إحديهما " أي أن لا تهتدي إحديهما للشهادة بأن تنساها، من ضل الطريق إذا لم يهتد له، وانتصابه على أنه مفعول له أي إرادة أن تضل.
فإن قيل: كيف يكون ضلالها مرادا لله؟
قيل: لما كان الضلال سببا للإذكار والإذكار مسببا عنه وهم ينزلون كل واحد من السبب والمسبب بمنزلة الآخر لالتباسهما واتصالهما كانت إرادة الضلال المسبب عنه الإذكار إرادة للإذكار فكأنه قيل إرادة أن تذكر إحديهما الأخرى إن ضلت، ونظيره قولهم: أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه، وأعددت السلاح أن يجئ عدو فادفعه.
وقوله تعالى: ممن ترضون من الشهداء، فيه ذكر يعود إلى الموصوفين اللذين هما " فرجل وامرأتان "، ولا يجوز أن يكون فيه ذكر لشهيدين المقدم ذكرهما لاختلاف إعراب الموصوفين أ لا ترى أن " شهيدين " منصوبان و " رجل وامرأتان " إعرابهما الرفع، وإذا كان كذلك علمت أن الوصف الذي هو ظرف إنما هو وصف لقوله " فرجل وامرأتان " دون من تقدم ذكرهما من الشهيدين.
وقوله تعالى: " أن تضل " لا يتعلق بقوله " واستشهدوا " لكن يتعلق أن بفعل مضمر يدل هو عليه، أي واستشهدوا رجلا وامرأتين أن تضل إحديهما فتذكر إحديهما الأخرى.
وقيل: تقديره فرجل وامرأتان يشهدون ويكون يشهدون خبر المبتدأ، والمفعول الثاني من ذكر محذوف، تقديره فتذكر إحديهما الأخرى شهادتهما.
وقراءة حمزة على الشرط إن تضل إحديهما فتذكر بالرفع والتشديد كقوله تعالى: ومن عاد فينتقم الله منه، والشرط والجزاء وصف المرأتين لأن الشرط والجزاء جملة يوصف بها كما يوصف بها في قوله تعالى: الذين إن مكناهم في الأرض... الآية.
وقال أبو عبيدة معنى " أن تضل " أن تنسي ونظيره: فعلتها إذا وأنا من الضالين، أي نسيت وجه الأمر.
فصل:
ومن بدع التفسير " فتذكر " أي فتجعل إحديهما الأخرى ذكرا، يعني أنهما إذا