مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٥٥
الزركشي: أنه خلاف المنصوص عليه في الام (ولا جلد في) مرض أو (حر وبرد مفرطين) أي شديدين، بل يؤخر إلى البرء واعتدال الوقت خشية الهلاك، وكذا القطع في السرقة، بخلاف القصاص وحد القذف.
تنبيه: لو كان في بلاد لا ينفك حرها أو بردها لم يؤخر ولم ينقل إلى البلاد المعتدلة كما قاله الماوردي والروياني لما فيه من تأخير الحد ولحوق المشقة، وقوبل إفراط الحر والبرد بتخفيف الضرب ليسلم من القتل كما في المرض الملازم (وإذا جلد الإمام في مرض أو حر وبرد) مفرطين فمات المجلود سراية (فلا ضمان على النص) في الام لأن التلف حصل من واجب أقيم عليه. فإن قيل: لو ختنه في حر أو برد مفرط ضمن كما نص عليه في المختصر، فهلا كان هنا كذلك؟
أجيب بأن الجلد ثبت بالنص، والختان بالاجتهاد فأشبه التعزير، واقتصار المصنف على عدم الضمان في الحر والبرد والمرض قد يشعر بوجوبه إذا كان الزاني نضو الخلق لا يحتمل السياط فجلده بها فمات وهو الظاهر كما قاله الزركشي لأن جلد مثله بالعثكال لا بالسياط، وحكي في الكفاية عن القاضي أبي الطيب عدم الضمان، وخرج بالإمام السيد فلا يضمن رقيقه جزما (فيقتضي) نص الام (أن التأخير مستحب) وهو ما قاله الإمام، لكن صحح في زيادة الروضة وجوب التأخير سواء أقلنا بالضمان أم لا. قال الأذرعي: وهو المجزوم به في الحاوي والمهذب وغيرهما.
خاتمة: للمقتول حدا بالرجم أو غيره حكم موتى المسلمين من غسل وتكفين وصلاة وغيرها كتارك الصلاة إذا قتل، ولأنه صلى الله عليه وسلم صلى على الجهنية، وأمر بالصلاة على الغامدية ودفنها، وفي رواية صلى هو عليها أيضا.
كتاب حد القذف وهو بمعجمة: لغة الرمي، والمراد به هنا الرمي بالزنا في معرض التعيير، ليخرج الشهادة بالزنا فلا حد فيها إلا أن يشهد به دون أربعة كما سيأتي، وهو من الكبائر الموبقات، ففي الحديث: من السبع الموبقات قذف المحصنات سواء في ذلك الرجل والمرأة. روي أن النبي (ص) قال: قذف المحصنة يحبط عمل مائة سنة واستغنى المصنف ببيان القذف في اللعان عن إعادته هنا. والحد شرعا عقوبة مقدرة وجبت حقا لله تعالى كما في الزنا، أو لآدمي كما في القذف. وسميت الحدود حدودا، لأن الله تعالى حدها وقدرها، فلا يجوز لاحد أن يتجاوزها. قال الله تعالى * (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) *، وقيل سميت بذلك لأن الحد في اللغة: المنع، وهي تمنع من الاقدام على الفواحش. والأصل في الباب قوله تعالى * (والذين يرمون المحصنات) * الآية، وصح أنه (ص) لما نزلت براءة عائشة رضي الله تعالى عنها جلد من قذفها، والحكمة في وجوب الحد بالقذف دون التساب بالكفر أن المسبوب بالكفر قادر على أن ينفي عنه ذلك بكلمة الشهادتين، بخلاف الزاني فإنه لا يقدر على نفي الزنا عنه، وللقاذف شروط ذكرها المصنف بقوله: (شرط حد القاذف) أي المحدود بسبب القذف (التكليف) فلا حد على صبي ومجنون لرفع القلم عنهما، وعدم حصول الايذاء بقذفهما، وزاد على المحرر قوله: (إلا السكران) فإنه مستثنى عنده من التكليف، ومع ذلك يحد، ولم يذكره في الروضة، هذا وقد مر الكلام على ذلك في كتاب الطلاق (والاختيار) فلا حد على مكره - بفتح الراء - لرفع القلم عنه ولأنه لم يقصد الأذى بذلك لاجباره عليه، ولا على مكره بكسرها، والفرق بينه وبين القتل أنه يمكنه جعل يد المكره كالآلة له بأن يأخذ يده فيقتل بها، ولا يمكنه أن يأخذ لسان غيره فيقذف به.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548