تساموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله، كنى بالسام عن الكسل لأن الكسل صفة المنافق ومنه الحديث: لا يقول المؤمن كسلت. ويجوز أن يراد من كثرت مدايناته فاحتاج أن يكتب لكل دين صغير أو كبير كتابا فربما قل كثرة الكتب، والضمير في " تكتبوه " للدين أو للحق " صغيرا أو كبيرا " على أي حال كان الحق من صغير أو كبير، ويجوز أن يكون الضمير للكتاب وأن يكتبوه مختصرا أو مشبعا.
ولا تخلو بكتابته " إلى أجله " أي إلى وقته الذي اتفق الفريقان على تسميته، قال الزجاج: هذا يؤكد أن الشهادة ابتداءا واجبة، والمعنى لا تساموا أن تكتبوا ما شهدتم عليه، ولا حاجة إلى ما يؤكد به وجوب إقامة الشهادة.
وقال ابن جريج عذرا للوجه الأول: " لا تساموا " خطاب للمتداينين يقول اكتبوا ما تتعاملون عليه بدين صغيرا كان الحق أو كبيرا " ذلكم " إشارة إلى أن تكتبوه لأنه في معنى المصدر أي ذلكم الكتب " أقسط " أي أعدل من القسط " وأقوم للشهادة " وأعون على إقامة الشهادة " وأدنى ألا ترتابوا " أي أقرب من انتفاء الريب، وإنما قال إنه أصوب للشهادة لأن الشهادة حينئذ أقرب إلى أن تأتوا بألفاظ المستدين وأن لا يقع عليهم غلط النسيان، وأنتم مع هذا أقرب إلى أن لا تشكوا فيما يشهد به الشهود عليكم من الحق والأجل إذا كانا مكتوبين.
فصل:
وقد ذكر الله سبحانه في أول هذه الآية قبل الأمر بالاستشهاد النهي عن الامتناع من الكتابة، قال: ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله، والنهي يقتضي تحريم الامتناع. وقال عامر الشعبي: هو فرض على الكفاية كالجهاد. وجوز الجبائي أن يأخذ الكاتب والشاهد الأجرة على ذلك، وعندنا لا يجوز ذلك للشاهد. والورق الذي يكتب فيه على صاحب الدين دون من عليه الدين ويكون الكتاب في يده لأنه له. وقال السدي: ذلك واجب على الكاتب في حال فراغه. وقال مجاهد: هو واجب. وقال الضحاك: نسخها قوله تعالى: ولا يضار كاتب ولا شهيد.