مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٨٤
عليهم " الآية (لا بعدها) أي القدرة فلا تسقط تلك العقوبات عنه بالتوبة منها لمفهوم الآية، وإلا لما كان للتخصيص بقوله " من قبل " فائدة، والفرق من جهة المعنى أنه بعد القدرة متهم لدفع قصد الحد، بخلاف ما قبلها فإنها بعيدة عن التهمة قريبة من الحقيقة، وقوله (على المذهب) راجع للمسألتين، وقيل في كل منهما قولان كالقولين في سقوط حد الزاني والسارق بالتوبة، أما غير هذه العقوبات مما ذكر هنا من قصاص وضمان وغيرهما فلا يسقط بالتوبة مطلقا كما في غير هذا الباب.
(تنبيه) المراد بالتوبة قبل القدرة الثابتة فلو ظفرنا به فادعى سبق توبته ففي الكفاية عن الأحكام السلطانية للماوردي أنه إن لم تظهر أمارتها لم يصدق، وإلا فوجهان محتملان، وقضية كلامه استواء التوبة التي قبل القدرة والتي بعدها وليس مرادا فإن الأولى يكتفى بمجردها، والثانية يشترط فيها اصلاح العمل كما قاله جماعة من العراقيين، وصححه الرافعي في الشرح الصغير، ولو ثبت قطع الطريق والقتل بإقراره ثم رجع قبل رجوعه كما ذكره في التنبيه في أوائل الاقرار (ولا تسقط سائر) أي باقي (الحدود) المختصة بالله تعالى كالزنا والسرقة وشرب الخمر (بها) أي التوبة في قاطع الطريق وغيره (في الأظهر) لأنه صلى الله عليه وسلم لما جاء ما عز وأقر بالزنا حده، ولا شك أنه لم يأته إلا وهو تائب، فلما أقام عليه الحد لد على أن الاستثناء في المحارب وحده. والثاني تسقط بها قياسا على حد قاطع الطريق، وصححه البلقيني.
(تنبيه) يرد على المصنف تارك الصلاة كسلا فإنه يقتل حدا على الصحيح، ومع ذلك لو تاب سقط القتل قطعا، والكافر إذا زنى ثم أسلم فإنه يسقط عنه الحد كما نقله في الروضة عن النص، ومرت الإشارة إليه في باب الزنا، ولا يرد عليه المرتد إذا تاب حيث تقبل توبته ويسقط القتل: لأنه إذا أصر يقتل كفرا لاحدا، ومحل الخلاف في السقوط وعدمه في ظاهر الحكم. أما فيما يبينه وبين الله تعالى فيسقط قطعا، لأن التوبة تسقط أثر المعصية كما نبه عليه في زيادة الروضة في باب السرقة، وقد قال صلى الله عليه وسلم " التوبة ت جب ما قبلها " وورد " التائب من الذنب كمن لاذنب له " وإذا أقيم الحد في الدنيا لم يقم في الآخرة كما قاله الجيلي الحديث " الله أعدل أن يثنى على عبده العقوبة في الآخرة " وقد مرت لإشارة إلى ذلك مع زيادة في أول باب الجراح.
(فصل) في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق، وهي إما لادمي، أو لله تعالى: أو لهما، وقد بدأ بالقسم الأول فقال (من لزمه) لجماعة (قصاص) في نفس (وقطع) لطرف آدمي (وحد قذف) لاخر (وطالبوه) بذلك (جلدا) أولا للقذف (ثم قطع لقصاص الطرف (ثم قتل) لقصاص النفس، لأن ذلك أقرب إلى استيفاء الجميع، فإن اجتمع مع ذلك تعزير لادمي بدئ به (ويبادر بقلته بعد قطعه) فلا تجب المهلة بينهما، لأن النفس مستوفاة (لا قطعه بعد جلده إن غاب مستحق قتله) جزما، لأنه قد يهلك بالموالاة فيفوت قصاص النفس (وكذا إن حضر وقال عجلوا القطع) وأنا أبادر بالقتل بعده فإنا لا نعجله (في الأصح) لما مر. والثاني نبادر، لأن التأخير كان لحقه وقد رضى بالتقديم (ولو أخر مستحق النفس حقه) وطلب الاخر ان حقهما (جلد للقذف أولا (فإذا برأ) بفتح الراء، ويجوز كسرها من الجلد (قطع) للطرف، ولا يوالي بينهما خوف الهلاك فيوفت قصاص النفس فإن قيل كان المصنف في غنى عن هذا بما إذا غاب مستحق القتل أجيب بأنه إنما أعاده لضرورة التقسيم (ولو أخر مستحق طرف) حقه وطلب المقذوف حقه من قاذفه (جلد، و) وجب (على مستحق
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548