وإن ظهر للحاكم أن المقر عبد أو محجور عليه لسفه أبطل إقراره، وإن كان تبينه لذلك بعد دفعه ما أقر به إلى خصمه ألزم الآخذ له رده وتقدم بحفظه على المحجور عليه ويرد ذلك على مولى المقر.
وإذا أقر انسان لغيره بمال عند الحاكم فسأل المقر له الحاكم أن يثبت إقراره عنده لم يجز له ذلك إلا أن يكون عارفا بالمقر بعينه واسمه ونسبه أو يأتي المقر له بينة عادلة على أن الذي أقر هو فلان بن فلان بعينه واسمه ونسبه لأنه لا يأمن أن يكون نفسان قد تواطئا على انتحال اسم انسان غائب واسم أبيه والانتساب إلى آبائه ليقر أحدهما لصاحبه بما ليس له أصل، فإذا أثبت الحاكم على ذلك على غير بصيرة كان مخطئا مغررا.
وإذا ادعى انسان على أخرس شيئا توصل الحاكم إلى إفهامه الدعوى ومعرفة ما عنده فيها من إقرار أو إنكار، فإن أقر بالإشارة أو أنكر حكم عليه بذلك، وإن كان يتساكت عن خصمه وهو صحيح قادر على الكلام وإنما يعاند بالسكوت أمر بحبسه حتى يقر أو ينكر إلا أن يعفو الخصم عن حقه عليه، وكذلك إن أقر بشئ ولم يبينه كأنه يقول: له على شئ، ولا يذكر ما هو ألزمه الحاكم بيان ما أقر به، فإن لم يفعل حبسه حتى يبين.
باب سماع البينات وكيفية الحكم بها وأحكام القرعة:
إذا شهد عند الحاكم شاهدان وكانا عدلين وشهدا في مكان واحد على وجه واحد ووافق شهادتهما لدعوى المدعي وجب على الحاكم الحكم بشهادتهما.
وإذا شهد عنده من لا يعرفهما بعدالة ولا جرح سمع شهادتهما وأثبتها عنده ثم استكشف أحوالهما وأثبتها، فإن وجدهما مرضيين جائزي الشهادة حكم بشهادتهما، وإن وجدهما على غير ذلك طرح شهادتهما. وإذا شهد عنده من يتتعتع في شهادته أو يتلعثم فلا يسدده ولا يشرك أحدا يلقنه بل يتمهل حتى يفرع من شهادته، فإذا فرع فإن كانت شهادته موافقة للدعوى قبلها وإلا طرحها.
ومتى أراد الاحتياط والأخذ بالحزم في قبول الشهادة ينبغي له أن يفرق بين الشهود