والحكم في حال كونكم شهداء أي وسائط بين الخالق والخلق أو بين النبي وأمته كما قال: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس، فالقائم بتنفيذ أحكام الله بين خلقه إذا أوفى بما عليه من حقه فهو شهيد لله على من وليه والرسول شهيد عليه بما نقله إليه.
والباء في قوله " بالقسط " متعلقة ب " قوامين " أي كونوا قوامين بالقسط شهداء بالعدل لله، يعني دوموا على فعل العدل والحق وليكن ذلك منكم لله لا لأمر آخر.
وقال أبو مسلم: يجوز أن تكون الشهادة ههنا بمعنى الحضور فيكونوا مأمورين بإقامة الحق والعدل ويحضروا المواضع التي يحضرونها لذلك لا يدعونه في وقت ولا حال، أي شاهدوا من شاهدتم بالحق دون غيره ولا تزولوا عنه أبدا.
وفي تغاير ترتيب الآيتين مع الاتفاق في الألفاظ خبيئة لطيفة فليتأملها يقف عليه إن شاء الله تعالى.
باب شهادة من خالف الاسلام:
ولما بين الله تعالى في آي كثيرة أنه لا يجوز قبول شهادة من خالف الاسلام على المسلمين في حال الاختيار أجاز تعالى قبول شهادتهم في حال الضرورة في الوصية خاصة، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم... الآية فاللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم ذميان من أهل الكتاب.
وقد قرئ " شهادة بينكم " أي ليقم شهادة بينكم اثنان، كما أن من رفع فنون أو لم ينون فهو على نحو من هذا، أي مقيم شهادة بينكم أو شهادة بينكم " اثنان ذوا عدل منكم " أي ينبغي أن تكون الشهادة المعتمدة هكذا.
وقرئ " ولا يكتم شهادة الله " الله على الوجهين: فالقصر بالجر حذف منه حرف القسم، وبالمد عوض منه همزة الاستفهام، كأنه قال: أ تقسم بالله إنا إذا لمن الظالمين.
وفي مجئ القسم وحرف الاستفهام قبله تهيب.