مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٨٥
النفس الصبر) بحقه (حتى يستوفى الطرف) سواء أتقدم استحقاق النفس أم نأخر حذرا من فواته وإن قال البلغيني الذي نقوله: أن لمستحق النفس أن يقول لمستحق الطرف: إما أن نستوفي أو تعفو أو تأذن لي في التقديم، ويجبره الحاكم على أحد هذه المذكورات، فإن أبى ذلك مكن الحاكم مستحق النفس من القتل، لأنه ظهر الضرر من مستحق الطرف، وليس له عذر يمنعه من ذلك، ومستحق القتل طالب حق أثبته الله له بقوله " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (فإن بادر) مستحق النفس (فقتل فلمستحق الطرف دية) في تركة المقتول لفوات محل الاستيفاء واستوفى حقه مستحق النفس (ولو أخر مستحق الجلد حقه فالقياس) مما سبق في هذه المسألة كما قاله الرافعي في الشرح الكبير، وسكت عن حكمها في الصغير، وعبر بها في المحرر. ينبغي (صبر الآخرين) حتى يستوفى حقه، وإن تقدم استحقاقهما لئلا يفوتا عليه حقه وإن نازع في ذلك البلقيني بقوله: تبع في القياس الرافعي، وليس القياس بالنسبة إلى القطع، لأنه يمكن أن يقطع، ثم لا يفوت الجلد لأنه يمكن استيفاؤه بعد البرء من القطع، لا سيما إذا كان الطرف إذنا أو أنملة أو نحوهما. ثم شرع في القسم الثاني، فقال (ولو اجتمع) على شخص (حدود لله تعالى) كأن شرب وزنى، وهو بكر وسرق وارتد (قدم) وجوبا (الأخف) منها (فالأخف) سعيا في إقامة الجميع، فأخفها حد الشرب فيحد له، ثم يمهل حتى يبرأ منه، ثم يجلد للزنا، ثم يمهل حتى يبرأ، ثم يقطع للسرقة، ثم يقتل بغير مهملة لأن النفس مستوفاة، وهل يقدم قطع السرقة على التغريب؟، قال ابن الرفعة: لم أر لأصحابنا تعرضنا له اه‍ والأوجه عدم تقدمه، لأن النفس قد تفوت.
(تنبيه) قد علم من قوله: يقدم الأخف أنه لو اجتمع مع الحدود تعزير فهو المقدم، وبه صرح الماوردي، ومن قوله: فالأخف أن صورة المسألة إذا تفاوتت الحدود، فلو اجتمع قتل ردة ورجم زنا قال القاضي: يقدم قتل الردة إذا فسادها أشد، وقال الماوردي والروياني: يرجم، ويدخل فيه قتل الردة، لأن الرجم أكثر نكالا، وهذا أوجه ولو اجتمعا قتل وقطع الطريق، قال القاضي: قدم وإن جعل حدا لأنه حق آدمي، ولو اجتمع قطع سرقة وقطع محاربة قطعت يده اليمنى لهما، وهل تقطع الرجل معهما؟ وجهان: أصحهما نعم، وقيل تؤخر حتى تبرأ اليد. ثم شرع في القسم الثالث، فقال (أو) اجتمع (عقوبات لله تعالي والآدميين) كأن انضم إلى هذه العقوبات حد قذف (قدم حد قذف على) حد (زنا) كما نص عليه، واختلف في علته، قيل لأنه أخف، والأصح كونه حق آدمي وفائدة الخلاف تظهر في المسألة عبقها، وهي قوله (والأصح تقديمه) أي حد القذف (على حد الشرب) بناء على العلة الثانية في المسألة السابقة، ومقابلة على العلة الأولى (وأن القصاص قتلا وقطعا يقدم على الزناد) بمنى على العلة الثانية، ومقابلة على العلة الأولى، ولا يوالي بين حد الشرب وحد القذف بل يمهل لئلا يهلك بالتوالي.
(تنبيه) محل الخلاف في تقديم حد الزنا إذا كان الواجب الرجم، فإن كان جلدا قمد على القتل قطعا، ومحله أيضا في تقديم قطع القصاص على حد الزنا إذا كان جلدا، فإن رجما قدم القطع قطعا.
(خاتمة) لو اجتمع قتل قصاص في غير محاربة وقتل محاربة قدم السابق منهما ورجع الاخر إلى الدية " وفى اندراج قطع السرقة في قتل المحاربة فيما لو سرق وقتل في المحاربة وجهان: أوجهما كما قال شيخنا نعم، ومن زنى مرات أو سرق أو شرب كذلك أجزأه عن كل جنس حد واحد، لأن سببها واحد فتداخلت، قال القاضي الحسين وهو مقابل الزنيات كلها لئلا يخلو بعضها عنه كالمهر في النكاح الفاسد فإنه يقابل كل الوطئات، وهل وجب حدود على
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548