الطرف الثاني: فيما به يصير شاهدا:
والضابط العلم لقوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم، ولقوله ع وقد سئل عن الشهادة وقال: هل ترى الشمس؟ فقال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع.
ومستندها إما المشاهدة أو السماع أو هما، فما يفتقر إلى المشاهدة الأفعال لأن آلة السمع لا تدركها كالغصب والسرقة والقتل والرضاع والولادة والزنى واللواط فلا يصير شاهدا بشئ من ذلك إلا مع المشاهدة ويقبل فيه شهادة الأصم، وفي رواية يؤخذ بأول قوله لا بثانيه وهي نادرة.
وما يكفي فيه السماع فالنسب والموت والملك المطلق لتعذر الوقوف عليه مشاهدة في الأغلب، ويتحقق كل واحد من هذه بتوالي الأخبار من جماعة لا بضمهم قيد المواعدة أو يستفيض ذلك حتى يتآخم العلم، وفي هذا عندي تردد.
وقال الشيخ: لو شهد عدلان فصاعدا صار السامع متحملا وشاهد أصل لا شاهدا على شهادتهما لأن ثمرة الاستفاضة الظن وهو حاصل بهما، وهو ضعيف لأن الظن يحصل بالواحد.
فرع:
لو سمعه يقول للكبير: هذا ابني، وهو ساكت، أو قال: هذا أبي، وهو ساكت، قال في المبسوط: صار متحملا لأن سكوته في معرض ذلك رضا بقوله عرفا، وهو بعيد لاحتماله غير الرضا.
تفريع على القول بالاستفاضة:
الأول: الشاهد بالاستفاضة لا يشهد بالسبب مثل البيع والهبة والاستغنام لأن ذلك لا يثبت بالاستفاضة فلا يعزى الملك إليه مع إثباته بالشهادة المستندة إلى الاستفاضة، أما لو عزاه إلى الميراث صح لأنه يكون عن الموت الذي يثبت بالاستفاضة، والفرق تكلف لأن الملك إذا ثبت بالاستفاضة لم تقدح الضميمة مع حصول ما يقتضي جواز الشهادة.