كتاب القضايا والأحكام فصل في بيان صفة القاضي وأدب القضاء:
مباشرة القضاء خمسة أضرب: فرض عين وفرض على الكفاية ومستحب ومكروه ومحظور. فالأول لواحد وهو ثقة من أهل العلم إذا لم يكن للإمام سواه، والثاني لمن يضطلع به ويرغبه الإمام فيه ويجد غيره، والثالث لمن لا يكن له كفاية في المعيشة ويكون من أهله أو يكون له كفاية أو لا يكون مشهورا بالفضل، والرابع لمن لا يكون له كفاية وقد شهر بالفضل وإن كان أهلا له، والخامس لصنفين: العالم به إذا كان غير ثقة، والجاهل به إن كان ثقة. ولا ينعقد إلا بثلاثة شروط: العلم والعدالة والكمال.
والعلم يتم بالوقوف على الكتاب والاطلاع على السنة والتوسط في الاختلاف والوقوف على الاجماع والتنبيه على اللسان.
والعدالة تحصل بأربعة أشياء: الورع والأمانة والوثوق والتقوى.
والكمال يثبت بثلاثة أشياء: بالتمام في الخلقة وفي الحكم والاضطلاع بالأمر والأخلاق الحميدة، ولا يجوز القيام بذلك من جهة من ليس إليه ذلك إلا مكرها إذا نوى القيام به من جهة من إليه ذلك وكان أهلا له وحكم بالحق، فإن عرض حكومة للمؤمنين في حال انقباض يد الإمام فهي إلى فقهاء شيعتهم، فإذا تقلد القضاء من له ذلك اجتهد في إقامة الحق وعمل بكتاب الله وسنة نبيه ع والإجماع لا غير، فإن اشتبه عليه توقف حتى يتضح له، فإن حكم بخلاف الحق سهوا أو خطأ ثم بان له رجع ونقض ما حكم به.