ولو كان الخط محفوظا عنده وأمن التحريف تسلط على رواية الحديث دون الشهادة والحكم، ولو شهد عنده شاهدان بقضائه ولم يتذكر فالأقرب القضاء، و كذا المحدث يحدث عن من أخبره بحديثه فيقول: حدثني فلان عني. وكذا لقاض آخر أن يحكم بالشاهدين على قضائه إذا لم يكذبهما.
ومن ادعي عليه أنه قضى له فأنكر لم يكن له التحليف كما لا يحلف الشاهد، وينبغي للحاكم إذا طلب الاستظهار في موضع الريبة أن يفرق بين الشهود خصوصا في من لا قوة عنده ويكره إذا كان الشهود من ذوي البصائر والأديان القوية.
الفصل الرابع: التزكية:
ويجب على الحاكم الاستزكاء مع الشك بالعدالة وإن سكت الخصم إلا أن يقر الخصم بعدالتهما على إشكال، وهل عليه أن يعين حال الاستزكاء مع الشاهدين الخصمين؟ يحتمل ذلك لإمكان أن يعرف بينهم عداوة، وهل يعرفهما قدر المال؟ يحتمل ذلك أيضا لإمكان أن يعدله باليسر دون الكثير، والأقرب المنع فإن العدالة لا تتجزأ.
وصفة المزكي كصفة الشاهد ويجب أن يكون عارفا بباطن من يعدله بكثرة الصحبة والمعاشرة المتقادمة، ولا يشترط المعاملة وإن كانت أحوط، ولا يجرح إلا مع المشاهدة ما يراه الحاكم من طول الزمان وقصره، فإن ارتاب الحاكم بعد التزكية لتوهمه غلط الشاهد فليبحث وليسأل الشاهد على التفصيل فربما اختلف كلامه فإن أصر على إعادة لفظه جاز له الحكم بعد البحث وإن بقيت الريبة على إشكال.
ولا يثبت الجرح والتعديل إلا بشاهدين عدلين ذكرين ولا يقابل الجارح الواحد بينة التعديل، ولو رضي الخصم بأن يحكم عليه بشهادة فاسق لم يصح، ولو اعترف بعدالة الشاهد ففي الحكم عليه نظر فإن سوغناه لم يثبت تعديله في حق غيره، ولو أقام المدعى عليه بينة أن هذين الشاهدين شهدا بهذا الحق عند حاكم فرد شهادتهما لفسقهما بطلت شهادتهما بخطه.