مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٨٠
تجزه اليسار عن اليمين، بل تقطع يمينه حدا لأنها الذي وجب قطعها وهي باقية فلم يجزه غيرها كالقصاص. وما ذكر من أن الجلاد يسئل هو ما جرى عليه الشيخ في التنبيه وابن المقري في روضه وهي طريقة حكاها في أصل الروضة، وحكى معها طريقة أخرى، وهي إن قال المخرج: ظننتها اليمين أو أنها تجزئ أجزأته وإلا فلا، وكلام أصل الروضة يومئ إلى الأولى وهي الصحيحة، وإن صحح الأسنوي الثانية.
باب قاطع الطريق سمى بذلك لامتناع الناس من سلوك الطريق خوفا منه، والأصل فيه قوله تعالى " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " الآية. قال أكثر العلماء: نزلت في قاطع، لافى الكفار، واحتجوا له بقوله تعالي: إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " الآية، إذ المراد التوبة عن قطع الطريق، ولو كان المراد الكفار لكانت توبتهم بالاسلام وهو دافع للعقوبة قبل القدرة وبعدها قال الماوردي: ولان الله تعالى قد بين حكم أهل الكتاب والمرتدين وأهل الحرب في غيره هذه الآية، فاقتضى أن تكون هذه الآية في غيره، وفى أبى داود أنها نزلت في العرنيين، وفى النسائي أنها نزلت في المحاربين من الكفار، لأن المؤمن لا يحارب الله ورسوله وقطع الطريق هو البروز لاخذ مال أو لقتل أو إرعاب مكابرة اعتمادا على الشوكة مع البعد عن الغوث كما يعلم من قوله (هو) أي قاطع الطريق ملتزم للأحكام (مسلم) أو مرتد أو ذمي كما في السارق، ولو عبر بذلك المصنف لكان أولى، فقد قال الأذرعي: لم أر في الكتب المشهورة بعد الكشف التام التنصيص على أن من شرط قاطع الطريق الاسلام إلا في كلام الرافعي، ومن أخذ منه. وقال الزركشي: قد رأيت نص الشافعي في آخر الام مصرحا بأن أهل الذمة حكمهم حكم المسلمين، وحكاه ابن المنذر في الاشراف عن الشافعي وأبى ثور. قال ولا أثر للتعلق بسبب النزول، فإنه لا يقتضى التخصيص على الأصح (مكلف) ولو عبدا أو امرأة، ومثله السكران فإنه ملحق بالمكلف كما مر في كتاب الطلاق مختار (له شوكة) أي قوة وقدرة يغلب بها غيره.
(تنبيه) إفراد المصنف الصفات يقتضى أنه لا يشترط في قاطع الطريق عدد ولا ذكورة ولا سلاح وهو كذلك فالواحد ولو أنثى إذا كان له، فضل قوة يغلب بها الجماعة وتغرض للنفس وللمال مجاهرة مع البعد عن الغوث كما يعلم من قوله بعد: وفقد الغوص الخ قاطع وكذا الخارج بغير سلاح إن كان له قوة يغلب بها الجماعة ولو باللكز والضرب بجمع الكف وقيل لابد من آلة، وخرج بملتزم الحربي والمعاهد، بو المكلف غيره إلا السكران كما مر، وإن ضمن غير المكلف النفس والمال كما لو أتلفوا في غير هذه الحالة، وبالاختيار المكره، وبالشوكة ما تضمنه قوله: لا مختلسون) قليلون (يتعرضون لاخر قافلة) عظيمة (يعتمدون الهرب) بركض الخيل أو نحوها أو العدو على الاقدام أو نحو ذلك، فليسوا قطاعا لانتفاء الشوكة، وحكمهم في القصاص والضمان كغيرهم، والمعنى فيه أن المعتمد على الشوكة ليس له دافع من الرفقة فغلظت عقوبته ردعا له، بخلاف المختلس أو المتهب فإنه لا يرجع إلى قوة.
(تنبيه) قوله: لاخر قافلة جرى على الغالب وليس بقيد: بل حكم التعرض لأولها وجوانبها كذلك، فلو قهروهم ولو مع كونهم قليلين فقطاع لاعتمادهم على الشوكة، فلا يعد أهل العاقلة مقصرين، لأن العاقلة لا تجتمع كلمتهم ولا يضبطهم مطاع ولا عزم لهم على القتال، وبين المصنف هنا أن مراده بشوكة قطاع الطريق بالنظر لمن يخرجون عليه حيث قال (والذين يغلبون شرذمة) وهي بذال معجمة: طائفة من الناس (بقوتهم) لو قاوموهم (قطاع في حقهم) لاعتمادهم على الشوكة بالنسبة إلى الجماعة اليسيرة، وإن هربوا منهم وتركوا الأموال لعلهم بعجز أنفسهم
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548