مما أقر به، فإن لم يخرج أمر خصمه بملازمته حتى يرضيه، فإن التمس الخصم حبسه على ذلك حبسه، فإن ظهر أنه معدم خلي سبيله وأمره أن يتحمل ذلك، فإن ارتاب بعقله لم يثبت الحكم حتى يظهر له أمره. فإن أنكر المدعى عليه سأله: أ لك بينة؟ فإن قال: نعم هي حاضرة، نظر في بينته، وإن قال: نعم وليست بحاضرة، قال: أحضرها. فإن قال: نعم، أخره ونظر بين غيره وبين خصمه. وإن لم