مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٧١
كما في فتاوى القفال، ويجئ مثله كما قال الزركشي في نذر اللجاج. ولو نذر التصدق على أهل الذمة بدينار جاز صرفه إلى المسلمين، أو على المبتدعة. أو الرافضة جاز صرفه إلى أهل السنة. أو على الأغنياء جاز صرفه إلى الفقراء كما في فتاوى القفال. ولو قال: لله علي ذبح ولدي فإن لم يجز فشاة مكانه لم يصح نذره، لأن ذلك ليس بقربة، ولا يلزم الكافر وفاء ما نذره في كفره بعد إسلامه، وقوله (ص) ل عمر رضي الله عنه في نذر كان نذره في الجاهلية:
أوف بنذرك محمول على الندب. ولو قال أحد هذين للفقراء فهو نذر إن أراده أو أطلق، فإن تلف أحدهما أعطاهم الآخر، فإن أراد الاقرار بأن لهم أحدهما والآخر ملكه فتلف أحدهما فعينه لهم قبل قوله، أو نذر التصدق بأحد شيئين فتلف أحدهما لزمه التصدق بالآخر. ولو نذر أن لا يكلم أحدا لم يصح نذره لما فيه من التضييق والتشديد. ولو قال: إن شفى الله مريضي فعبدي هذا حر ثم نذر عتقه إن رد الله غائبه انعقد النذران، فإن حصلا معا أقرع بينهما، كذا نقله في الروضة عن فتاوى القاضي عن العبادي، والذي فيها عنه أن النذر الثاني موقوف، فإن شفى الله المريض قبل القدوم أو بعده أو معه بان أنه لم ينعقد، والعبد مستحق العتق عن الأول، وإن مات انعقد وأعتق العبد عنه، كذا ذكره البغوي في فتاويه، وهذا أوجه. ولو نذر من يموت أولاده عتق رقيق إن عاش له ولد فعاش له ولد أكثر من أولاده الموتى ولو قليلا لزمه العتق. ومن نذر زيتا أو شمعا لاسراج مسجدا أو غيره أو وقف ما يشتريان به من غلته صح كل من النذر والوقف إن كان يدخل المسجد أو غيره من ينتفع به من نحو مصل أو نائم، وإلا لم يصح، لأنه إضاعة مال، وقد ذكر الأذرعي ما يفيد ذلك. وفي إيقاد الشموع ليلا على الدوام والمصابيح الكثيرة نظر لما فيه من الاسراف. وأما المنذور للمشاهد الذي يبيت على قبر ولي أو نحوه، فإن قصد الناذر بذلك التنوير على من يسكن البقعة أو يتردد إليها فهو نوع قربة وحكمه ما ذكر، أي الصحة. وإن قصد به الايقاد على القبر ولو مع قصد التنوير فلا، وإن قصد به وهو الغالب من العامة تعظيم البقعة، أو القبر، أو التقرب إلى من دفن فيها، أو نسبت إليه، فهذا نذر باطل غير منعقد فإنهم يعتقدون أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسهم ويرون أن النذر لها مما يندفع به البلاء، قال: وحكم الوقف كالنذر فيما ذكرنا انتهى. فإن حصل شئ من ذلك رد إلى مالكه وإلى وارثه بعده، فإن جهل صرف في مصالح المسلمين. وقال الشيخ عز الدين: المهدي إلى المساجد من زيت أو شمع إن صرح بأنه نذر وجب صرفه إلى جهة النذر ولا يجوز بيعه وإن أفرط في الكثرة، وإن صرح بأنه تبرع لم يجز التصرف فيه إلا على وفق إذنه وهو باق على ملكه، فإن طالت المدة وجوز أن باذله مات فقد بطل إذنه ووجب رده إلى وارثه، فإن لم يعرف له وارث صرف في مصالح المسلمين، وإن لم يعرف قصد المهدي أجري عليه أحكام المنذور التي تقدمت، أو يصرف في مصالح المسلمين. ولو نذر أن يصلي في أفضل الأوقات، فقياس ما قالوه في الطلاق ليلة القدر أو في أحب الأوقات إلى الله تعالى، قال الزركشي: ينبغي أن لا يصح نذره، والذي ينبغي الصحة ويكون كنذره في أفضل الأوقات. ولو نذر أن يعبد الله تعالى بعبادة لا يشركه فيها أحد، فقيل: يطوف بالبيت وحده، وقيل: يصلي داخل البيت وحده، وقيل: يتولى الإمامة العظمى فإن الإمام لا يكون إلا واحدا فإن انفرد بها واحد فقد قام بعبادة هي أعظم العبادات، وعليه حمل قول سليمان عليه الصلاة والسلام: رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي فإنه انفرد بهذه العبادة وهي القيام بمصالح الإنس والجن والطير وغيرها. وينبغي أن يكفي أي واحد من ذلك، وما ورد من أن البيت لا يخلو عن طائف ملك أو غيره مردود لأن العبرة بما في ظاهر الحال.
كتاب القضاء بالمد: أي الحكم بين الناس، وجمعه أقضية كقباء وأقبية. وهو لغة: إحكام الشئ وإمضاؤه، ومنه: * (وقضينا إلى بني إسرائيل) *. وفراغه، ومنه: * (فوكزه موسى فقضى عليه) *: أي قتله وفرغ منه. وإتمامه، ومنه: * (ليقضى أجل مسمى) *، أي
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548