كتاب القضايا والأحكام باب آداب القضاء وما يجب أن يكون القاضي عليه من الأحوال:
القضاء بين المسلمين جائز وربما كان واجبا فإن لم يكن واجبا ربما كان مستحبا، قال الله تعالى: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق، وقال: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما، وقال: وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث، وقد ذم الله تعالى من دعي إلى الحكم فأعرض عنه فقال: وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون، ومدح قوما دعوا إليه وأجابوا فقال تعالى: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون.
وروي عن ابن مسعود أنه قال: لئن أجلس يوما فأقضي بين الناس أحب إلى من عبادة سنة، وعليه إجماع الأمة إلا أبا قلابة فإنه طلب للقضاء فلحق بالشام فأقام زمانا ثم جاء فلقيه أيوب السختياني وقال له: لو أنك وليت القضاء وعدلت بين الناس رجوت لك في ذلك أجرا، فقال: يا أيوب السابح إذا وقع في البحر كم عسى أن يسبح؟ إلا أن أبا قلابة رجل من التابعين لا يقدح خلافه في إجماع الصحابة وقد بينا أنهم أجمعوا ولا يمتنع أن يكون امتناعه كان لأجل أنه أحس من نفسه بالعجز لأنه كان من أصحاب الحديث ولم يكن فقيها.
وهو من فروض الكفايات إذا قام به قوم سقط عن الباقين.