و " فصل الخطاب " قطع الأمور بين المتخاصمين، والخطاب نزاع في الخطوب فهو يفصل ذلك لحكمته، وقيل: إنما كان كناية عن قول: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لأن بذلك يقع الفصل بين الخصوم.
فصل:
وقوله تعالى: وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمن، فقد قال الجبائي: إن الله أوحى إلى سليمان بما نسخ به حكم داود الذي كان يحكم به قبل ذلك ولم يكن ذلك عن اجتهاد، وهذا هو الصحيح عندنا ويقوى ذلك قوله: ففهمناها سليمن، يعني علمنا الحكومة في ذلك - التي هي مصلحة الوقت - سليمان.
وقوله تعالى: إذ يحكمان، أي طلبا الحكم في ذلك ولم يبتدئا بعد، وقصته أن زرعا أو كرما وقعت فيه الغنم ليلا فأكلته فحكم داود بالغنم لصاحب الكرم لأن الشرع كان ورد بذلك إليه من قبل ولم يثبت الحكم، فقال سليمان لأبيه: إن الله أوحى إلى الآن بغير هذا يا نبي الله، قال: وما ذاك؟ قال: يدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى يعود كما كان ويدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان دفع كل واحد إلى صاحبه حقه، ذكره ابن مسعود وهو المروي عنهما ع، فعلى هذا ينبغي أن يكون الحاكم حكيما عالما بالناسخ والمنسوخ عارفا بالكتاب والسنة عاقلا بصيرا بوجوه الإعراب يثق من نفسه يتولى القضاء والفصل بين الناس.
باب كيفية الحكم بين أهل الكتاب:
قد ذكرنا من قبل كثيرا مما يتعلق بهذا الباب، وههنا نذكر ما يكون تفصيلا لتلك الجملة أو جملة لذلك التفصيل:
اعلم أن الله خاطب نبيه ع فقال: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا