مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٩٩
سواء أعجز بتعجيز نفسه أم بتعجيز سيده لعدم اختيار السيد. فإن قيل: هو مختار في الثانية. أجيب بأنه إنما قصد التعجيز والملك حصل ضمنا. وما لو اشترى أو انهب المكاتب بعض ابنه أو أبيه وعتق بعتقه لم يسر، لأنه لم يعتق باختياره، بل ضمنا. وما لو ملك شخص بعض ابن أخيه وباعه بثوب مثلا ومات فورثه أخوه ورد الأخ الثوب بعيب وجده فيه واسترد البعض عتق عليه ولم يسر كما هو مقتضى كلام الروضة ك الرافعي قبيل الخاصة الثالثة، لأن المقصود فيه رد الثوب لا استرداد البعض. وصوبه الزركشي، ولكن المصحح في الروضة هنا السراية، وجرى عليه ابن المقري، وهو الذي يظهر ترجيحه، لأن تسبب في ملكه بالفسخ. والفرق بينه وبين ما مر في تعجيز السيد مكاتبه بأن الرد يستدعي حدوث ملك فأشبه الشراء بخلاف التعجيز. وما لو رد عليه ذلك البعض بعيب فإنه لم يسر، لأنه قهري كالإرث.
وما لو أوصى لزيد مثلا ببعض ابن أخيه فمات زيد قبل القبول وقتله الأخ عتق عليه ذلك البعض ولم يسر، لأنه بقبوله يدخل البعض في ملك مورثه ثم ينتقل بالإرث. ثاني شروط السراية: أن يكون له يوم الاعتاق مال يفي بقيمة الباقي أو بعضه كما مر، ويباع فيها ما يباع في الدين من مسكن وخادم وغيرهما على ما مر في الفلس. وإن كان المعتق مديونا واستغرقت الديون ماله كما مر في كلام المصنف حتى يضارب الشريك بقيمة نصيبه مع الغرماء، فإن أصابه بالمضاربة ما يفي بقيمة نصيبه فذاك، وإلا أخذ حصته، ويعتق جميع العبد بناء على حصول السراية بنفس الاعتاق فلا يسري على معسر. (والمريض) أيضا (معسر إلا في ثلث ماله) فإنه إذا عتق في مرض موته نصيبه ولم يخرج من الثلث غيره فلا سراية، فإن خرج نصيبه وبعض نصيب شريكه فلا سراية في الباقي. (والميت) أيضا (معسر) مطلقا، (فلو أوصى) أحد شريكين في رقيق (بعتق نصيبه) منه فأعتق بعد موته، (لم يسر) إلى باقيه وإن خرج كله من الثلث لانتقال المال غير الموصى به إلى الوارث. ثالث شروط السراية: أن يكون محلها قابلا للنقل، فلا سراية في نصيب حكم بالاستيلاد فيه، ولا إلى الحصة الموقوفة، ولا إلى المنذور إعتاقه ونحوه مما لزم إعتاقه بموت المريض أو المعلق على صفة بعد الموت إذا كان أعتق بعد الموت. ولو استولد أحد شريكين نصيبه معسرا ثم أعتقه وهو موسر سرى إلى نصيب شريكه، وقول الزركشي نقلا عن القاضي أبي الطيب لا يسري إليه بعكسه ممنوع. ويسري العتق إلى بعض مرهون، وإلى بعض مدبر، وإلى بعض مكاتب عجز عن أداء نصيب الشريك. رابع شروط السراية: أن يعتق نصيبه أولا ليعتق ثم يسري العتق إلى نصيب شريكه، فلو أعتق نصيب شريكه لغا، إذ لا ملك ولا تبعية، فلو أعتق نصيبه بعد ذلك سرى إلى حصة شريكه. وإن أعتق نصف المشترك وأطلق فهل يقع العتق على النصف شائعا لأنه لم يخصه يملك نفسه أو على ملكه فقط لأن الانسان إنما يعتق ما يملكه؟ وجهان، أرجحهما الثاني كما جزم به صاحب الأنوار كما في البيع والاقرار. وعلى كلا التقديرين لا يعتق جميعه إلا إن كان المعتق موسرا. قال الإمام: ولا يكاد يظهر لهذا الخلاف فائدة إلا في تعليق طلاق أو عتق.
تتمة: أمة حامل من زوج اشتراها ابنها الحر وزوجها معا وهما موسران، فالحكم كما لو أوصى سيدها بها لهما وقبلا الوصية معا فتعتق الأمة على الابن، والحمل يعتق عليهما ولا يقوم.
فصل: في العتق بالبعضية: (إذا ملك أهل تبرع أصله أو فرعه) الثابت النسب (عتق) عليه. أما الأصول فلقوله تعالى: * (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) * ولا يتأتى خفض الجناح مع الاسترقاق، ولما في صحيح مسلم:
لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أي فيعتقه الشراء لا أن الولد هو المعتق بإنشائه العتق كما فهمه داود الظاهري، بدليل رواية: فيعتق عليه. وأما الفروع فلقوله تعالى: * (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) *، وقال تعالى: * (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون) *، دل على
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548