مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٧٢
شرائها، وكذا الحكم وأنكر صاحب اليد وحلف أنها له وأولدها ثم أكذب نفسه فيأتي فيها جميع ما مر. واعلم أن ما سبق هو في جواب المدعى عليه الحر، فإن كان رقيقا فحكم جواب دعواه مذكور في قاعدة أشار إليها بقوله: (و) هي (ما قبل إقرار عبد به كعقوبة) لآدمي من حد أو قصاص، (فالدعوى) بذلك (عليه، و) كذا (عليه) أيضا (الجواب) لها لأنه لا يقبل إقراره في ذلك دون السيد لعود أثر ذلك عليه. وخرج بالآدمي عقوبة الله تعالى، فلا تسمع فيها الدعوى ولا يطالب الجواب كما جزما به بعد في الكلام على الحالف لأنها ليست حقا للمدعي، ومن له الحق لم يأذن في الطلب والاثبات.
تنبيه: تصح الدعوى أيضا على الرقيق بدين معاملة تجارة أذن فيها سيده. وأورد على المصنف دعوى قتل خطأ أو شبه عمد في محل لوث فإنها تكون على الرقيق لأنه لا يقبل إقراره به لأن الولي يقسم وتتعلق الدية برقبة الرقيق، صرح به الرافعي في الشرط الرابع في كتاب القسامة. (وما لا) يقبل إقراره به (كأرش) لتعييب أو إتلاف، (فعلى السيد) الدعوى به، وعليه أيضا جوابها، لأن الرقبة التي هي متعلقها حق السيد فإقرار الرقيق فيها لا يقبل، فلو ادعى عليه ففي سماعها وجهان، قال الرافعي: والوجه أنها تسمع لاثبات الأرش في الذمة إلا لتعلقه بالرقبة، قال تفريعا على الأصلين: يعني أن الأرش المتعلق بالرقبة يتعلق بالذمة أيضا وأن الدعوى تسمع بالمؤجل، قاله البلقيني. فيخرج منه أن الأصح أنها لا تسمع عليه بذلك لأن الأصح أنه لا يتعلق بالذمة ولا تسمع الدعوى بالمؤجل، وبهذا جزم صاحب الأنوار.
تتمة: قد تكون الدعوى والجواب على كل من الرقيق وسيده كما في نكاح العبد أو المكاتبة، فإنه إنما يثبت بإقرارهما لأنه لا بد من اجتماعهما على التزويج، فلو أقر سيد المكاتبة بالنكاح وأنكرت حلف، فإن نكلت وحلف المدعي حكم بالزوجية، ولو أقرت فأنكر السيد حلف السيد، فإن نكل حلف المدعي وحكم له بالنكاح، ويأتي مثل ذلك في المبعضة.
فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه وفي ضابط الحالف: (تغلظ) ندبا (يمين مدع) اليمين المردودة أو مع الشاهد واليمين، (و) تغلظ ندبا أيضا يمين (مدعى عليه) وإن لم يطلب الخصم تغليظها (فيما ليس بمال ولا يقصد به مال) كنكاح وطلاق ولعان وقود وعتق وإيلاد ووصاية ووكالة. قال الغزالي: التغليظ يجري في كل حالة خطر مما لا يثبت برجل وامرأتين اه‍. فإن قيل: يرد على هذا الولادة والرضاع وعيوب النساء فإنها تثبت برجل وامرأتين ويجري فيها التغليظ. أجيب بأنه ليس قبول شهادة الرجل والمرأتين والنساء المتمحضات لقلة خطرها، بل لأن الرجال لا يطلعون عليها غالبا، وقد صرح الشيخان بهذا الجواب بالنسبة إلى شهادة النساء المتمحضات والمعنى في التغليظ أن اليمين موضوعة للزجر عن التعدي، فشرع التغليظ مبالغة وتأكيدا للردع، فاختص بما هو متأكد في نظر الشرع كهذه المذكورات. وتوقف الإمام في الوكالة، وقال: التغليظ فيها إنما يكون فيما يعظم خطره، والوكالة في درهم لا تزيد على ملك الدرهم، فلا يبعد منع التغليظ فيها، ولكن إطلاق الأصحاب كما ذكرناه اه‍. (وفي مال يبلغ نصاب زكاة) لا فيما دونه لأنه الموصوف في نظر الشرع، ولذلك أوجب المواساة فيه. نعم للقاضي ذلك فيما دون النصاب إن رآه لجراءة يجدها في الحالف.
تنبيه: قضية كلام المصنف التغليظ في أي نصاب كان من نعم ونبات وغيرهما، وهو وجه حكاه الماوردي، ويلزم عليه التغليظ في خمسة أوسق من شعير وذرة وغيرهما لا يساوي خمسين درهما، والذي في الروضة وأصلها اعتبار عشرين مثقالا ذهبا أو مائتي درهم فضة تحديدا، والمنصوص في الام والمختصر اعتبار عشرين دينار عينا أو قيمة، وقال البلقيني: إنه المعتمد حتى لو كان المدعى به من الدراهم اعتبر بالذهب اه‍. والأوجه كما قاله شيخنا اعتبار عشرين
(٤٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 477 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548